صدر فى نهاية يناير الماضى قرار من وزارة التعليم العالى يتضمن الموافقة على قواعد القبول والعمل بمكتب تنسيق للجامعات الخاصة والأهلية.
القرار, الذى نشر بالجريدة الرسمية, يتضمن إجراء امتحانات قبول للطالب بخلاف امتحانات الثانوية العامة؟ وفى حوار مؤخرا مع د محمد شعيرة المشرف على ملف الجامعات الاهلية الاربع الجديدة وهى الملك سلمان والجلالة والعلمين والمنصورة, أشار إلى ان قواعد القبول فى الجامعات الجديدة حددت مجموع الثانوية بنسبة ٥٠٪ فقط من المجموع الاعتباري الجديد للطالب، وتخصيص نسبة الـ ٥٠٪ الاخرى لامتحانات القبول التى تجريها الجامعات الاهلية الجديدة، ومن المعروف أن التقديم للجامعات الاهلية أتاح النزول بمجموع الثانوية العامة بنسبة كبيرة عن التنسيق الرسمى وبنسبة ١٠٪لجذب الطلاب؟ بمعنى أنه يمكن قبول مجاميع ٧٥٪ للهندسة وعلوم المستقبل و٨٥٪ للأسنان والصيدلة!.. ويثير قرار إجراء اختبارات موازية للقبول والوزن النسبى لها سؤالا حول ما أهمية وجدوى امتحانات الثانوية العامة اذا كان لن يتم الالتزام بها وعمل امتحان آخر مواز كما يحدث ايضا فى جامعة زويل, ولماذا تطبق معايير الازدواجية فى اجراء امتحانين لايفصل بينهما إلا اسابيع قليلة وفى نفس المواد الدراسية؟! فاذا كان امتحان الثانوية العامة لا يحقق اهدافه بل وتعقد امتحانات موازية بعد الثانوية او تسبقها؟ يصبح السؤال ضروريا حول حقيقة الهدف من هذه الامتحانات الموازية؟ فهل هى أساليب جديدة فى التسويق وجذب شرائح محددة من الطلاب ام أن ذلك يحمل ضمنيا اتهاما لامتحانات الثانوية العامة بالضعف وعدم الموضوعية او أنها ليست كفئا ولا تقيس قدرات الطلاب الحقيقية؟! فلماذا اذن تعترف بها وتضعها وزارة التعليم وتعتمدها وتوافق على نتيجتها وزارة التعليم العالى وتنسق الطلاب بناء على هذه النتيجة كل عام؟!. أليس فى تلك الإجراءات ـ خاصة أنها لا تحمل مضمونا تعليميا جديدا فى المناهج مثلا ـ، شبهة انتقاص واتهام بالعوار فى قيمة الشهادة الوطنية نفسها مما قد يؤثر خارجيا على سمعة واعتماد شهادتنا الثانوية الوطنية والتشكيك بها وبمستواها التعليمى؟.
هذه الازدواجية بين امتحان تجريه وزارة التعليم وامتحانات تجريها الجامعات الاهلية او الاجنبية او اى مسمى آخر عكس ما يطبق مثلا فى الأقسام المتميزة بمصروفات بجامعاتنا الحكومية (نفس مفهوم الجامعات الاهلية الجديدة) فهى تستقبل الطلاب وفق معيار درجات الثانوية العامة أولا ثم إضافة واحيانا امتحان فى اللغات فقط؟ ويصبح إجراء امتحانات قبول موازية وبتخصيص ٥٠% من الدرجات لها ولجامعات جديدة مولتها الدولة بالكامل ٣٠مليار جنيه وقبل بها الطلاب هذا العام وبمنح كاملة للبعض (أى مجانية كاملة) محل أسئلة عن من هم المقبولون فى هذه التخصصات العلمية؟. ويصبح من الضرورى وللحفاظ على مصداقية التعليم المصرى ان تتوحد المعايير، لاسيما ان الجامعات الجديدة هى تمويل حكومى بالكامل حتى لو كان على هيئة قرض يسدد بعد ٢٥ عاما كما اعلن د شعيرة مسئول الملف.. بل ولا نعرف مصيرها المستقبلي حتى الآن بعد انتهاء القرض ولمن ستكون الملكية والولاية عليها فى المستقبل؟.
إن ظاهرة التقيد بما يجرى بجامعات الخارج وأنها تعقد امتحانات قبول موازية للطلاب فهذا ايضا قول منقوص ويحتاج تدقيقا لان جامعات الخارج مثلما يحدث فى فرنسا مثلا وغيرها لاتجرى الامتحانات للقبول بها بعد شهر او قبل من شهادة البكالوريا وانما بعد عامين من اداء امتحان الثانوية (البكالوريا) ويعتبرون ذلك امتحانات قبول اضافية من اجل الالتحاق بجامعات التميز، وهى سنوات دراسية بمناهج جديدة وتكميلية وفى نهاية العامين تعقد الامتحانات للقبول بهذه الجامعات الكبيرة ومن لم ينجح بها يستمر قيده فى الكلية التى قبل بها من مكتب التنسيق عقب البكالوريا.
وكما ان تلك الإجراءات تثير اللغط أكثر خاصة بعد أن وافقت الحكومة على إجراء التعديلات القانونية الشهر الماضى وبالسماح بتعدد مرات دخول امتحان الثانوية العامة والسماح بالتحسين وفى نفس الوقت يتقرر إجراء امتحان قبول آخر بعده أو قبله بايام قليلة وبتكلفة مالية أخرى؟. إننا نحتاج الى نظرة شاملة وتوحيد الجهود بين مختلف هيئات ووزارات التعليم مع ضرورة مشاركة الجميع من المتخصصين فى حوار مجتمعي قبل اتخاذ القرار، والاتفاق أو الاختلاف على قواعد محددة وعادلة ومعلنة للجميع وهى هل يعتمد مجموع الدرجات فى الثانوية او إلغاء امتحانات الثانوية خاصة أن هناك قيما ترسخت فى المجتمع المصرى وهى عدالة الامتحانات العامة للجميع وان الإخلال بمبدأ تكافؤ الفرص يمكن ان يخلق صداما وأزمات اجتماعية داخل شريحة مهمة من الشباب المصرى، لان القبول بالطب والهندسة والحقوق والانسانيات يختلف عن اداء امتحانات القدرات فى الفنون الجميلة والعمارة او الموسيقى او التربية الرياضية او التخصصات التى تتطلب مهارات محددة مثل بعض الكليات العسكرية والامر مستقر منذ سنوات للجميع وان إشراف الدولة وتمويلها لمؤسسات التعليم ويعنى إتاحة الفرص المتساوية للجميع من نقطة انطلاق واحدة وتكافؤ الفرص وليس تعدد نقاط الحساب, أو اعتماد وقيمة الشهادة الوطنية أو إلغاءها لمن يريد التقدم لامتحانات القبول الخاصة لأن ما يحدث بجانب الإرباك هو تقليل من قيمة الشهادة الوطنية والجامعات الحكومية وليس هناك ضرورة لخلق ازمات اجتماعية وتعددية تعليمية جديدة تزيد من تعقد المشهد التعليمى الحالى.
لمزيد من مقالات إيمان رسلان رابط دائم: