رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

نجمة برازيلية حولت الأمنيات لإنجازات
بريتا رارا.. الخادمة الملهمة !

هدير الزهار

بينما كانت تمارس مهنتها اليومية كعاملة بأحد المنازل، وكما اعتادت أن تختتم عملها بتنظيف الركن الأقرب لقلبها وعقلها، وهو المكتبة، كانت فور انتهائها من نفض الغبار عن أرففها، تختلس بعض الدقائق لقراءة أحد الكتب بها، ورغم تخوفها الدائم من أن تراها سيدة المنزل، وما قد تناله من توبيخ واتهامات بالتلكؤ والتقاعس عن أدائهاً مهامها، إلا أن شغفها بالقراءة كان جديرا بالمجازفة, لكن ما كانت تخشى منه وقع بالفعل، إلا أن ما حدث جاء ليغير مجرى حياتها.. إنها النجمة البرازيلية، جويس فرنانديز، مؤلفة ومغنية راب ومقدمة برامج تليفزيونية، والملقبة بـ «بريتا رارا»، أى المرأة السمراء الفريدة.

ذات يوم فى عام 2008، بينما كانت فرنانديز منهمكة فى قراءة كتاب بعنوان «أولجا: ثورية وشهيدة»، وهى سيرة ذاتية لمقاتلة شيوعية ألمانية، قضت سنوات فى البرازيل قبل أن تعدم على أيدى القوات النازية الألمانية، فإذا بسيدة المنزل تراها، إلا أن رد فعلها جاء مخالفا تماما لما توقعته فرنانديز، فبدلا من توبيخها، سألتها سيدة المنزل عن سر شغفها بالكتاب، فأجابت بأنها تعشق التاريخ بكل تفاصيله. فإذا بالسيدة تشجعها على الالتحاق بالجامعة، حتى حصلت على شهادة جامعية متخصصة فى التاريخ فى عام 2012. ومن هنا كانت بداية انطلاق فرنانديز، التى لم تكتف بالأمنيات، بل سعت لتحويلها لإنجازات، حيث توقفت عن العمل فى المنازل فى عام 2016 لتعمل مدرسة تاريخ بإحدى المدارس الثانوية، وقد باتت اليوم واحدة من أشهر البرازيليات، من ذوات البشرة السمراء، وتقود محادثات حول العنصرية وعدم المساواة، كما لمع إسمها فى سماء الغناء بعدما أصبحت واحدة من أشهر مغنيات الراب، وأصدرت عدة ألبومات وأغنيات، تدور أغلب كلماتها حول مناصرة المرأة ومناهضة التمييز بكل أشكاله.ورغم ما حققته فرنانديز، 35 عاما، من إنجازات مهنية، فإنها مازالت تتذكر معاناتها فى حياتها، بداية من طفولتها المنعزلة فى مدينة سانتوس الساحلية بولاية ساوبولو، وكيف عانى والدها، الذى كان يعمل ساعى بريد، ووالدتها، التى كانت تعمل خادمة، طويلا من أجل توفير احتياجات أطفالهما الأربعة، لحمايتهم من الانخراط فى النشاط الإجرامى المنتشر فى منطقتهم. مرورا بما تعرضت له من عنصرية عقب تخرجها فى المدرسة الثانوية، فأثناء رحلة بحثها عن عمل فى المبيعات أو موظفة استقبال، كانت ترسل لهم سيرتها الذاتية دون صورة حتى لا يرفضوها، وكانت تنهال عليها المكالمات لإجراء المقابلات لكن كانت تقابل بالرفض دوما بسبب لونها، ومن هنا أدركت ما يعانيه أصحاب البشرة السمراء من قسوة وتهميش مجتمعى. وصولا لما أصابها من يأس واكتئاب، حيث لم تجد سبيلا سوى السير على خطى والدتها وجدتها بالعمل كخادمة، وهو ما أحزن والدتها التى كانت ترغب فى أن تخرج نجلتها من تلك العباءة القبيحة. ففى أثناء عملها بالمنازل، لم يكن يسمح لفرنانديز سوى بتناول بقايا الطعام، ومنعت من استخدام بعض الحمامات، وكانت تستخدم المصعد المحدد «للخادمات»، وترتدى الملابس الممزقة. وقد سردت فرنانديز تلك الذكريات عبر حسابها على فيسبوك تحت عنوان «بضع حكايات»، ولاقت ردود أفعال كثيرة داعمة ومتعاطفة، إلا أن ما اجتمعوا عليه كان أنها «ملهمة». لم تتوقع فرنانديز أن تكون كلماتها الارتجالية بمثابة إلهام للمئات من العاملات بالمنازل السابقات والحاليات، فعقب ما نشرته، تم تداول وسم «أنا خادمة» IamAmaid بكثافة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وقمن من خلاله بالكشف عن ما يتعرضن له فى أعمالهن من تحرش جنسى. كما قامت فرنانديز بتأليف كتاب عنهن تحت عنوان «أنا خادمة» فى عام 2019، وحصل على تغطية إعلامية كبيرة، كما تمت دعوتها للظهور فى عدة برامج تليفزيونية، وتزايد عدد متابعيها عبر «الإنستجرام» ليتجاوز الـ 166 ألف متابع، كما وقع عليها الاختيار لتقديم برنامج حوارى على إحدى القنوات التابعة لأكبر شبكة تليفزيونية فى البلاد.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق