عندما أمر ترامب فى أبريل 2018 بشن هجمات عسكرية على سوريا بعد اتهام النظام السورى باستخدام أسلحة كيماوية فى «دوما»، سارع بايدن ونائبته الحالية كامالا هاريس بإدانتها باعتبارها انتهاكا للقانون الدولى. قبل يومين، قصفت طائرات أمريكية مواقع ميليشيا تابعة لإيران شرق سوريا، ولم يشغل بايدن نفسه بالقانون وسيادة الدول.
بعض دول المنطقة اعتبرت الإدارة الجديدة امتدادا لأوباما. يقول ويحاضر لكنه لا يفعل شيئا. الهجوم رسالة من بايدن. سنتحرك عندما نشعر بأن مصالحنا أو حياة جنودنا فى خطر. نعم نريد إحياء الاتفاق النووى مع طهران لكن بشروطنا وليس حسب توقيتها، ولن نسمح لها بالتغول الإقليمى أكثر خاصة بالعراق وسوريا.
خلال الأسابيع الماضية، أجرت قوى المنطقة اختبارات متنوعة لمعرفة مدى صلابة إدارة بايدن، هل هى جادة أم ستكتفى بالتأنيبات اللفظية؟. هذه القوى فى موقف لا تحسد عليه. بعضها لم يستوعب بعد، إلى أين ستمضى واشنطن؟. أهم رسالة للهجوم الأمريكى، أنه محاولة لوضع حدود لما هو مقبول من إيران وميليشياتها وما لا يمكن السكوت عليه. سيفكر الإيرانيون مرات قبل المشاكسة إن على صعيد البرنامج النووى أو دعم الموالين لهم.
التحركات الأمريكية بشأن التعامل مع بعض الدول الخليجية، أوصلت رسالة أخرى. لن نتخلى عن حلفائنا لكننا لسنا بوارد الموافقة على كل تصرفاتهم. نعم نحتاجهم فى حال جرت مفاوضات بشأن النووى الإيرانى لكن ذلك لا يعنى غض النظر عن بعض توجهات لا نوافق عليها. إدارة أوباما وجهت اللوم للدول «السنية» على مشكلات وتخلف المنطقة وانخرطت فى حوار واهتمام بطهران. بايدن ليس مقتنعا، على ما يبدو، بهذه الاستراتيجية. بدأ حكمه بانتقادات علنية للدول السنية، ووجه ضربة عسكرية غير مباشرة لإيران الشيعية.
تغير الموقف الأمريكى يستدعى تحركات ذكية وخارج الصندوق من اللاعبين الإقليميين، لا تستبعد تقاربات أو تفاهمات بين دول كان بينها خلافات فى المواقف. الجميع تقريبا يواجه معضلة فى التعامل مع إدارة لا تعول كثيرا على كون هذه الدولة أو تلك حليفا استراتيجيا قديما لأمريكا. الرسائل الأمريكية ستزيد خلال الفترة القليلة المقبلة.
[email protected]لمزيد من مقالات عبدالله عبدالسلام رابط دائم: