مذ دخلناها ممهورين بقهر الأزمنة ورعاف التاريخ لم نجد فيها غير الأمومة وطنا وغير الشجن سكنا..
وقبل أن تكون محجة المضطر وملاذ الشجى فإنها ولا ريب أحد أهم المحطات التى تشكلت معها وبها مكونات الهوية .وهى كذلك بالنسبة لى وجيل كامل من أبناء عمومة الثورتين 23 يوليو 52 و26 سبتمبر 62 والتى يطلق عليها ايضا حرب اليمن، وهما يومئذ حاضرتا نضال حقيقى استهدف أعداء معلومين وذهبتا معا متجاورتين إلى آخر مسار من مسارات العمل الوطنى وزخم الحماس القومى الأصيل..
......................
فعلى حين عدّت الاولى لبنة رئيسية فى صرح حركة التحرر العربى وحركة الحياد وعدم الانحياز غدت الاخرى متوجة نضالات اليمنيين للتحرر من المستعمر الأجنبى والخلاص من الكهنوت الامامى البغيض وكما هو معلوم فلم تك الثورة السبتمبرية فى بلادى لتنتصر لولا مصر كل مصر قيادة وشعبا شجرا وحجراودما وماء.
ما الذى حدث اذا...لا أحد كان بمقدوره التنبؤ ولم يك واردا فى الاذهان أن التاريخ فى ممراته الضيقة سيلقى باليمن فى آتون محرقة كالتى جرت ويدعها على السفودفوق ما يحتمل وأكثر مما يطاق.
الحديث ليس ذا شجون فما يعتمل على امتداد الساحة الوطنية اليمنية شمالها وجنوبها شرقا وغربا يستدعى وقفات جادة على غير صعيد.
بيد أن المختبئ فى ادغال التاريخ لن يحول و ترتيبات القدر التى لم يدرك كنهها بعد إذ تشرئب الاعناق مجددا لدور ومواقف مصر وكذلك يكون حال جيلنا وهو يتذكر بكل الاعتزاز والعرفان بصمات الشعب العربى المصرى وكيف جرى الانصهار العظيم فى مصب الدم وفى بوتقة الثورة والثقافة والنغم..
لا ريب أن التحديات المشتركة والمصير العربى الواحد يستحثان قوة مصر ونفوذها الإقليمى والدولى لمضاعفة جهدها المعتبر فى سبيل اليمن والدفاع عن مكتسبات ثورته الواحدة ــ سبتمبر واكتوبر ــ وبصدارتها الوحدة والحرية والسيادة .
دور مصر فى هذا الشأن لا تمليه عاطفة عابرة لكنه يقع فى صميم المسئوليات الملقاة على كاهل المركزاقصد شوكة الميزان فى كل تسوية وياما صراع
أتحدث من مصر عن مصروهى اليوم على نحو مارأيت فى أزهى مراحلها حركة وتنمية ونهضة وهو الأمر الذى يجعلها مدعوة اكثر من كل ايام الله الخوالى لاجتراح مأثرة الحضور المقتدر فى قلب الأحداث التى تعصف باشقائها العرب وبمقدمتهم اليمن .
لكن !! لم تكن اليمن فى المقدمة .؟
على ربوة مخيفة فى العاصمة صنعاء يطل نصب تذكارى شامخ وعظيم لشهداء مصر الميامين الذين قدموا أرواحهم فى سبيل الدفاع عن ثورة سبتمبر ..وأكاد اسمع صيحاتهم المدوية هادرة متوعدة..بل أكاد اشهد انبعاثهم من الاجداث، انهم مثلى تماما وانا استرجع صوت احمد سعيد المفعم بنشوة الانتصار ،المؤذن بدحر قوى العدوان والظلام..
> كاتب وشاعر يمنى
رابط دائم: