رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الأخوة الإنسانية وحماية المواقع الدينية

يومًا بعد يوم تؤكد الدولة المصرية، وقيادتها السياسية، انفتاحها وسماحتها، ورغبتها فى دعم وترسيخ قيمة التعددية والتنوع، التى يتميز بها المجتمع المصري، باعتبارها حالة ثقافية وحضارية تتسم بالغنى والثراء، وتمثل قيمة مُضافة للمجتمع ككل، تفيد ولا تضر، تبنى ولا تهدم، وهى حالة أصيلة عاشتها مصر منذ قرون بعيدة، حين عرفت المدن المصرية وقراها ظاهرة التنوع الديني، من مسلمين ومسيحيين ويهود، وتنوع الجنسيات أيضًا، حيث عاش فى مصر الكثير من العائلات العربية والجاليات الأجنبية، وبرز من بينهم كثيرون فى مجالات الطب والهندسة والصحافة والتأليف والترجمة والمسرح والسينما، وفى غيرها من حقول معرفية ومجالات إنسانية، مُحققين الكثير من النجاح، حتى أضحى البعض منهم مصرى الهوى والهوية. مشهد جديد يؤكد حرص الدولة المصرية على احترام وقبول حالة التعددية والتنوع، يقدمه لنا الخبر الذى نشرته جريدة (الأهرام) الغراء فى صفحتها الثالثة صباح السبت 23 يناير الماضي، وهو خبر يحمل دلالة بالغة لكل العاملين على تحقيق مبدأ المواطنة وما يرتبط به من قيم واعتقادات وممارسات تظهر فى المعاملات اليومية بين المواطنين بعضهم بعضًا، وتتجلى أيضًا فى تعامل المواطنين مع مختلف مؤسسات الدولة، ومن جانب آخر تعامل تلك المؤسسات مع المواطنين على قدم المساواة دون تفرقة ودون تمييز. يذكر الخبر، الذى كتبه الأستاذ إبراهيم السخاوي، أن الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتمدت قرارًا قدمته مصر والسعودية والمغرب، بالاشتراك مع عدد من الدول الشقيقة والصديقة، تحت عنوان «تعزيز ثقافة السلام والتسامح من أجل حماية المواقع الدينية»، وأوضح السفير محمد إدريس مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة أن القرار يأتى على خلفية تصاعد حالات التعصب الدينى والتمييز على أساس الدين، وتزايد الحاجة إلى تعزيز قيم التسامح والتعايش المشترك وقبول الآخر، حيث يحث القرار جميع الدول على اتخاذ تدابير فعالة للتصدى لدعوات الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية التى تشكل تحريضًا على التمييز أو العنف. وأضاف إدريس أن القرار يدين جميع الاعتداءات على الأماكن والمواقع الدينية، ويدعو الدول إلى دعم خطة عمل الأمم المتحدة لحماية المواقع الدينية، كما يطالب السكرتير العام للأمم المتحدة بعقد مؤتمر عالمى يهدف إلى اتخاذ إجراءات محددة من أجل تنفيذ خطة عمل الأمم المتحدة لحماية المواقع الدينية، التى أعدها مكتب الأمم المتحدة لتحالف الحضارات، مع تأكيد أن المسؤلية الأساسية فى هذا الشأن تقع على عاتق الدولة الوطنية. وأشار السفير إدريس إلى أن قرار حماية المنشآت الدينية الذى قدمته مصر وعدد من الدول الشقيقة والصديقة، يعد ثانى قرار تقدمه مصر وتعتمده الأمم المتحدة خلال شهرين فى مجال ثقافة السلام وتعزيز قيم التسامح والحريات الدينية، حيث كانت الأمم المتحدة قد اعتمدت فى ديسمبر الماضى قرارًا يقضى بإعلان 4 فبراير من كل عام يومًا عالميًا للأخوة الإنسانية. هنا يمكننا الإشارة إلى بعض الرؤى والأفكار، أولًا: يعكس الأمر إرادة القيادة السياسية ورغبتها الواضحة فى تأكيد مجموعة من القيم والمبادئ التى تتمحور حول الأخوة الإنسانية والتسامح والعيش المشترك والتعاون البناء واحترام الآخر وقبوله، ومن ذلك احترام المواقع الدينية ودور العبادة، التى يتبارك بها المصريون، مسلمين ومسيحيين، فيها يؤدون صلواتهم وفيها يعتقدون بشفاعة القديسين وبركة أولياء الله الصالحين، ترتفع الصلوات وخالص الدعوات من أجل الفرد والوطن والعالم، ما يعكس مبدأ المواطنة فى بعده الثقافي. ثانيًا: تتجاوز القيادة السياسية مجرد الرغبة وتنطلق إلى أهمية العمل على مواجهة مختلف مظاهر التشدد والتطرف والتعصب الدينى وممارسات رفض الآخر، عبر تنسيق دولي، خاصة أن للمواقع الدينية قدسيتها ومكانتها، كما تمثل حرية الاعتقاد الدينى حقًا أصيلًا لكل إنسان أكدته المواثيق الدولية والإقليمية والمحلية. ثالثًا: إن الرغبة السياسية، لابد أن تصاحبها خطوات عملية فى الداخل، تنعكس على ممارسات جميع مؤسسات الدولة، الرسمية وغير الرسمية، حيث تخاطب عقل المواطنين وتسهم فى تربية الضمير وتشكيل الهوية. رابعًا: يرتبط الأمر بجانبين، الأول ضرورة العمل على بناء الوعى والتكوين الثقافى للمواطنين عبر مختلف مؤسسات التنشئة الاجتماعية، من حيث التربية على المواطنة وثقافة الحوار وقبول الآخر وحق الاختلاف.. أما الجانب الثانى فإنه يرتبط بإعمال القانون والتصدى لكل من يحاول تهديد أمن وسلامة الآخرين من المختلفين معه، سواء فى الانتماء الدينى أو الانتماء المذهبى داخل الدين الواحد، فضلًا عن الاختلاف فى النوع الاجتماعى واللون والمستوى الاقصادي- الاجتماعى والانتماء الفكرى والأيديولوجي.


لمزيد من مقالات د. رامى عطا صديق

رابط دائم: