هوامش حرة
أشياء لا تباع

< كان استاذنا الراحل د. خليل صابات رحمه الله يقول لنا فى كلية الآداب جامعة القاهرة هناك أقلام تبيع نفسها بقروش وهناك أقلام ترفض أن تباع بملايين الجنيهات.. والفرق أن هناك موظفا تضع له بضع جنيهات فى درج مكتبه وهناك من يرفض الملايين.. وفى أسواق المعاملات تجد كل الصفقات والألوان والفرق نفوس ضعيفة قابلة للبيع وأخرى لا تباع بأى ثمن..

< كل الأشياء فى الحياة لها قدسية مثل الصلاة تماماً.. إن بر الوالدين عبادة وكلمة الحق عبادة ومقاومة الظلم عبادة والترفع عن الحرام عبادة .. وحين تصور الإنسان أن الدين مجرد طقوس وشعائر نسى أن الدين معاملة وسلوك وترفع وفضيلة..

< أحيانا أجلس أمام الشاشة أعيش مع كوكب الشرق أم كلثوم أسمع صوتها بينما تتجه عيونى إلى الحشود التى تسمعها من المصريين فى الزمن الجميل الشياكة والأناقة والترفع والذوق الراقى .. كانت أم كلثوم جزءا من منظومة متكاملة فى الصوت والأداء والكلمات واللحن والعبقرية.. قبل هذا كله كان هناك شعب يتذوق ويشعر ويقدر قيمة كل ما هو جميل.. يبدو أن الزمن استراح واخذ إجازة كما قال محمد عبدالوهاب يوما ويبدو أن الإجازة طالت..

< أحب فى تاريخ مصر الحديث فترة الأربعينيات لأنها الأرقى والأنبل والأكثر إبداعا.. وهى غير ما سبقها من الأحداث والرموز والمواهب.. الأربعينيات فى مصر أغلى وأجمل كنوز مصر الحضارية.. حين فرطنا فى الإنسان القيمة لم يبق لنا شىء نعرضه فى أسواق البشر غير الانتهازية والفهلوة والثلاث ورقات..

< معادن الشعوب تقاس بالثقافة وسلوكيات الإنسان تقاس بالأخلاق وهمة البشر يصنعها الشباب والشيخوخة ليست بالضرورة بيت الحكمة والبصيرة بالإيمان تسبق البصر .. وأسوأ الأشياء أن يرتدى الجهل ثياب الحكمة والثقافة تصنع شعباً والفهلوة تترك جهلاً والحياة مواسم وحظوظ..

< من أسوأ الأيام التى عشتها لم تكن لحظة وداع أو فراق أو ألم.. ولكن يوم سمعت من سنوات من يغنى بحبك يا حمار وتذكرت فلاحاً مصرياً بسيطاً رأيته منذ سنوات كان يركب نفس الحمار ولكنه كان يسمع الأطلال..