رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

رؤيتى لـ «القرن الحادى والعشرين» (368) باكستان فى مسار قرنين

قرأت خبرا تاريخيا فى صحيفة الأهرام بتاريخ 18 فبراير من هذا العام تحت عنوان: تنسيق مكثف مع باكستان لمكافحة الارهاب والفكر المتطرف, ومع الخبر حوار مع وزير خارجية باكستان مخدوم شاه محمود قريشى تحت عنوانين: الأول: السيسى رجل دولة بارع ويلعب دورا مهما فى تعزيز السلم والأمن بالمنطقة. والثانى: نرغب فى تعزيز تعاوننا مع القاهرة بمجال مكافحة الإرهاب. أما قولى إن الخبر تاريخى فمردود إلى أن باكستان فى القرن العشرين ليست هى باكستان فى القرن الحادى والعشرين. ومبررى فى هذا القول مردود إلى علاقتى معها منذ عام 1975 عندما دعيت للمشاركة فى المؤتمر الفلسفى السابع عشر بلاهور. وجاء فى مبررات الدعوة أننى معروف فى الدوائر الفلسفية الباكستانية بسبب مؤلفاتى العديدة بما فيها كتابى المعنون: محاورات فلسفية فى موسكو. ولذلك فإن اللجنة المنظمة للمؤتمر تتطلع إلى تدعيم تبادل البحث الأكاديمى بين باكستان ومصر. إلا أننى ترددت فى قبول الدعوة لأن باكستان دولة دينية وأنا علمانى التوجه. وإذا بسفير باكستان لدى مصر يدعونى إلى عشاء ويدعو إليه نفرا من المثقفين المصريين ويدور الحديث بينه وبينى حول سبب ترددى قائلا: ثمة نوعان من الدول: دولة ينص الدستور فيها على الالتزام بدين معين ولكن أسلوبها فى الحياة علمانى، ودولة لا ينص فيها الدستور على دين معين ولكن أسلوبها فى الحياة دينى. باكستان من النوع الأول والهند من النوع الثانى. وعندئذ توارى ترددى وارتحلت إلى باكستان. كان موضوع المؤتمر: أزمة الهوية، وكان عنوان بحثى: الأصالة والمعاصرة فى العالم الثالث. أثير الجدل حوله فى وسائل الإعلام بوجه عام وفى جريدة أزمنة باكستان, (26/10/1975) بوجه خاص ،إذ كانت الفكرة المحورية فى ذلك البحث أن ثمة فجوة حضارية بين الدول المتقدمة والدول المتخلفة ليس فى الإمكان عبورها من غير مرور بمرحلتين، إحداهما إقرار سلطان العقل، والأخرى التزام العقل بتغيير الواقع لمصلحة الجماهير. بيد أنه ليس فى الإمكان إنجاز هاتين المرحلتين من غير مرور بعصرين: عصر الإصلاح الدينى، الذى يحرر العقل من السلطان الدينى وعصر التنوير الذى يحرر العقل من كل سلطان ماعدا سلطان العقل. وإثر انتهاء الجدل الحاد حول هذه الفكرة المحورية طلب مني المسئولون عن المؤتمر مد إقامتى فى لاهور لمدة أسبوعين لإجراء مزيد من الحوار، وقد كان. وفى أثناء الحوار مع كبار المفكرين علمت أن تعاليم أبو الأعلى المودودى مؤسس الجماعات الاسلامية فى باكستان قد حلت محل تعاليم محمد إقبال المتأثرة بالأفكار الغربية. وبعد أن غادرت باكستان بعامين، أى فى عام 1977، قاد ضياء الحق الذى كان على علاقة وثيقة مع المودودى انقلابا عسكريا وأعدم رئيس وزراء باكستان على بوتو الذى كانت لديه توجهات علمانية. وقبل مغادرتى باكستان تم الاتفاق على عقد مؤتمر لفلاسفة الدول الإسلامية يسهم فى بزوغ فكر اسلامى جديد. إلا أننى أبديت رغبة فى ضرورة إشراك فلاسفة من دول غير إسلامية من أجل إثراء الحوار الفلسفى، وقد كان، إذ تم الاتفاق على تكوين جمعية فلسفية أفروآسيوية تكون منتدى للحوار حول كيفية الخروج من التخلف الحضارى المهيمن على شعوب افريقيا وآسيا. وفوضونى فى عقد أول مؤتمر فلسفى لهذه الجمعية فى القاهرة، وقد كان، إذ انعقد فى عام 1978 تحت عنوان الفلسفة والحضارة, ثم توالت بعد ذلك المؤتمرات، الأمر الذى أدى إلى ضرورة انضمام هذه الجمعية إلى الاتحاد الدولى للجمعيات الفلسفية. إلا أن المفارقة هنا أن هذه المؤتمرات قد انعقدت بكثرة فى الهند وفى دول افريقية ما عدا باكستان. واليوم وبعد مرور أكثر من أربعين عاما على مولدها فى عام 1978 وعشر سنوات على موتها فى عام 2010 يزور القاهرة وزير خارجية باكستان ويلتقى رئيس الجمهورية الرئيس السيسى فى 17 فبراير من هذا العام من أجل التنسيق والتشاور إزاء مختلف القضايا الاقليمية وعلى رأسها مكافحة الارهاب والفكر المتطرف على نحو ماورد فى صحيفة «الأهرام». و أظن أن توقيت هذا اللقاء له مغزى جدير بالتحليل إذ هو يأتى إثر انتخاب بايدن رئيساً لأمريكا فى 20 يناير من هذا العام، وكان فيما سبق نائباً للرئيس الأسبق أوباما ومدعماً لسياسته فى التلاحم مع الأصوليين فى العالم الاسلامى بوجه عام والاخوان بوجه خاص. والجدير بالتنويه هنا أن المنظَر لفكر الاخوان هو سيد قطب تلميذ المودودى فهل معنى ذلك أن باكستان فى القرن الحادى والعشرين تكون معادية لسياسة بايدن؟ وإذا كان ذلك كذلك فهل معنى ذلك أيضاً أن الشرق الأوسط هو أيضا يكون معاديا لسياسة بايدن؟ وإذا كان ذلك كذلك فهل معنى ذلك أن بايدن ممنوع من الدخول فى كل من العالم الاسلامى والشرق الأوسط؟ أسئلة الجواب عنها متروك للوضع القادم فما هوية هذا الوضع القادم؟ وإذا كانت الأصولية نقيض العلمانية بحكم أن الأصولية هى التفكير بالمطلق، والعلمانية هى التفكير بالنسبى، فهل معنى ذلك أن الوضع القادم هو الوضع العلمانى؟ وإذا كان ذلك كذلك فأين هى النخبة القادرة على تمثيل ذلك الوضع؟. وأنا أثير هذا السؤال فى سياق نخبة تزهو بأنها منحازة إلى بايدن.


لمزيد من مقالات د. مراد وهبة

رابط دائم: