تثير جوازات سفر كورونا جدلا، حول مدي كونها حلا لاستعادة نشاط القطاعات التي تأثرت سلبا بانتشار الجائحة. وبينما أعلنت بعض الدول وشركات الطيران ضرورة استخراج «جوازات سفر كورونا»، التي تؤكد حصول المسافر علي اللقاح، لتيسير التنقل بين الدول كوسيلة لإعادة فتح أبواب الاقتصاد الذي أنهكه الإغلاق، حذرت منظمة الصحة العالمية، من اعتماد هذا الإجراء، مؤكدة أن الغموض لايزال يحيط بمدي فاعلية اللقاحات المتوافرة حاليا، في وقف انتشار كوفيد-19، وأوصت بـعدم إعفاء الأشخاص الذين تم تطعيمهم من الامتثال للإجراءات الاحترازية المتعارف عليها.
وفي حين تري بعض الدول أن «جواز المناعة»، كما يصفه البعض، هو بمثابة طوق نجاة بعد الخسائر الفادحة التي تعرضت لها الدول التي تعتمد علي قطاع السياحة كمورد رئيسي، وتري دول أخري أن جوازات سفر كورونا، تطرح تساؤلات أخلاقية وصعاب و لوجيستية، بشأن التعامل مع غير الحاصلين علي اللقاحات .
وشهدت القمة الافتراضية لقادة الاتحاد الأوروبي، التي عقدت مؤخرا، خلافا بين الدول حول جواز سفر كورونا، الذي يطالب البعض بالبدء في إصداره قبل حلول موسم العطلات الصيفية.
وتخطط اليونان، البلد الأكثر مديونية في الاتحاد الأوروبي، لفتح قطاع السياحة في بداية شهر مايو المقبل، خاصة أن السياحة تمثل نحو خُمس الاقتصاد اليوناني، ويعمل بها واحد من كل خمسة أشخاص في البلد. وقد أجرت الحكومة اليونانية محادثات حول جوازات السفر المقترحة مع الحكومة البريطانية بشكل منفصل لتسهيل السفر.
ومن جانبها تواصل إسبانيا الضغط من أجل اعتماد جواز سفر كورونا علي مستوي الاتحاد الأوروبي، وإعفاء حاملي شهادات اللقاح من إجراء اختبار كوفيد ـ 19، وذلك في محاولة لإنعاش اقتصادها عبر عودة السائحين. كما دعت النمسا إلي استخراج بطاقة خضراء رقمية، مثل إسرائيل، والتي تسمح لمن تم تطعيمهم (50% من سكان إسرائيل حصلوا علي جرعة واحدة علي الأقل من اللقاح) بالدخول إلي الصالات الرياضية والحفلات الموسيقية والفنادق.
وتعد الدنمارك من أكثر الدول تفاعلا مع جواز سفر كورونا، وتعتبرها خطوة للعودة للمسار الصحيح، وأعلنت أن الأشخاص الذين تلقوا التطعيم، يمكنهم الحصول علي جواز السفر الإضافي علي هواتفهم المحمولة، مما يجعلهم من بين الأوائل في العالم الذين يمتلكونه. وعلي الجانب الآخر، تجد الدول المعارضة لجواز كورونا، إشكالية أخلاقية في مسألة تمييز الحاصلين علي اللقاحات دون غيرهم، ممن لم يحصلوا عليه بعد. كما تحذر من أن مثل تلك الجوازات قد تمنح الناس إحساسا زائفا بالأمان، خاصة في ظل طفرات الفيروس شديدة العدوي.
أما منظمة الصحة العالمية، فتعارض الجوازات بسبب الغموض الذي لا يزال يحيط بمدي فاعلية اللقاحات وقدرتها علي السيطرة علي انتشار الفيروس. وأشارت إلي أن «التطعيم التفضيلي» للمسافرين، يمكن أن يؤدي إلي عدم كفاية إمدادات اللقاحات للفئات السكانية ذات الأولوية، التي تعتبر معرضة لخطر الفيروس. وهو ما يمثل إشكالية في ظل اتفاق دول الاتحاد الأوروبي، علي إصدار جواز سفر كورونا، وإعلان مفوضية الاتحاد الأوروبي، أنها ستحتاج نحو ثلاثة أشهر «لإنشاء الأساس الفني لمثل هذه الوثائق».
وفي الولايات المتحدة، أصدر الرئيس الأمريكي جو بايدن، أوامر لتقييم إمكانية إصدار شهادات تطعيم كورونا الرقمية، ومنح المسافرين جوازات رقمية مشفرة، لتيسير حرية التنقل.
وفي إطار استئناف السفر الدولي الخالي من الحجر الصحي، تترقب شركات الطيران العالمية، إصدار تطبيق جوازات السفر الصحية الرقمية «جوازات سفر كورونا»، من جانب الاتحاد الدولي للنقل الجوي، في ظل تعاون جميع الوكالات الدولية والحكومات وشركات التكنولوجيا أيضا ، وهو ما يسمح للحكومات وشركات الطيران، بجمع المعلومات رقميا والوصول إليها، ومشاركتها حول اختبارات كورونا والتطعيم. وأكد الاتحاد، الذي يضم 290 شركة طيران عالمية، أن التطبيق سيضمن كفاءة أكبر لفحوصات الوثائق الصحية، فضلا عن أنه سيعمل علي تسريع تعافي قطاع السفر.
ويؤكد المسئولون بقطاع تطوير التكنولوجيا، أن هذه الجوازات لا تحتاج سوي معلومتين. «المعلومة الأولي، ما إذا كان الشخص حصل علي التطعيم، والثانية، هي صورة هذا الشخص». وأن الأمر لا يتطلب حتي معرفة الهوية، بل مطابقة الصورة ووضع التطعيم فقط.
رابط دائم: