لم تكن إجادتها لعزف البيانو فى سن الخامسة من عمرها وعشقها للموسيقى والإبحار فى دراستها محض صدفة.. لأن الظروف هيأت لرتيبة الحفنى التى ولدت بالقاهرة عام 1931، كل عوامل النبوغ والإجادة، فهى ابنة الموسيقار محمود أحمد الحفنى الذى كان أول من أدخل دراسة الموسيقى فى المدارس المصرية، كما أن جدتها لأمها كانت ألمانية الأصل وتعمل مغنية فى الأوبرا.. فحب الموسيقى دفعها للحصول على دبلوم المعهد العالى لمعلمات الموسيقى «كلية التربية الموسيقية حاليا» وذلك فى عام 1950، كما أنجزت دراسات عليا فى الفن الشعبى من جامعة «هومبولدت» ببرلين من عام 1954 حتى 1968، بعدها حصلت رتيبة على دبلوم متخصص فى قيادة الكورال وتعليم الغناء الأوبرالى من معهد «كراينر» للغناء من مدينة لوكسمبرج الألمانية عام 1955, وهذا المؤهل يعادل درجة الدكتوراة المصرية.
كل تلك الدرجات العلمية أهلتها وظيفيا من معيدة بالمعهد العالى لمعلمات الموسيقى عام 1950 إلى توليها رئيسة البيت الفنى للموسيقى والأوبرا عام 1980 وتعد رتيبة الحفنى أول سيدة تتولى رئاسة دار الأوبرا المصرية الحديثة عام 1988 وحتى 1990 وخلال رئاستها استطاعت أن تؤسس مهرجان الموسيقى العربية وتشرف على تقديم صور غنائية لرواد الطرب الأصيل مثل محمد القصبجى وسيد درويش وسيد مكاوى، كما تمكنت من تأسيس أول كورال للأطفال فى مصر عام 1961 وكل من فرقة أم كلثوم للموسيقى العربية وفرقة الإنشاد الدينى. لم تكتف أيقونة الأوبرا المصرية بتلك الإنجازات حيث تركت لنا مؤلفات، من أبرزها «الموسوعة الموسيقية الميسرة» وتتكون من 50 جزءا، ومن مؤلفاتها أيضا: « محمد عبد الوهاب: حياته وفنه».
أشرفت رتيبة الحفنى على كل ما يتعلق بالموسيقى فى البرنامج الثانى بالإذاعة المصرية من عام 1957 حتى 1960، وبنفسها أعدت وقدمت برنامج الموسيقى العالمية بالتليفزيون منذ عام 1960. كما استمرت فى تقديم برنامج الموسيقى العربية بالتليفزيون أيضا لمدة 22 عاما، ليصبح من علامات العمل التليفزيونى المصرى. ولم تنس أن تعد مسلسلا تعليميا للأطفال من 30 حلقة باسم «اللحن المفقود» ، الا أن رتيبة الحفنى حازت شهرتها العالمية من خلال أدوار البطولة فى النسخ المصرية من أعمال الأوبرا العالمية، وأبرزها توليها بطولة «أوبريت الأرملة الطروب» فى الستينيات، كما جابت بهذه الأعمال العواصم الأوروبية بالإضافة إلى أمريكا. تكللت جهود الفنانة رتيبة الحفنى بحصولها على جائزة الدولة التقديرية فى العلوم والآداب من المجلس الأعلى للثقافة فى عام 2004. لتغادر عالمنا فى سبتمبر 2013 بعد أن تركت إرثا لا يضاهيه إرث فى عالم الموسيقى والأوبرا.
رابط دائم: