رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

أمين عام مجمع الفقه الإسلامى الدولى لـ « للأهرام»: التجديد فى فهم الدين ضرورة دينية وفريضة اجتماعية

أجرى الحوار فى جدة ــ مختار شعيب
د. قطب مصطفى سانو أمين عام مجمع الفقه الاسلامى الدولى

  • نعتز بتراثنا من منطلق لا تقديس ولا تدنيس .. لكن بعضه لم يعد صالحا لظروفنا وواقعنا

 

حين تأسس مجمع الفقه الإسلامى التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامى فى عام 1981 هدف منذ البداية إلى تحقيق التلاقى الفكريِّ والتكامل المعرفى بين فقهاء المذاهب الإسلامية، وإبداء الرأى الشرعى وترجمته فى الموضوعات التى تتصل بالواقع، مع تشجيع الاجتهاد الجماعى فى قضايا الحياة المعاصرة ومشكلاتها، واختيار الآراء الفقهية التى تحقق مصلحة المسلمين أفرادا ومجتمعات ودولا بما يتفق مع الأدلة ويحقّق المقاصد الشرعية، فضلا عن نبذ التعصب المذهبى، والغلو فى الدين، وتكفير المذاهب وأتباعها بنشر روح الاعتدال والوسطيَّة والانفتاح والتسامح.

ومنذ أشهر قليلة تولى د. قطب مصطفى سانو أمين عام مجمع الفقه الاسلامى الدولى، خلفا للراحل د. عبدالسلام العبادى، الأمين السابق ووزير الأوقاف الأردنى الأسبق، والرجل الذى يجيد أربع لغات تحدثا وكتابة، وصدر له 21 كتابا، من مواليد كوناكرى عاصمة جمهورية غينيا الواقعة فى غرب إفريقيا كان لـ «الأهرام» معه هذا الحوار حول العديد من القضايا.. فإلى الحوار:

 

يحمل مجمع الفقه الإسلامى الدولى على عاتقه مهمة تجديد الخطاب الدينى وتنقيته من كثير من الشوائب، فما هى جوانب هذه المهمة؟

مجمع الفقه الإسلامى الدولى هو أحد الأجهزة المتخصصة بمنظمة التعاون الإسلامى ومقره فى جدة، ويضم فى عضويته فقهاء وخبراء من 57 دولة إسلامية، والتجديد هو أحد أهم أهداف المجمع ومشروعاته، لأن التجديد جزء من ديننا، التجديد هنا هو تجديد فى فهم الدين وليس فى الدين نفسه، فالفهم هو الذى يتجدد متأثرا بالظروف زمانا ومكانا وواقعا معاشا، وبالتالى فالتجديد ضرورة دينية وفريضة اجتماعية وزمنية ترتبط بمقتضيات العصر وظروف الواقع، وهدفه تفعيل التدين وتمكين الناس من فهم الدين بيسر وسهولة، كما فى تجديد فقه المعاملات المالية والعقود وتعليم وعمل المرأة، ومن يرفض ذلك بعيد عن الواقع، فالتجديد هو رؤية كلية ذات بعد تنموي، لأن التقدم فى الفكر الدينى ليواكب الواقع مع المحافظة على الأصول والثوابت سيدفع إلى نهضة شعوبنا اقتصاديا واجتماعيا وعلميا.

هل لديكم تعاون فى هذا الأمر مع المؤسسات الدينية فى مصر؟

نعم، وسنبرم اتفاقا قريبا مع الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية لتوظيف الفقيهات المصريات المتمكنات فى أروقة المجمع وفى مهامه ومشروعاته المتعددة فى دول العالم التى بها أقليات مسلمة، وسوف نستعين بهن فى إطار جهودنا ورسالتنا التى تعكس وسطية الدين الإسلامى واعتداله فى مختلف ربوع العالم .

يمثل بعض التراث الفكرى الإسلامى مشكلة، ويستغله من يسعون لتشويه صورة الإسلام الصحيح، كيف واجه المجمع هذه المشكلة؟

نحن فى المجمع عندنا شعبة المخطوطات التى تقوم بمراجعة التراث الفقهى الإسلامى على مر العصور فنحن نعتز بتراثنا من منطلق لا تقديس ولا تدنيس له، لكن لابد من المراجعة بشكل يتسق مع الواقع وتغير الظروف، فبعض هذا التراث لم يعد صالحا لظروفنا، وكثير من مسائله لم تعد قائمة فى زماننا، فأنا لا أؤمن باستيراد الفتاوى ولا بتصديرها، فالفتوى محلية الصنع ومحلية الاستهلاك، وهى تساوى الدواء، والدواء لا يعطى إلا بوصفة وتشخيص، وقد يكون مناسبا ومفيدا للشخص (أ) لكنه لن يفيد الشخص ( ب)، وبالتالى فبعض الفتاوى القديمة التى مضى عليها قرون أو حتى عقود قد لا تصلح الآن فى نفس البلد الذى صنعت واستهلكت فيه، فما بالك ببلدان أخرى تختلف فى عاداتها وظروفها.

ومن ثم، ففتاوى ابن تيمية والشافعى وجميع فقهاء الأزمنة الماضية قد لا تصلح فى واقعنا المعاصر حتى فى البلاد التى قيلت فيها، فالظروف الآن مختلفة عما حدث من عدة قرون أو عقود، لكن مثل هذه الفتاوى يمكن أن تدرس ويستأنس بها فقط وليس شرطا أن يؤخذ بها، فلا يمكن التعامل مع تلك الفتاوى بعيدا عن السياقات التى نشأت فيها.

كيف واجه المجمع المحاولات الساعية للصق تهمة التطرف والإرهاب بالمسلمين دون غيرهم من شعوب العالم؟

يوجد فى العالم أكثر من 2500 تنظيم متطرف وأكثر من 400 تنظيم إرهابى يمارس العنف، تنتمى تلك التنظيمات لثقافات وحضارات وأديان مختلفة، نصيب العالم الإسلامى منها لا يتجاوز الـ 18% والباقى ينتمى لأديان المسيحية واليهودية والبوذية والهندوسية، وبالتالى لابد من إصلاح التعليم وتجديد الفكر الدينى والثقافة العامة لدى كل الشعوب وغرس قيم الاعتدال والتسامح وقبول الآخر وهذا ما يعمل عليه المجمع.

كيف ينظر المجمع لتنظيمات الإخوان والقاعدة وداعش ونظيرتها الشيعية؟

لأننا نضم فى عضويتنا 57 دولة إسلامية فيها تعدد للرؤى والمذاهب، فالمجمع لا يصدر أحكاما عامة وإنما أحكام خاصة بكل حالة، ففيما يتعلق بالقاعدة وداعش، فهؤلاء هم خوارج العصر، لأنهم يمارسون القتل باسم الإسلام وهو منهم براء، فهم خارجون عن الملة وهذا ينطبق على داعش والقاعدة، أما الموقف من الإخوان فهو مطروح للنظر للبت فيهم، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخوارج «إنهم يقرأون القرآن ولا يجاوز حناجرهم، ويمرقون من الدين مروق السهم من الرمية».

بعض المجتمعات المسلمة خارج دول العالم الإسلامى تعانى الاضطهاد كما فى حالة الروهينجا وغيرهم كثير، ما الذى قام به المجمع فى حفظ حقوق هذه المجتمعات؟

دور المجمع هو التواصل مع الدول التى بها أقليات أو مجتمعات مسلمة ومع هذه المجتمعات أيضا، وذلك للحفاظ على هوية هذه المجتمعات، وأن تقبل بهم سلطات الدولة وبشعائرهم، وأن يقبلوا هم الاندماج فى الدولة والمجتمع الذى يعيشون فيه، أما فيما يتعلق بقضية الاضطهاد كما فى حالة الروهينجا وغيرهم فالمجمع لا يقبل به ونحن نرفض انتهاك كرامة الإنسان أيا كان دينه أو عرقه أو لونه، لأن الله كرمه فأحسن تكريمه، كما نعمل على مواجهته بالطرق المشروعة وبتقديم كل صور الدعم للأقليات المتضررة فى مواجهة العدوان عليهم.

ما جهود المجمع فى تصحيح الصور النمطية السلبية عن الإسلام والمسلمين فى الغرب؟

نحن نسعى مع كل المؤسسات الإقليمية والدولية لتأكيد وترسيخ الدعوة إلى العيش المشترك واحترام الشعائر والرموز الدينية وشخصية وثقافة كل بلد وشعب، كما نتواصل مع المؤسسات الرسمية والعلمية فى الدول غير الإسلامية لتوضيح هذه الحقائق ومواجهة الإسلاموفوبيا، كما نتواصل مع المؤسسات الإعلامية المختلفة على المستوى العالمى لتصحيح كثير من التصورات الخاطئة عن الإسلام والمسلمين ومصادره ومرجعياته.

ما دور المجمع فى مسألة التلاقى الفكرى بين المذاهب الإسلامية المختلفة، وهل هناك تعاون بينكم والأزهر بمصر فى هذا المجال؟

نعم، نعمل على التقريب والتلاقى بين المذاهب الإسلامية الثمانية المعترف بها، الأربعة السنية والمذهبين الشيعيين والمذهب الإباضى والمذهب الأوزعي، فالمجمع هو الوحيد فى العالم الذى يتكون من هذه المذاهب الثمانية، ولكل منها ممثلون عنه من فقهاء وخبراء ومرجعيات، فمساحات الاتفاق بينها كبيرة على أصول العقيدة وأركانها وثوابتها وهى تشكل ما يزيد على 85%، ومشكلتنا كمسلمين أننا نركز على المختلف عليه ونشعل المعارك الفكرية والفقهية حوله ونترك مساحات الاتفاق وهى كثيرة جدا، وللأسف هناك من يزكى هذه الخلافات لتتحول الى مشاحنات وصراعات وحروب، وهو أمر يرفضه المجمع انطلاقا من ثوابت العقيدة، خاصة أن المذاهب الثمانية تتفق على الأصول وتقف عليها وعلى الكليات، أما الخلاف فهو فى أمور فرعية وتفصيلية.

جهود المجمع مشهودة لكن ينقصها الدعم الإعلامى الواسع، هل يمكن للمجمع أن ينشأ شبكة للتعاون فيما بينه وبين المؤسسات الإعلامية والصحفية الكبرى؟

نعم، وسوف نعكف خلال الفترة المقبلة على خلق مزيد من قنوات الترابط مع المؤسسات الإعلامية فى الدول الإسلامية والدول غير الإسلامية، لذا يسعدنا أن نوقع بروتوكول تعاون أو اتفاقية مع مؤسسة الأهرام العريقة للاستفادة من تنوع وتعدد منصاتها الإعلامية فى توصيل رسالتنا هذه لما لها من مكانة وتاريخ ونتطلع لتوثيق هذا التعاون فى أقرب وقت ممكن.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق