رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

البداية مع «الخمس أصابع» الرومانية..
فرقة العرائس تنطلق بـ «الشاطر حسن» فى الأوبرا وزيارات إلى «الأهلى» و «الزمالك»

‎محمد جلال الدين
لقاء فى منتصف الخمسينيات ــ > ..وآثار الحريق على مسرح القاهرة للعرائس [الصور ــ أرشيف الأهرام]

يرتبط شهر مارس بالكثير من المحطات الرئيسية التى أدت إلى قيام أول مسرح معنى بفنون «الدمى» أو «العرائس المتحركة»، تحت مسمى « مسرح القاهرة للعرائس» .

المقر الذى صمم طوابقه التسعة الكائنة خلف مسرح الأزبكية، المهندس ماجد مراد بتكلفة بلغت نحو مائة ألف جنيه، كان إنجازا بعد طريق طويل كان بدايته مجرد «صدفة» أو بتعبير أدق « زيارة قصيرة».

الجمهور المصرى الذى عرف الشكل الفنى القائم على المشاهد التمثيلية للدمى فى عروض «الأراجوز»، تعرف على نمط « مسرح الدمى» بشكله الحديث عندما وفدت فرقة العرائس الرومانية «تساندريكا» لتقدم عروضها نهاية الخمسينيات، وحملت عنوان « الخمس أصابع» نالت إعجابا كبيرا من جانب الجمهور المصرى، فكانت البداية.

 

 

البداية .. مع يوانا ودورينا:

وفقا للأهرام فى عددها الصادر بتاريخ 23 يناير 1959، فإن بداية قصة مسرح العرائس المصرى كانت كالتالى: «بدأت القصة فى العام الماضى عندما قررت وزارة الإرشاد تكوين فرقة العرائس.. وأرسلت إلى السفارة العربية فى رومانيا، تطلب خبيرتين فى فن الماريونت للإشراف على هذه الفرقة. وفى سبتمبر حضرت كل من مدام (يوانا كوكستنتيكو) الخبيرة فى تصميم العرائس وتنفيذها، ومدام (دورينا تافسكو) خبيرة الإخراج وتحريك العرائس».

تنقل «الأهرام» فى سياق التغطية ذاتها ما كان من صعوبات واجهت المشروع الجديد. فنقلت عن مدام دورينا شهادتها: « كانت أهم صعوبة واجهتنى هى كيف أكون هذه الفرقة، فكثيرون ليس لديهم فكرة واضحة عن فن الماريونت». وتكمل دورينا شهادتها: «فقمنا بنشر إعلان فى الصحف لاختيار أعضاء الفرقة. وتقدم وقتها 200 طالب أجريت لهم الاختبارات فنجح منهم 22 طالبا، وبعد شهر ونصف من التجارب والاختبارات الصارمة، تمت تصفيتهم إلى تسعة أفراد (ثمانية شبان وفتاة واحدة)».

التسعة كان بينهم ، فنان العرائس الأبرز صلاح السقا، والفنانون فكري أمين، ونعيمة مصطفى، و فيكتور ميخائيل، و عنتر حافظ، وإبراهيم رجب.

وعن قواعد اختيار فنان «الدمى»، نقلت «الأهرام» عن مدام دورينا سرها فى انتخاب فنانى المستقبل، فقالت: «اعتمدنا فى التصفيات على ثلاث قواعد لاختيارهم: اجادة التمثيل، والإلقاء السليم، والاذن الموسيقية. وذلك لأن المسرح العادى يستطيع فيه الممثل أن ينقل احساسه إلى الجمهور مباشرة، ولكن فى مسرح العرائس يوجد وسيط ينقل إحساسات الممثل إلى الجماهير وهى العروسة. فالممثل يصب مشاعره على العروسة، ثم تنقلها العروسة للجماهير. وهذا يحتاج إلى جهد مضاعف من الممثل حتى يكسب العروسة حياة الكائن الحى وإحساسه عن طريق الخيوط التى يحرك بها العروسة».

هذه كانت خبرة دورينا، ولكن توثيق الأهرام فى العدد ذاته يوضح كيف أن نشأة هذا الفن كانت فرعونية الأساس، فجاء في هذا العدد: « يقول «جيه. أم. بينيت» فى كتابه «تاريخ الماريونت:» أن أول عروسة فى التاريخ صنعها الأطفال المصريون من الخشب بمدينة طيبة. وذلك منذ خمسة آلاف سنة ولها مفاصل فى اليدين والأرجل، وهى موجودة الآن فى متحف اللوفر. كما كانت أحب شيء يوضع مع الطفل فى قبره عندما يموت حتى تسليه فى العالم الآخر».

أول عرض .. الشاطر حسن:

فى ما بعد مرحلة التدريب، خرج للعالم أول عرض مصرى لفنون «الدمى» فى مارس 1959. فقد شارك وقتها الفنان الرائد ناجى شاكر، العمل مع الخبيرتين الرومانيتين. فأبدع شاكر ديكورات العمل وعرائسه، ووضع الشاعر الكبير صلاح جاهين نص وأغاني العرض. وكان شاكر قد سافر خصيصا فى بعثة لاستكمال دراسته فى ألمانيا الغربية لمدة ثلاث سنوات ودرس على يد أكبر خبراء فن الدمى. كما درس فنون إعداد الأفلام التسجيلية والكارتون إلى جانب فنون الماريونت.

كشفت «الأهرام» وقتها عن تفاصيل عرض «الشاطر حسن»، فتشير إلى مشاركة 35 عروسة من تصميم ناجي شاكر تحت إشراف مدام يوانا. وقد حقق العرض الذى تم تقديمه فى «معهد الموسيقى العربية» إيرادات مرتفعة بلغت 120 جنيها فى اليوم الواحد.

توالت الأخبار السعيدة والتى نقلتها صفحات الأهرام خلال السنوات التالية، فقد حصدت فرقة العرائس المصرية الجائزة الثانية لمهرجان العرائس ببوخارست نهاية الخمسينيات، وخلال خمسة أعوام تالية، قدمت عروض «الشاطر حسن»، و«الليلة الكبيرة»، و«بنت السلطان»، و«الديك العجيب»، و«عقلة الإصبع»، و«حمار شهاب الدين».

مسيرة .. ناجحة:

ومن المحطات التالية في تاريخ فن «الدمي» في مصر، أورد «الأهرام» في عدده الصادر بتاريخ 6 سبتمبر 1963خبرا بعنوان «العرائس يدخل العباسية»، حيث كانت المرة الأولى التى يدخل فيها الفرق المسرحية مستشفى الأمراض العقلية فى العباسية ويقدم على مدار ثلاثة أيام مسرحية «حمار شهاب الدين»، ليشاهدها 4 ألاف مريض ومريضة. وتنتقل الفرقة بعد ذلك الى الخانكة لتقديم العرض ذاته. وكانت التجربة وقتها موضع دراسة للأطباء الذين يعملون فى المستشفيين.

وفى شهر سبتمبر من العام ذاته، قدم فنانو مسرح العرائس عروضهم فى الهواء الطلق فى الملعب الكبير بنادى الجزيرة الرياضى بالقاهرة، حيث يقدمون مشاهد من مسرحيتى «حمار شهاب الدين»، و»الليلة الكبيرة». وكانت هذه العروض تقدم مقابل أجر زهيد لنشر متعة وثقافة هذا الفن.

وأورد «الأهرام ما كان من تطوير هذه التجربة، فقد اجتمع الدكتور على الراعى، الناقد الأدبى الكبير، وأحمد حمروش، كاتب ومؤرخ وصالح عبدون المدير الأسبق لدار الأوبرا المصرية، وقرروا أن ينتقل مسرح العرائس الى النوادي الرياضية المختلفة بدأ بنادى الجزيرة ثم «الأهلى» و «الزمالك».

وفي العام التالي والذي شهد قيام مقر مسرح القاهرة للعرائس في شهر مارس منه، شهد أيضا سفر فرقة العرائس المصرية لتقدم عروضها للشعب اليمنى الذى كان له موعد مع مشاهدة فن العرائس العربى لأول مرة. وقتها قدمت الفرقة عروضا فى صنعاء، وتعز، والحديدة. وقضت عشرة أيام قدمت خلالها عرضها الجديد «صحصح لما ينجح» من تأليف صلاح جاهين، وتلحين الفنان محمد فوزى. كما قدمت عرضا مميزا فى صنعاء لرجال القوات المسلحة حضره 2500 متفرج. وأوردت «الأهرام» وقتها مزيد من التفاصيل حول جولة اليمن، فذكرت كيف شهدت جبال «تعز» احتشاد الجماهير التى بلغت 12 ألف متفرج. أما في «الحديدة»، فقد اقتحم الأهالى مكان الحفل فى دار سينما 26 يوليو واحتشد فيها أكثر من خمسة آلاف متفرج لمتابعة العرض. وأشادت الصحف اليمنية وقتها بالعروض المصرية.

وشهد عام 1964، إطلاق أول مهرجان قومى لفنون العرائس المختلفة، وشارك فيه فرق الماريونت والمسرح الأسود وخيال الظل والمدارس وعرائس التليفزيون ومسرح شكوكو للعرائس وفرقة جحا للعرائس .

وفى عام 1965 بدأت فرقة مسرح عرائس القاهرة رحلة طويلة تجاوزت الثمانين يوما، حكى عنها الكاتب ورائد مسرح العرائس، القطب الكبير راجى عنايت، فقال: «بدأنا برحلة طويلة إلى دول أوروبا زرنا فيها بلغاريا ورومانيا وروسيا وبولندا والمانيا الشرقية وتشيكوسلوفاكيا على التوالى .. وقد نزلت الفرقة فى 18 فندقا وقدمت 58 عرضا».

ومن الستينيات حتى السبعينيات، حيث جرت تجربة فريدة من نوعها، بتقديم مسرح العرائس المصرى 7 عروض لمسرحية «الشاطر حسن» فى العاصمة الرومانية بوخارست وبلغ عد المشاهدين خمسة الآف متفرج .. المسرحية من تأليف محمد شاكر واخراج صلاح السقا الذى قدم العروض» باللغة الرومانية».

لكن التجربة الناجحة واجهت أزمة كبرى منتصف الثمانينيات، عندما نشرت «الأهرام» خبرا حزينا فى 24 مايو 1984 عندما نشب حريق هائل بمسرح العرائس ودمرت النيران تجهيزات المسرح وصالة العرض والمخازن. وقتها أكد الفنان سعد أردش، وكيل وزارة الثقافة وقتها، سعيه لإعادة افتتاح المسرح للجمهور خلال اسبوع. ولكن بعد خمسة أشهر من حريق المسرح، طرحت وزارة الثقافة مناقصة عامة لإصلاح المسرح، ليتم إتمام ترميمه وعودته للعمل فى 22 أكتوبر 1986.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق