رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

التغير المناخى و«كوفيد - 19»

هناك ظاهرتان، لا تدلان على الأمر نفسه، ظاهرة التغير المناخي، من فعل الطبيعة بالتزامن مع تغير مدار الأرض حول الشمس، فى فترات جليدية ودافئة متكررة. وعليه يتأهب كوكبنا، خلال عقود قليلة،لاستقبال عصر جليدى مصغر، بدلالة تزايد العواصف الثلجية بالمنطقة المعتدلة واشتداد قسوتها بالمناطق الباردة. والظاهرة الأخرى الاحتباس الحراري، داخل طبقة التروبوسفير «من منسوب سطح البحر حتى ارتفاع 16 كم»، من فعل البشر بالتلازم مع تزايد الانبعاثات الكربونية «مليارات الأطنان سنوياً» من احتراق الوقود الأحفوري، وتجريف الغابات والتوسع الحضرى والتصحر وغيره، وما يصاحبها من تغيرات مناخية بالغلاف الجوى والمحيطات، ومردود ذلك على المحيط المعيشى للإنسان والكائنات الحية.

تمثل الميكروبات والفيروسات «الكائنات الدقيقة» الأغلبية غير المرئية فى أشكال الحياة على الأرض، ومنها النافع والضار والفتاك بالبشرية، ولهذه الكائنات أهمية فى الحروب الخفية للدفاع عن الطبيعة من التعديات الجائرة. وتشير الأدلة البيئية للنقاء النسبى مما يلوثها فى الماضى «قبل الثورة الصناعية» إلى اختلافات مفزعة لأشكال التلوث فى الحاضر، ودورها فى انتشار الأوبئة بالمناطق الإيكولوجية الجغرافية، تحت تأثير درجة الحرارة والنباتات وغيرها، وتحديد الموائل المضيفة أو الناقلة، وتوزيعات خطر الانتشار الوبائى «المكانية والزمانية»، حيث تقتل الملاريا مليون نسمة على الأقل سنوياً، وأيضاً الإنفلونزا الموسمية وغيرها. وتؤدى حركة البشر وأنماط السفر المعقدة إلى تضليل مكانى لمسارات العدوى والتعرض للإصابة، بما فى ذلك العامل المسبب للمرض، الأمر الذى جعل حكومات دول العالم تغلق أجواءها وحدودها للتخفيف من انتشار فيروس كورونا المستجد «كوفيد-19». ويشهد سكان الأرض تحولات فى الخصائص الديموغرافية، لها من التأثير على توزيع الأمراض البشرية أكثر من مثيلتها الإيكولوجية، بعد النمو السريع لفئة كبار السن «65 سنة فأكثر» وتفوقها على عدد الأطفال دون سن الخامسة «2018»، ومن المتوقع تخطى هذه الفئة المهمة عدد المراهقين والشباب «15ـ 24 سنة» مع حلول عام «2050»، وفيه يتجاوز عدد السكان «9٫5» مليار نسمة، وسيكون نصف النمو السكانى من تسعة دول فى ثلاثة قارات «آسيا وأفريقيا وأمريكا الشمالية»، ومنها مصر بعد إندونيسيا وقبل الولايات المتحدة «الأخيرة»، حسب الترتيب التنازلى للزيادة. وينمو عدد سكان إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بمقدار الضعف، ويزيد حجم المنطقة العربية لنحو «650» مليون نسمة، ، وتبقى أوروبا المنطقة الأكثر قلقاً من تراجع النمو البشرى فيها، والحل فى تشجيع موجات المهاجرين واللاجئين.

تسبب وباء كورونا فى خسائر جسيمة بين كبار السن بكثير من دول القارة العجوز وأمريكا، وتؤكد الأرقام بدراسة أمريكية أن نسبة الوفاة بين هذه الفئة بلغت «60» ألفا فى المليون، بينما لا تزيد هذه النسبة على «3» فى المليون بين الفئة العمرية «10ـ 20 سنة»، وبذلك يتعرض هؤلاء المسنون لنوع من الانتخاب الفيروسي. وتضيف دراسة بريطانية جنس الشخص،كأحد عوامل الخطورة القوية، وزيادة احتمالية الوفاة بمقدار الضعف بين الرجال عن النساء، مما قد يؤدى لمزيد من التحولات الديموغرافية.

وليس هناك يقين فى علاقة انتشار مرض «كوفيد-19» بالتغيرات المناخية الآنية، حيث يحتاج الأمر إلى دراسات بحثية معمقة، من الجهات الدولية المعنية بالاشتراك مع الخبراء المحليين ومراكز الأبحاث والجامعات وغيرها. وكذلك مخاطر الترددات الكهرومغناطيسية، وشبكات الجيل الخامس والسادس، فى مجال الاتصالات عن بعد، والأبحاث العسكرية السرية للهيمنة على العالم. وننتظر من الحكومة المصرية تكوين كيان مؤسسى مستقل لمجال الفيروسات، ومعامل نوعية متطورة مرتبطة بالشبكة العالمية للرصد والإنذار، ووسائل التدخل السريع للوقاية وحماية السكان، والمساهمة فى الأبحاث السريرية، وإنتاج الأمصال واللقاحات الوطنية، وتكثيف برامج التوعية والتثقيف العام للحد من مخاطر الأوبئة.


لمزيد من مقالات د. حمدى هاشم

رابط دائم: