هذا خبر يستحق التوقف والفحص، أُشيِرَ إليه فى تقرير من وزارة الداخلية، نَشرته بعض الصحف الأسبوع الماضى، عن مواصلة الداخلية الحملات المكبرة على مستوى الجمهورية لإحكام السيطرة الأمنية، ومواجهة جميع أشكال الجريمة بشتى صورها، ومكافحة جميع الأنشطة الإجرامية. وأما الخبر المشار إليه فقد جاء فى تفاصيل التقرير عن أن وحدة مباحث قسم الخليفة بمديرية أمن القاهرة قد تمكنت من ضبط أحد الأشخاص، صدر ضده 88 حكم حبس جزئيا ومستأنَفا بإجمالى حبس 119 سنة و6 أشهر! بعد إدانته فى قضايا تبديد وشيكات ونصب! وقد أقرّ بالأحكام الصادرة ضده، فاتُخِذَت الإجراءات القانونية اللازمة. وقيل إنه صاحب شركة مقاولات، وإنه مقيم بدائرة قسم شرطة مدينة نصر أول.
من المهم التحرى عما وراء هذا الخبر، للإجابة عن أسئلة تُلحّ على كل من صدمته بعض التفاصيل. وأهم ما ينبغى معرفته هو كيف تمكن المجرم من مواصلة جرائمه حتى وصلت إلى 88 جريمة، فى حين أنه مُلاحَق من وحدات تنفيذ الأحكام الساعية للقبض عليه فى أحكام سابقة؟ وكيف تمكن من الهرب طوال مدة زمنية تُقَدَّر بسنوات؟ وهل كانت شركته تمارس نشاطها طوال فترة تهربه من تنفيذ الأحكام؟ ومن كان يديرها؟ وكيف تمكن من الاختفاء فى مكان مكشوف مثل مدينة نصر؟ وكيف كان يتجول؟..إلخ.
من المهم أن الداخلية قد ألقت القبض عليه قبل أن تستفحل جرائمه أكثر، كما أنها أعلنت الخبر للرأى العام. ولكن من المهم أيضا أن ندرك أن هروب مثل هذا المجرم، واستمراره فى جرائمه حتى وصلت إلى هذا الحدّ، يصبح مادة فى يد من يريدون النيل من الداخلية، بإثارة الشبهات، وتشويه الجهود، وتجاهل الشهداء. لذلك، من الأفضل أن تفتح الداخلية تحقيقا يحسم أمر الأسئلة العالِقة، ويعاقِب الموظفين الصغار إذا كان هناك من تورط، وإعلام الرأى العام بالتفاصيل. وفى كل الأحوال، ينبغى أن نتعامل مع حقيقة أن حيتان الفساد، الذين ترعرعوا فى عهد مبارك، اخترعوا كتالوجات تُسهِّل الفساد، بما يوجِب القضاء عليها.
[email protected]لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب رابط دائم: