رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

كنزه الكانز

د . هشام قاسم;

ساه والده عامل شركة النظافة بمحطة مترو المرج، وسبقه إلى الصندوق الأزرق ببداية رصيف المحطة يلتقط علب «الكانز» المعدنية للمياه الغازية ويجمعها فى حقيبته البلاستيكية، ثم يسبقه إلى الصندوق الذى يليه.

عندما وصل إلى آخر الصناديق بالمحطة ولمَّ ما به جلس بالمقعد المجاور. قبض على واحدة بأنامله الدقيقة عظام بلا غطاء لحمى، ووضعها بين فخذيه. مال بأخرى عليها مفرغاً بها ما تبقى من محتوياتها. أفرغ أخريات متنوعة النوع بالأولى المحصورة بين فخذيه.. حتى ملأها وفاض المشروب على جدارها. أخرج «شفاطة» بلاستيكية كان طلبها من صاحب محل العصير المجاور للمحطة.

ضحك الرجل الواقف منذ الصباح وهو يصب العصير بالكوب:

لماذا تريدها؟.

أشرب بها علبة الكانز.

قال البائع وهو يرفع علبة عصير أمامه نحو فمه:

أشربها كذلك.

لا أنا أريد أشربها بشفاطة.

كان قد شاهد سيدة تركب عربة فارهة تشربها بشفاطة.

وأين هى تلك العلبة؟.

أعطنى واحدة.

بيع و شراء؟

لا.. كده لوجه الله.

أنت طماع يا ولد.. لوجه الله سأعطيك شفاطة مجاناً.

يرتشف بعمق كأنه يشد نفساً من النرجيلة ثم يدفعه فيقرقر المشروب قرقرة. يرفع عيناه ليبتسم لمن يركز نظره عليه ثم ينكب على علبته شافطاً جرعة أخرى. يعود بعدها رافعاً رأسه باحثاً عمن يراه.. فإذا وجده - كما كان ناظرا نحوه - صارت الابتسامة ضحكة، فإذا بادله الضحك ازدادت انفراجة فكيه، وارتفع الأخدودان حول الفم حتى اختفت معالم وجهه الضئيل، وصار ضحكة تعلوها عينان ضاقت من الانفعال. إذا لم يبادله سحبها على الفور، وعاد إلى رشف المشروب بعمق أكبر محدثاً قرقرة أعلى لعله ينتبه ضاحكاً، ويشاركه حفله بعلبته.. أو ينفعل غاضباً، ويعبر عن تقززه فيرد هو بضحكة ساخرة ممتدة معاوداً الرشف بقرقرة أعلى.

ألقى بالعلبة التى كانت ممتلئة عن أخرها ثم فرغت بالصندوق الأزرق. أحتفظ بما تبقى من علبه بما بقى بها من مشروب عند قيعانها بحقيبته البلاستيكية ليعاود تكوين أخرى ممتلئة امتلاءً تاماً ليرشفها بشفاطته بالناحية الأخرى ببداية رصيف المحطة.

انطلق على حافة الرصيف حتى لا يصطدم بالجالسين بالمقاعد نحو بدايته مجنحاً بذراعه الأيمن.. ضاماً كنزه حول صدره بالأيسر. تعلو صفارة القطار، ويظهر ضوؤه ويشتد، وتتأرجح عرباته على القضبان متقدماً نحو المحطة. الصبى فى فرحته لا يعبأ بالقادم من خلفه.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق