رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الزراعة العضوية هدف مصر الأخضر..
«الأورجانيـك» ســر الأرض

تحقيق ــ أحمد الزهيرى

  • تصل بصادرات مصر الزراعية إلى 15 مليار دولار سنويا وتعتمد على نظرية التربة والبذور والسماد العضوى فقط
  • فدان الطماطم يحقق 350 ألف جنيه وكيلو زيت التين الشوكى سعره ألف يورو
  • د. محمد مشعل : الرئيس السيسى يقف وراء ما يتحقق من قفزات فى الزراعة
  • د. خالد غانم: الخضراوات والفاكهة والنباتات العطرية والطبية فرصة لحصد المليارات
  • د .جمال صيام: مشروع الـ 1.5 مليون فدان للزراعة فرصة جيدة لتحفيز المستثمرين

قال لى صديقى الذى يتفق معى قليلا ويختلف معى أحيانا إنه فى مشوار بحثه عن مشروع مضمون يستثمر فيه،حيث استقر على الاستثمار فى الزراعة العضوية فالعائد منها يتخطى حلم الثراء من الزراعة العضوية ومحاصيلها حيث يحقق فدان الطماطم «الأورجانيك» مبيعات تصل إلى 350 ألف جنيه وكيلو زيت التين الشوكى 1000 يورو (ما يعادل 20 ألف جنيه خلاف ما يباع منه من أعلاف نتيجة العصر أما عن عائد النباتات الطبية والعطرية المميز فيها المصريون فحدث ولا حرج .

لم ينتظر صديقى ردى عليه واستطاع فى ثلاث سنوات أن يصبح واحدا من أهم مصدرى مصر للمحاصيل العضوية فى السوقين الأوروبية والعربية وكل ما احتاج إليه تربة وبذورا وسمادا عضويا.

يبدو أن «الأورجانيك» أو الزراعة العضوية هى كلمة «سر الأرض» التى كان يبحث عنها الفلاح المصرى فالزراعة العضوية التى يتنافس العالم فيها الآن بحجم تجارة وصل 100 مليار دولار.. الفلاح المصرى سيكون له نصيب الأسد مستفيدا من تبنى الدولة لها حيث يمكنه أن يحقق مكاسب خيالية .

لكن ما هى فرص مصر للاستثمار فى المحاصيل العضوية ؟ وما هى المعوقات ؟ وكيف نستثمر رغبات أوروبا والدول العربية فى الحصول على منتجاتنا العضوية؟ الإجابة لدى واضعى رؤية مصر العضوية ومن سار على هذا الدرب من الخبراء والعلماء فى مجال الزراعة العضوية .

العودة للزراعة الأولي

يمكن تعريف الزراعة العضوية «الأورجانيك» ببساطة هى العودة لفكرة الزراعة البدائية التى عرفها الإنسان «تربة وبذور» قبل هجوم المبيدات والهرمونات والهندسة الوراثية مع إضافة السماد العضوى حيث يعتمد نظام الزراعة العضوية بشكل اساسى على بقايا المحاصيل والأسمدة الطبيعية الخضراء والحشائش الضارة والسماد من روث الحيوانات.

فأمام مصر فرصة عظيمة لتدخل مجال المنافسة العالمية فى الزراعة العضوية والتى ستكون هى المسيطر الأوحد مستقبلا على سوق التصدير الزراعى فى الشرق الأوسط وإفريقيا كما يرى الدكتور محمد سالم مشعل مستشار وزير الزراعة أستاذ الاقتصاد بكلية الزراعة جامعة القاهرة وعضو مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى بوزارة الزراعة أن مصر لديها كل المقومات لذلك بداية من الكوادر البشرية الزراعية المدربة والخبراء والمتخصصين والاهم من ذلك المساحات البكر التى تتطلبها هذه المنظومة العضوية.

وفى إطار حرص مصر على أن توسع مشاركتها فى الاستثمار الزراعى فى مجال الزراعة العضوية وفقا لرؤيتها 2030 كانت البداية من توجيه الرئيس عبد الفتاح السيسى للبرلمان قانونا للزراعة العضوية الذى وافق عليه البرلمان لمسايرة قرار الاتحاد الأوروبى بوقف استيراد منتجات الزراعة العضوية من اى دولة ليس لديها قانون للزراعة العضوية بحلول ٢٠٢٠ وبناء عليه اصدر هذا القانون بما يؤهلنا لتصدير منتجاتنا للخارج وتوفير منتج عضوى «الأورجانيك» فى السوق المحلية للحفاظ على صحة المواطنين وهذه هى الخطوة التى تفتح لنا الباب لمضاعفة التصدير الزراعى عشرات المرات وفقا لخطة مصر ورؤيتها 2030 وتشجيع الفلاح للمنافسة العالمية حيث يصل سعر فدان الطماطم الأورجانيك إلى 350 ألف جنيه بعدما حقق إنتاجية فاقت الـ50 طنا مقارنة بـ 20 طنا للفدان المزروع بالطريقة التقليدية وفى حال التصدير ستتضاعف هذه الأرقام ومن المتوقع ان تصل صادرات مصر الزراعية بعد تحقيق رؤية 2030 وزيادة نسبة المساحة المزروعة بالطريقة العضوية إلى 30 مليار دولار فى ظل زيادة الطلب العالمى على المنتجات العضوية.

تغير فى الرؤية

رؤية مصر للتصدير الزراعى تغيرت من الوجود المشرف فى الأسواق إلى المنافسة فى حرب السيطرة والاستحواذ لمساحات كبيرة من سوق المنتجات الزراعية العضوية وفقا للرؤية الجديدة لها 2030 وهى فلسفة يتبناها الأستاذ الدكتور جمال صيام أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة وهو واحد ممن وضعوا إستراتيجية مصر الزراعية ويقول نحن من أوائل الدول فى إفريقيا والعالم العربى الذين ساروا فى هذا الدرب .

ففى 1977بدأت الزراعة العضوية فى مصر بمزرعة واحدة بمساحة 50 فدانًا أنشأتها شركة لإنتاج وتصنيع وتسويق الأعشاب والمنتجات العضوية وخلال الفترة 2005-2018 نمت مساحة الأراضى العضوية بسرعة بنسبة 18.2٪ سنويًا. وهو يزيد على 3 أضعاف نمو المساحة العضوية العالمية (5.6٪) خلال الفترة نفسها.

زادت نسبة المساحة العضوية إلى إجمالى مساحة الأراضى الزراعية من 0.7٪ فى عام 2005 إلى 3٪ فى عام 2018 ،. وهذه النسبة أعلى من نظيرتها على المستوى العالمى ، وتستحوذ محافظتا البحيرة والفيوم على أكثر من نصف الرقعة العضوية تليهما الإسماعيلية والوادى الجديد.

ويستكمل الدكتور صيام: فى عام 2000 وصل عدد المزارع العضوية 280 مزرعة بمتوسط حجم 31 فدانًا و بفضل سياسة الدولة والتوجيهات بلغ عدد المزارع العضوية 970 مزرعة بمتوسط حجم 285 فدانا مع العلم بأنه لا يوجد سوى عدد قليل من الشركات الزراعية أكبر من 1000 فدان، وتمثل 20 ٪ من إجمالى الأراضى الزراعية العضوية فى عام 2018 .

د. محمد مشعل - د. خالد غانم

طلب فى أوروبا

المحاصيل العضوية التى تتميز بها مصر وتلاقى رواجا عالميا وعليها طلب كبير فى أوروبا نحتاج إلى مضاعفة الإنتاج منها لعشرات المرات وفقا للسياسة التى تنتهجها الدولة فى هذا المجال فى خلال الأعوام العشرة المقبلة وفقا للرؤيا الإستراتيجية للدولة فى مجال الزراعة 2030 .

« هناك طلب كبير على الخضراوات، والنباتات الطبية والعطرية، والمحاصيل الحقلية والفواكه والمحاصيل الزيتية ومحاصيل الألياف والسكر كما يقول الدكتور جمال صيام، حيث تشغل الآن الخضراوات نحو 30% من المساحة العضوية، ومن أهمها البطاطس والبصل والثوم والفاصوليا والفلفل الحلو والحار والخيار والطماطم والكرز والكوسة. تليها النباتات الطبية ونباتات الزينة العضوية وتشغل نحو 26% من المساحة العضوية. بينما وتشغل المحاصيل الحقلية العضوية نحو 18% من المساحة العضوية. وفى مؤخرة القائمة تأتى الفواكه العضوية تشغل نحو 14% من المساحة العضوية ونحن نحتاج للقفز بمعدل الإنتاج ومضاعفته لكى نفى بطلبات الأسواق العربية والأوروبية التى لديها طلب كبير على المنتجات العضوية المصرية لثقتها فيها وكذلك لما تتميز به المنتجات المصرية من جودة واثر طيب محبوب من المستهلكين فى مختلف دول العالم .

7 ملايين فدان «أورجانيك»

وحتى نضمن مكانا كبيرا فى السوق العالمية للزراعة العضوية حدد الدكتور جمال صيام عددا من النقاط يتم العمل عليها الآن لكن نحتاج أن نسرع خطواتها

المستهدف من الزراعة العضوية والمستدامة فى إطار رؤية 2030 هو ان تصل مساحة الأراضى المزروعة فى مصر إلى 7 % من المساحة المزروعة فى مصر ويرى الدكتور صيام أن تخصيص مشروع الـ 1.5 مليون فدان للزراعة فرصة جيدة لتحفيز المستثمرين به على تبنى الإنتاج العضوى ووضع سياسات تختص بالزراعة العضوية تحدد فيها الأهداف ووسائل تطويرها على نطاق واسع

وشدد على اهمية التركيز على تنمية الأراضى الصحراوية باعتبار أن بها ممكنات التوسع فى الإنتاج العضوي.

«ووفقا لرؤية مصر 2030 يشير الدكتور صيام احد واضعيها إلى أن تحويل 20٪ من إجمالى الأراضى الزراعية فى مصر من الممارسات الزراعية التقليدية إلى الزراعة العضوية يوفر ما يقرب من 700 ألف طن من الأسمدة الكيماوية ، مما يوفر أكثر من مليار جنيه سنويًا .

كذلك استخدام قش الأرز ؛ 500000 طن سنويًا فى إنتاج الأسمدة مما يقلل من انبعاث ثانى أكسيد الكربون بنحو 32500 متر مكعب. بالإضافة لاستخدام أكثر من 20 مليون طن من المخلفات الزراعية فى تصنيع الأسمدة العضوية لتحل محل الأسمدة الكيماوية. واخيرا من المكاسب التى ستحققها مصر فى التحول للزراعة العضوية تشجيع استخدام طرق الرى الحديثة. حيث إن استخدام الرى بالتنقيط يوفر نحو 40٪ من استخدام المياه مقارنة بالرى بالغمر بما يعادل 23 مليار متر مكعب.

كما أن تطبيق أنظمة الزراعة المستدامة التى تقدم تطبيقات الطاقة الشمسية لتشغيل آلات ضخ المياه والآبار سيخفض استهلاك مصر من الطاقة الكهربائية الى أكثر من النصف.

المليارات «الأورجانيك»

96 مليار يورو هو حجم المبيعات حول العالم الخاصة بالزراعة العضوية عام 2020وهو رقم كبير متوقع أن يصل 100 مليار هذا العام يحصل عليها فى نحو 3 ملايين منتج زراعة عضوى حول العالم وفقا للاتحاد الدولى لحركات الزراعة العضوية.

هذا الرقم المشجع لخوض المنافسة العالمية لكل المستثمرين الزراعيين فى مصر لنيل حظهم منه كان حاضرا فى أجندة الأستاذ الدكتور خالد غانم أستاذ الزراعة «الأورجانيك «ورئيس قسم البيئة و الزراعة الحيوية بجامعة الأزهر فى بداية حديثة لنا .

حيث قال حدد الاتحاد الدولى لحركات الزراعة العضوية فى آخر بيان له 2020 أن المساحة فى العالم 71 مليون هكتار تحتل استراليا الصدارة فى هذا السوق تنافسها الهند وفى إفريقيا تأتى فى المركز الأول أوغندا بتجربة فريدة يجب على مصر دراستها جيدا حيث استطاعت أوغندا أن تكون فى مصاف الدول التى لها نصيب كبير فى الاستثمار فى الزراعة العضوية متخطية تفتيت الملكية الزراعية وهى المشكلة التى تعانيها مصر.

وفى الوطن العربى مصر أول دولة عرفت الزراعة العضوية لكنها للأسف هى ليست الأولى، لكن تونس عرفت الزراعة العضوية بعد مصر بنحو 20 عاما وهى اكبر دولة عربية فى الزراعة العضوية ثم السعودية والإمارات.

وتحتل مصر المرتبة الثانية وفقا لإحصائيات العالمية بنحو 288 ألف فدان تقريبا وتحتل المركز السادس إفريقيا وهو ما لا يتناسب مع عراقة الزراعة فى مصر مما دفع مصر إلى ان تضع الزراعة العضوية فى المرتبة الأولى فى رؤيتها 2030 لاقتحام تلك السوق العالمية للمنتجات الزراعية ومصر لديها محاصيل مطلوبة بشكل كبير فى أمريكا التى تستهلك نحو 40% من منتجات العالم الأورجانيك وكذلك لديها أسواق واعدة فى أوروبا وفى المنطقة العربية كلها حيث يرتفع الطلب على المحاصيل المصرية مثل الطماطم والبطاطس والبصل والخضراوات وكذلك النباتات العطرية والاعشاب الطبية وتتركز الآن الزراعة العضوية فى الفيوم وبنى سويف والمنيا وبلبيس بالشرقية وهناك مناطق واعدة فى سيوة وفى سيناء بالإضافة إلى استغلال المليون فدان من مشروع المليون ونصف المليون فدان فى الزراعة العضوية مما سيحقق أكثر من هدف أولها مضاعفة الانتاجية والعائد المادى من الفدان وتوفير حوالى 12مليار متر مكعب من المياه فى الرى، حيث تستخدم فيها طرق الرى الحديثة حيث إن كبر المساحات المزروعة سيساعد فى ذلك كما ستحسن من خصائص التربة وتقلل استخدام الكيماويات والأسمدة المصنعة التى تصل إلى صفر .

تجربة المغرب

ويضيف الدكتور خالد غانم أن فرصة مصر عظيمة فى الاستحواذ على نسبة كبيرة من عائدات الاستثمار فى الزراعة «الأورجانيك» والتصدير العالمى يساعد فى ذلك اهتمام الدولة الآن بهذا المجال من فرصة للزراعة وتسهيلات استثمارية كما يمكن الاستفادة من الإمكانات البحثية وتطويعها للزراعة العضوية مثل إنتاج تقاو وشتلات تحمل الصبغة المصرية وتصديرها وبيعها فى سوق البذور والشتلات ولدينا من الخبرات فى المراكز البحثية من يستطيع فعل ذلك مثل مركز البحوث الزراعية والمركز القومى للبحوث الزراعية ويمكن تطبيق ذلك على الأسمدة والمبيدات الطبيعية لمكافحة الآفات وأنا شخصيا عملت على ذلك وحققت نتائج مبهرة .

ويشير هنا الدكتور خالد للتجربة التى شاهدها فى المغرب فى استخراج زيت التين الشوكى والمزروع بالطريقة العضوية حيث ملحق بالمزرعة معصرة صغيرة تقوم بعصر التين الشوكى لاستخراج الزيت منه يباع كيلو الزيت بما يعادل 20 ألف جنيه بمعنى أن الفدان ينتج 3 كيلو زيت بما يعادل 3000 يورو فالعائد للفلاح من 60 ألف جنيه للفدان الواحد بالإضافة لبيع المخلفات علف اروجانيك وهى تجربة يمكن تطبيقها فى مصر بكل سهولة وتحقق عائدا كبيرا .

والنقطة الأهم التى ستساعد فى تسريع التحول من الزراعة التقليدية للزراعة العضوية هو الفلاح المصري، فالنهوض بقطاع الزراعة العضوية فى مصر وفقا لرؤيتها 2030 هو دعم المزارعين المصريين للانتقال من الزراعة التقليدية للعضوية حيث إن المحصول سيقل كثيرا فى الفترات الأولى.

أما باقى الأراضى التى لم تحول يمكن تطبيق تجربة «كوبا « بالزراعة بنظام شبه عضوى وهو له سوق ومطلوب جدا مثل النظام العضوى على عهدة الدكتور خالد غانم صاحب الأبحاث والدراسات فى هذا المجال واحد المتحمسين لدخول السوق العضوية من أوسع الأبواب التى تليق بسمعة مصر الزراعية

ولتشجيع الزراعة العضوية - الكلام للدكتور غانم - نفكر على مسارين فى وقت واحد المسار التقليدى بوضع حلول للمشاكل التى تعرقل سير التحول للزراعة العضوية بالشكل الذى تستهدفه الدولة برؤيتها 2030 وذلك بزيادة المساحات العضوية وتخصيص مساحات فى الاراضى الجديدة المليون ونصف مليون فدان للزراعة العضوية ويتم تسجيلها كزراعة عضوية وكذلك المناطق البكر مثل الواحات البحرية وفى سيوة وهى خاصة للتصدير.

أما المسار الآخر غير التقليدى لتقليل التكلفة وزيادة الانتاج فهو التدوير الذاتى للمخلفات فى مصر فلدينا وفقا الإحصائيات الرسمية 40 مليون طن مخلفات عضوية منها 15 مليون طن إنتاج حيوانى و25 مليون طن من مخلفات إنتاج نباتات زراعية يجب ان يتم تدويرها لنحصل على أسمدة عضوية توفر ما يعادل 7 مليارات جنيه فى السنة يتم خصمها من تكلفة التسميد المعدنى فى عملية الانتاج وتحسن البيئة وصحة الناس.

لم يبق أمام مصر فى جنى مليارات الزراعة الأورجانيك بعدما اقر البرلمان قانون الزراعة العضوية سوى خروج اللائحة التنفيذية التى ينتظرها الكثيرون للانطلاق فى هذه المنظومة.

 

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق