هذه وثيقة من أرشيف الإخوان تكشف موقفهم الحقيقى من الديمقراطية، يجرى تداولها منذ فترة على بعض مواقع التواصل الاجتماعى، من مقال نشره سيد قطب، فى جريدة (الأخبار) فى أغسطس عام 1952، فى شكل خطاب وجهه إلى اللواء محمد نجيب، رئيس مجلس قيادة الثورة، يُحرِّضه فيه على الأخذ بسياسات، تنصل منها الإخوان بعد هذا، وأدانوا مجلس قيادة الثورة عليها، حيث طالبه بدستور لا يحمى البلاد من فساد الملك وحاشيته، ولكن من فساد الأحزاب والصحافة! وأضاف فى شكل تحذير: (إنْ لم تحققوا أنتم التطهير الشامل، الذى لا يبيح الحرية السياسية إلا للشرفاء، فإن الشعب، الذى احتمل ديكتاتورية طاغية باغية شريرة، قادر على أن يحتمل ديكتاتورية مؤمنة نزيهة)، ثم يُجمِّل عبارته قائلاً: (على فرض أن قيامكم بحركة للتطهير يُعتَبَر ديكتاتورية بأى وجه من الوجوه)!
الأدلة متوافرة على عداء الإخوان للديمقراطية منذ نشأتهم، ولكن لهذا النص القطبى أهمية خاصة لأن مضمونه، كما أثبتت التجربة العملية بعدها بستين عاما، كان هو مرجعهم فى تصرفاتهم عندما وصلوا للحكم، وأكدوا أن أيديولوجيتهم السياسية، كما قال قطب، لا تتيح الحرية السياسية إلا للشرفاء! باعتبار أنهم هم وحدهم الشرفاء!! كما أنهم يرون أن الشعب مستعد لاحتمال ديكتاتوريتهم المؤمنة النزيهة، بتجميل سيد قطب عن عدم اعتبار ما يفعلون ديكتاتورية بأى وجه من الوجوه! لذلك انطلقوا بكل جسارة فى قراراتهم، التى وضعوا عليها توقيع مرسى، بانتهاك الدستور بحذف مواد وإضافة مواد، منها ما يُحصِّن قراراتهم، مع عدوان سافر على السلطة القضائية بعزل النائب العام وتعيين نائب عام ملاكى يتلقى تعليماته من مكتب الإرشاد، والتوسع فى مؤامرة الاستيلاء على المناصب المتحكمة فى مفاصل الدولة..إلخ. أى أنها جرائم مع سبق الإصرار وليست مجرد أخطاء بحسن نية أو بقلة خبرة فى الحكم.
وهذا ما يجب أن نتذكره الآن ودائما، لأن هناك من لا يزالون يتحدثون عن ضرورة السماح للإخوان بالمشاركة فى العمل العام، بزعم أنهم فصيل وطنى، وأن تاريخهم النضالى معروف، وأنهم كانوا ضحايا أعداء الديمقراطية..إلخ!
[email protected]لمزيد من مقالات أحمد عبدالتواب رابط دائم: