أثبتت الدراسات المرتبطة بسوق العمل دوليا خلال الـ 10 سنوات الأخيرة أن أكثر من 60% من خريجى الجامعات فى إفريقيا لا يوفون باحتياجات سوق العمل الحديثة، والتى تتطلب أنماطا جديدة من الخريجين، لديهم القدرة على دمج المعارف، والتعامل مع التكنولوجيا المختلفة والمتنوعة، لذلك اتجهت مصر فى الآونة الأخيرة إلى الاهتمام واسع المدى ببرامج الدراسات البينية، التى تتوافق مع احتياجات سوق العمل المحلية والدولية المستقبلية، وذلك فى إطار تحقيق خطة التنمية المستديمة لمصر 2030.
وفى هذا الإطار، توضح الدكتورة إيمان النشار، عميدة كلية الدراسات العليا والبحوث البينية بجامعة حلوان، أن مفهوم برامج الدراسات البينية قائم على فكرة المزج والدمج بين اكثر من تخصص علمى، لتكوين وتشكيل تخصص علمى جديد له هوية مستقلة ومنفصلة عن أى مجال علمى آخر من المجالات الاصلية التى ساعدت فى تشكيله، وهذا المجال الجديد الذى تم تشكيله من اهم سماته انه مجال مرن يسمح بمشاركة خبرات غير الأكاديميين، والاستفادة منها فى تعليم الطلاب، وبذلك فإن المعرفة فى البرامج البينية تجمع بين الخبرة الأكاديمية وخبرات أصحاب الأعمال والمستفيدين بمختلف نوعياتهم، ويتم اللجوء إلى هذا الدمج للمعرفة من مجالات علمية مختلفة نتيجة الحاجة الملحة لإعداد كوادر ذات طبيعة خاصة تلبى المستحدثات للاحتياجات المحلية والدولية فى سوق العمل.
وتضيف قائلة إن لهذه البرامج البينية فى مراحل الدراسات العليا أهمية قصوى فى النهوض بمنظومة البحث العلمى، حيث تأتى الحاجة الملحة للدراسات وبحوث بينية لمواجهة مشكلات عالمية ومحلية مركبة، مثل العشوائيات والتلوث وارتفاع معدلات الانبعاث الحرارى.
وتقول عميدة كلية الدراسات البينية إن خريج هذه البرامج يتسم بقدرته على الابتكار، ولديه مهاراته العالية فى الدمج والمزج والتفاعل والتكامل بين الامور وبعضها، وينظر بزاوية متعددة ومختلفة للموضوع الواحد، وتركيبته النفسية غير متحيزة لتخصص أو مهنة أو مؤسسة، حيث أثبتت الدراسات العالمية أن التحيز المهنى أو المؤسسى من أكبر معوقات الابتكار.
وتضيف أن البرنامج البينى يكون خارج حدود التخصصات ويدار بإدارة مشتركة لايوجد فيها تخصص سائد أو مسيطر على باقى التخصصات، لافتة إلى أن هناك فرقا كبيرا وخلطا شائعا بين برامج الدراسات البينية وبين البرامج متعددة الأنظمة، التى تقوم على إضافة مقرر أو تخصص معين إلى برامج وتخصصات كلية بعينها ويكون التخصص الجديد موازيا لتخصصات الكلية ومنفصلا عنها.
وتوضح أن برامج الدراسات البينية تمزج وتدمج بين جميع التخصصات فى مجالات العلوم الإنسانية ومجالات العلوم الطبيعية، وفقا لاحتياجات سوق العمل محليا ودوليا، وليست مقتصرة على تخصصات بعينها.
وتشير إلى أن من ضمن البرامج البينية فى الكلية، يأتى برنامج «معلوماتية الرعاية الصحية والبيانات الإكلينيكية»، الذى يمزج بين نظم المعلومات والطب والتمريض، وإن هناك برنامجا آخر يطلق عليه «الابداع وتنمية الصناعات الثقافية» يمزج بين الفنون والسياحة والإعلام وإدارة الأعمال، وبرنامج «التوجيه والإرشاد المهني» يمزج بين علوم التربية والأنثروبولوجى والادارة وعلم النفس.
رابط دائم: