رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

معتز زهران سفير مصر فى واشنطن لـ« للأهرام»:
علاقاتنا مع أمريكا «إستراتيجية» وعابرة للحزبين الجمهورى والديمقراطى
إدارة بايدن تستوعب ما يفرضه سد النهضة من تحد وتأثيرات أمنية

أجرت الحوار فى واشنطن : سحر زهران
معتز زهران سفير مصر فى واشنطن

  • الشعب المصرى قال كلمته فى «الإخوان».. ولا أحد يملى توجهات على إرادته
  • الجهود مستمرة لتطوير المنظومة الحقوقية فى مصر .. وليس لدينا ما نخشاه

 

 

تولى مهام مسئوليته سفيرًا لمصر بواشنطن وسط تحديات كبيرة تواجهها الدولة الأكبر عالميًا، فى ظل انتشار جائحة كورونا التى تفشت وتغولت فى المجتمع الأمريكي، حتى أضحت أمريكا تتصدر إحصاءات العالم فى نسب الإصابات، كما تزامن تقلده للمنصب مع قدوم إدارة أمريكية جديدة برئاسة الديمقراطى جو بايدن، خلفًا للجمهورى دونالد ترامب عقب حالة الفوضى عمت أرجاء العاصمة واشنطن.

«الأهرام» التقت السفير معتز زهران، سفير مصر بواشنطن، وطرحت على مائدة حواره الكثير من الملفات.

 

سعادة السفير .. الرئيس السيسى كان من أوائل زعماء العالم الذين هنأوا الرئيس جو بايدن بعد فوزه فى الانتخابات، ماذا يعنى هذا؟

تهنئة السيد الرئيس إلى الرئيس بايدن كانت أول رسالة تهنئة من زعيم عربى وضمن أوائل قادة العالم، وهى لفتة تعكس الحرص على خصوصية العلاقة بين مصر والولايات المتحدة، فمن أبرز السمات فى علاقاتنا الثنائية مع الولايات المتحدة أنها استراتيجية وعابرة للحزبين الرئيسيين فى الولايات المتحدة، فقد عملت مصر على مدار عقود مع إدارات ديمقراطية وجمهورية مختلفة دفعاً للعلاقات الثنائية وفى سياق ملفات عدة ومتشعبة على الصعيدين الإقليمى والدولي، وبالتالى ظل هناك تفاهم مشترك صلب حول طبيعة ومقومات العلاقات الإستراتيجية والرغبة فى ترسيخها وتوسيع نطاقها.

هل ثمة تغيير قد يطرأ على طبيعة تلك العلاقة مع تغير القيادة السياسية فى واشنطن؟

العلاقة مع الولايات المتحدة شراكة إستراتيجية بين دولتين كبيرتين؛ فمصر قوة إقليمية مركزية لا يستهان بها والولايات المتحدة قوة عالمية، وهذا التوصيف له دلالات مؤكدة تنعكس فى مجالات عدة سياسية وعسكرية وأمنية واقتصادية وثقافية، وتخدم التصور العام لمسار العلاقات تحقيقاً لأهدافنا قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى على المستويات كافة. ومنذ قدومى للولايات المتحدة فى منتصف سبتمبر الماضي، عكست اتصالاتى مع أعضاء الكونجرس من الحزبين ومسئولى الإدارة بمختلف مؤسساتها أنه لا خلاف حول هذه الطبيعة الاستراتيجية التى تخدم مصالحنا المشتركة، ولكن ذلك لا يعنى بالضرورة التطابق الكامل فى الرؤى فى بعض القضايا.

كيف تابعت مصر أحداث الكونجرس الدموية؟

تابعنا مثلما تابع العالم بأسره هذه التطورات المؤسفة التى كانت جديدة فى حدتها على الحياة السياسية الأمريكية، بل والمجتمع الأمريكى برمته، وقدمنا التعازى للولايات المتحدة على أثر وفاة عدد من المواطنين الأمريكيين خلال اقتحام الكونجرس. وهذا المشهد فى الحقيقة دق ناقوس الخطر وأعطى لمحة حقيقية للشعب الأمريكى لخطورة الجماعات المتطرفة - التى تتخذ من العنف منهجاً – وتوظيفاً واستغلالاً للتظاهرات الحاشدة لتحقيق أهدافها الخبيثة، مثلما شاهدنا من قبل ممارسات جماعة الاخوان التى كانت تستغل التجمعات السلمية للتخريب والعنف.

وماذا عن تداعيات تلك الأحداث المؤسفة؟

لاحظنا أن رد فعل الجانب الأمريكى السريع لأحداث الكونجرس كان مبرراً وبه ملامح كثيرة مماثلة لأسلوب تعامل مصر مع جماعات التطرف والإرهاب، سواء من حيث قيام الولايات المتحدة بفرض حظر التجوال ونشر الحرس الوطنى وعناصر الجيش بالشوارع والأحياء لدعم عمليات التأمين وفرض إعلان طوارئ لمدينة واشنطن وعزل قلب العاصمة بكوردون أمنى، أو من حيث ما رصدناه من اتحاد قطاعات عريضة من الشعب الأمريكي، لفظاً لهذه الجماعات المتطرفة، ولاحظنا حالة من الاصطفاف الوطنى الأمريكى الواسع رفضا لهذه الأحداث على مستوى القيادات السياسية والفكرية والإعلامية، فى مشهد أمريكى نادر.


سفير مصر فى الولايات المتحدة خلال حواره مع مراسلة «الأهرام» فى واشنطن

هناك حديث يدور حول حالة تفاؤل بين صفوف جماعة الإخوان الإرهابية بعد تولى إدارة أمريكية جديدة بما يشير على حسب زعمهم إلى أنه سيعيدهم إلى الصف مرة أخرى.. ما تقييمك لذلك؟

لا أحد يستطيع أن يملى أى توجهات على إرادة الشعب المصري، فمصر فى بداية ونهاية المطاف ليست حقل اختبار لأطروحات نظرية أثبتت التجربة فشلها، وبالتالى عدم قابليتها للتطبيق لا عملياً ولا حتى نظرياً. وأعتقد أن الإدارة الأمريكية الحالية لابد أن تكون على علم تام بما سبق، وتأخذه بعين الاعتبار فى تقديراتها، إذ أن فضح الأغراض الخبيثة لهذه الجماعة عبر إتاحة الوقائع والحقائق، هو جهد ممتد، ويلقى آذاناً صاغية وعقولاً مفتوحة استيعاباً للمنطق، خاصة مع أهمية الإدراك بأن المجتمع المصرى لا يقصى أى تيارات سياسية أو اجتماعية أو دينية، إلا إذا أخذت من الإرهاب والعنف والتحريض والكراهية منهجاً لعملها وأسلوب حياة، وهو حال أى مجتمع راشد يصبو إلى التقدم والرفعة والازدهار، بمعنى أن جماعة الإخوان هى التى انحرفت عن صحيح الدين ومسلمات الحياة الكريمة، وأقصت نفسها بنفسها عن مكونات الدولة وسلامة المجتمع وأصالة الهوية وتماسك النسيج والوحدة الوطنية وليس العكس.

تسعى جماعة الإخوان الإرهابية كذلك للعودة لتصدر المشهد إعلاميا من خلال تدشين جبهة يطلقون عليها الجبهة الثورية.. فى تقديركم هل الإدارة الأمريكية تعطى اهتماما لمثل هذه التنظيمات؟

الإدارة الجديدة مازالت فى مراحلها المبكرة، وأعتقد أن اهتماماتها وأولوياتها منصبة حالياً على تحدياتها السياسية والمجتمعية الداخلية غير المسبوقة وكذا مكافحة جائحة كورونا والتعامل مع التداعيات الاقتصادية والاجتماعية التى فرضتها الجائحة وتوابع أحداث 6 يناير، فضلاً عن تطلعاتها لاستعادة مكانتها الدبلوماسية دولياً على المستوى متعدد الأطراف وإعادة ضبط علاقاتها مع حلفائها ومواجهة تحديات دولية، وبالتالى لا أعتقد أن التطورات التى أشرت إليها تشغلها فى الوقت الراهن. ولكن المؤكد أن هناك محاولات مستمرة ومستميتة، وليست جديدة، من جماعة الإخوان لتضليل الكونجرس ومراكز الفكر والبحث والإعلام سعياً للنفاذ والتأثير،ويقومون بذلك عبر منصاته فى ظاهرها حقوقية ولكنها توظف كستار لتغليف حقيقة النوايا، وللاختباء وراءها وللتشويش عبر شعارات براقة جاذبة للديمقراطية وللحقوق والحريات، وتطويعها زيفاً وتدليساً، لتحقيق ما هو مطموس فى باطنها من أهداف سياسية مغرضة، لا صلة لها بنبل الشعارات المرفوعة. وللأسف هناك من البعض من يُخدع وينساق وراء الطعم، وبالتالى فالجهد متواصل لفضح هذا الأسلوب المكيافيلى، ونواته الغاية تبرر الوسيلة،

وضعت الإدارة الأمريكية مؤخرا حركة «حسم» على قوائم الإرهاب.. أليس هذا كفيلا للرد على تلك الجماعة بعدم رغبة الإدارة الأمريكية فى التعاطى معهم ومزاعمهم؟!

لدى الإدارة الأمريكية مستويان لإدراج التنظيمات الإرهابية على قوائمها؛ المستوى الأول يطلق عليه Specially Designated Global Terrorist وهو أدنى مستويات الإدراج ويترتب عليه عقوبات وإجراءات داخل نطاق تطبيق القانون بالولايات المتحدة. أما المستوى الثانى هو ForeignTerrorist Organizationوهو أعلى مستوى إدراج، على غرار ما يطبق على تنظيم القاعدة، وتتسع دائرة إجراءاته ليتم استهدافه حتى خارج حدود الولايات المتحدة. بالنسبة لحركة حسم الإرهابية، فما تم فى 12 يناير الماضى هو رفع مستوى إدراجها على قوائم الإرهاب الأمريكية، لتصبح أعلى مستوى إدراج، حيث سبق إدراجها فى عام 2018 طبقاً للمستوى الأول. ولا تألو السفارة جهداً لاستمرار التواصل مع الجهات المعنية على الجانب الأمريكى لكشف ممارسات جماعة الإخوان وأذرعها المختلفة.

فيما يتعلق بملف حقوق الإنسان.. هل هناك تخوف من أن يكون هذا الملف محل خلاف بين مصر والولايات المتحدة؟

هناك جهد مستمر وممتد لتطوير المنظومة الحقوقية فى مصر وكذلك فى الولايات المتحدة، إذ إن هناك علاقة تبادلية تتعلق بكيفية الارتقاء بالأوضاع الحقوقية فى الدولتين، ورأينا فى أحداث ٦ يناير فى واشنطن كيف يحتاج المجتمع الأمريكى أن يكون أكثر صلابة لتخطى تحدياته المتصلة بالحقوق والحريات المتجذرة فى المجتمع، وفيما يتعلق بالدولة المصرية فإننا لا نخشى الحديث عن هذا الأمر، بل وبالعكس، فمصر لديها تطور كبير، ولو أخدنا مثالا عن حقوق المرأة وتمكينها، فالنجاحات الموجودة فى مصر غير مسبوقة، كذلك لدينا اختراقات ونجاحات مهمة فى مجال الحريات الدينية. وفيما يتعلق بالحقوق المسكوت عنها فى العالم الغربى لاسيما الحقوق الاقتصادية والاجتماعية التى لا يتم التطرق إليها، وعلى رأسها الحق فى الحياة والحق فى التنمية والحق فى السكن والحق فى التعلم والحق فى الصحة، فإن ما تشهده مصر من تقدم فى هذه المجالات مشهود لها، أما المجالات الأخرى التى يتم التركيز عليها وهى الحقوق المدنية والسياسية، فسنجد الاهتمام المتواصل بها فى مصر بمجالس حقوقية وقومية قائمة وفاعلة، بالإضافة إلى أنه تم تشكيل لجنة عليا لحقوق الإنسان مهمتها وضع استراتيجية وطنية شاملة لحماية والدفاع عن حقوق الإنسان، وهذه الإستراتيجية فى طورها النهائى وبإعلانها ستكون بها آليات تنفيذية للارتقاء بالوضع بصفة عامة، وبالتالى فليس لدينا ما نخشاه.

كيف تقيمون تفاعل الإدارة الجديدة مع قضية سد النهضة؟

هناك بوادر ومؤشرات إيجابية تعكس استيعاب الإدارة الجديدة للتحدى الذى يفرضه سد النهضة وتأثيراته الأمنية والاقتصادية والبيئية والاجتماعية الممتدة على أمن واستقرار المنطقة، وقمنا خلال الفترة الماضية بتكثيف التواصل مع الإدارة لوضعها فى الصورة وشرح الجهود السابقة ومواطن تعثرها والتداعيات الوخيمة التى يمكن أن تترتب على استمرار النهج الإثيوبى الأحادى الحالي، الذى يبغى فرض الأمر الواقع، والتنبيه بالتالى إلى ضرورة توافر الإرادة السياسية وحسن النية فى مراحل التفاوض، التى نأمل فى استئنافها للتوصل لاتفاق مشترك ملزم قانونا حول ملء وتشغيل السد. وقد لمست شخصيا اهتماما بالاستماع إلى موقفنا. ولم تقتصر جهود شرح موقفنا مع الإدارة فقط، بل نحرص على نقلها فى جميع الاتصالات مع أعضاء الكونجرس، فى مجلسى النواب والشيوخ، وكذلك فى كل الفعاليات التى نشارك فيها بمراكز الفكر والبحث بواشنطن.

كيف ينظر المستثمرون الأمريكيون لمصر لاسيما فى توقيت تتخذ مصر فيه إجراءات احترازية كبيرة.. وفى ظل حالة الاستقرار فى مصر؟

مثل الوباء العالمى الراهن تحديا كبيرا لاقتصادات بلدان العالم جميعا، ولعل أبرز ما كان محل إشادة وتنويه ملموسين فيما يخص تعامل مصر مع الوباء، ليس فقط تمكنها من اتخاذ إجراءات احترازية استثنائية للتعامل مع هذه الظروف على النحو الذى يوازن بين المتطلبات الصحية والاقتصادية، ولكن أيضا لكون مصر قد تمكنت من تحقيق نتائج اقتصادية غاية فى التميز رغم ظروف الوباء، منها على سبيل المثال تحقيق معدل نمو إيجابى بلغ 3.6%، وهو إنجاز فريد من نوعه فى الشرق الأوسط وإفريقيا، بل ودولياً. كما لفتت مصر الأنظار لكونها الدولة الوحيدة فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التى تمكنت من الاحتفاظ بتصنيف ائتمانى إيجابى لدى كل مؤسسات التصنيف الائتمانى المهمة دوليا، بما فى ذلك موديز، وستاندرد آند بورز، وفيتش، ومما لا شك فيه أن جميع هذه المؤشرات جاءت كتأكيد جديد للمستثمرين الأمريكيين على ما يتمتع به الاقتصاد المصرى من مرونة وقدرة على التعافي، وهى كلها مؤشرات جاذبة رصدتها الشركات الأمريكية العملاقة.

كيف انعكست قوة العلاقات بين البلدين على التبادل التجاري؟

العلاقات التجارية والاستثمارية مكون أصيل فى العلاقات المصرية الأمريكية، وبها من قصص النجاح ما تستدعى تسليط الضوء عليها، ومصر هى الشريك التجارى الأول للولايات المتحدة فى إفريقيا، حيث بلغ حجم التبادل التجارى بين البلدين 8.6 مليار دولار فى 2019، كما بلغ حتى أكتوبر 2020 ما قدره 5.6 مليار دولار، منها 1.8 مليار دولار صادرات مصرية، و3.8 مليار دولار واردات من الولايات المتحدة. كما أن مصر هى أيضاً أكبر متلق للاستثمارات الأمريكية المباشرة فى أفريقيا، والولايات المتحدة هى ثالث أكبر مستثمر فى مصر، حيث يقدر حجم الاستثمارات الأمريكية فى مصر بـ 22.8 مليار دولار. وتوجد مساحات كبيرة لزيادة الاستثمارات والتبادل التجارى بين البلدين.

فيما يتعلق بكورونا .. كانت مصر من أولى الدول دعما للشعب الأمريكى فى هذه الجائحة التى أصابت ملايين الأمريكيين وأودت بحياة عشرات الآلاف منهم.. كيف كان لهذا الأمر من صدى لدى الإدارة الأمريكية؟

توجيه السيد الرئيس فى شهر ابريل 2020 بإرسال شحنات من المستلزمات الطبية والوقائية إلى الولايات المتحدة لمواجهة النقص الذى عانت منه بعض المستشفيات الأمريكية خلف صدى ايجابيا وواسعا، وعكس حالة التضامن بين مصر والولايات المتحدة والتعاون المشترك لمكافحة فيروس كورونا. الولايات المتحدة كانت قد شهدت أعلى نسبة إصابات ووفيات بسبب كورونا فى العالم، وتواجه الإدارة الحالية تحديات جمة فى هذا المضمار، ومع ذلك سبق أن قامت الولايات المتحدة أيضاً عبر الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بإرسال أجهزة للتنفس الصناعى للاستخدام فى وحدات الرعاية المركزة بالمستشفيات فى مصر، وهو ما يعكس حالة التضامن بين الدولتين بصفة عامة وفى سياق مكافحة الجائحة بصفة خاصة.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق