ثلاثة محاور رئيسية للتعاون التنموى بين مصر واليابان هى:
النمو الشامل والمستدام، والحد من الفقر، وتنمية الموارد البشرية وتطوير القطاع العام.
ومن خلال عناصر تلك المحاور، يقوم الجانب اليابانى بتقديم خبراته وأوجه الدعم والتمويل اللازمة لتنفيذ عدد كبير من المشروعات ذات الجدوى الاقتصادية والمجتمعية، لتحقيق الفائدة المرجوة للشعب المصرى.
ويقول مكتب هيئة التعاون الدولى اليابانية فى مصر، المعروفة اختصارا باسم "جايكا"، التى أنشئت عام 1977 للإشراف على التعاون بين البلدين، إن قوة العمل التى يشكل الشباب أغلبية منها فى مصر من العناصر الجاذبة للشركات اليابانية، التى تحرص على توسيع أعمالها فى مصر، ويصل عددها فى الوقت الحالى إلى نحو 50 شركة.
فى المحور الأول، وهو النمو الشامل والمستدام، تتعاون مصر واليابان فى مجال الكهرباء، فتماشيا مع أهداف التنمية المستدامة رقم ٧ و13 التى وضعتها الأمم المتحدة فى ظل بلوغ متوسط الزيادة السنوية فى الطلب على الكهرباء نسبة 6% فى مصر بشأن ضمان الوصول إلى الطاقة للجميع ومكافحة تغير المناخ، قدمت "الجايكا" تمويلا ضخما ودعما فنيا وفرصا للتدريب، بهدف المساعدة فى تطوير قطاع الكهرباء، الذى يعتبر حجر الزاوية للنمو الاقتصادى والازدهار فى مصر، ويتركز معظم هذا الدعم المقدم على توسيع نطاق استخدام الطاقة المتجددة، بما فى ذلك الرياح والطاقة الشمسية، وأيضا تعزيز الإمداد والنقل والتوزيع الموثوق والكفء، من خلال إعادة تأهيل محطات الطاقة الحالية ومحطات المحولات ومراكز التحكم ورفع كفاءة شبكات التوزيع.
وفى المحور نفسه، يوجد تعاون كبير فى مجال النقل والمواصلات، ومولت الجايكا فى عام 2002 دراسة سميت بـ«المخطط الاستراتيجى للنقل لإقليم القاهرة الكبرى» وقد خلصت الدراسة إلى تحديد ٥٩ مشروعا اعتبرتها ذات أولوية فى قطاع النقل الرئيسى، ويشمل عدة جوانب مثل: تحسين حركة الأفراد، والتطوير الأمثل للبنية التحتية، وإمكانية وصول النقل للجميع، والنقل الآمن والمريح، وآليات الاستدامة المؤسسية والمالية، والتخطيط الشامل للنقل.
وبعد أن أبرزت الدراسة الحاجة إلى شبكات نقل متكاملة متعددة الوسائط، كان إنشاء الخط الرابع لمترو أنفاق القاهرة الكبرى من بين المشروعات ذات الأولوية التى أقرتها الدراسة، وقد مولت الجايكا دراسات الجدوى والدراسات التفصيلية للمشروع، وتم توقيع اتفاقية القرض لتمويل المرحلة الأولى للخط الرابع لمترو أنفاق القاهرة الكبرى فى عام 2012، وتم اختيار الاستشارى العام للمشروع فى عام 2016، ويضم تحالف شركات يابانية ومصرية، حيث يبلغ طول مشروع المرحلة الأولى حوالى 18 كيلومترا، وهو يربط منطقة الأهرامات بالقاهرة القديمة فى منطقة الفسطاط عابرا نهر النيل فى نقطتين عند منيل الروضة، ويتصل الخط الرابع بالخط الأول عند محطة الملك الصالح وبالخط الثانى عند محطة الجيزة، ومن المتوقع أن تختصر المرحلة الأولى من الخط وقت التنقل بين وسط القاهرة إلى منطقة الأهرامات إلى حوالى ٣٠ دقيقة، بدلا من ساعة بالسيارة، مما يساهم فى تحسين الحياة فى القاهرة والتنمية الاقتصادية من خلال الترويج السياحى.
ويوجد اهتمام أيضا بتطوير المطارات، باعتبارها من دعائم البنية التحتية لمصر، وموردا مهما للعملات الأجنبية، عن طريق السياحة والعمال المهاجرين، وركزت "الجايكا" على مشروع تطوير مطار برج العرب قرب الإسكندرية، ووقعت اتفاقية القرض الميسر لتمويل المرحلة الثانية لتوسعة المطار لمواجهة الطلب المتزايد، وقد تم تصميم المطار بناء على مفهوم المطارات صديقة البيئة للتقليل من الحمل البيئى وإستجابة للطلب العالمى للحد من آثار التغير المناخى، وفى سبيل تحقيق هذا الهدف، تقدم الجايكا المرافق والمعدات ذات الصلة، مثل خلايا توليد الطاقة الشمسية وأجهزة تكييف الهواء عالية الكفاءة وأجهزة الإضاءة الموفرة للطاقة LED ، بما يحقق مفهوم المطارات صديقة للبيئة.
وفى محور قناة السويس، تقدم اليابان منذ عام 1974 المساعدة والدعم لهذا المصدر المهم لتحقيق إيرادات من العملة الأجنبية لمصر، باعتبارها قناة رئيسية للربط بين الشرق والغرب، كما دعمت تطوير المنطقة حول القناة من خلال قرض المساعدة الإنمائية الرسمية لبناء شبكة الهاتف فى 1986، ومنح المساعدة لإعادة تأهيل نفق الشهيد أحمد حمدى عام 1992 وإنشاء ميناء عتاقة فى 1991، والتعاون الفنى لصياغة خطة تطوير خليج السويس الساحلى وشبه جزيرة سيناء.
كما تُعَد تنمية صناعة السياحة من المجالات المهمة التى تدعمها اليابان، ولهذا، تم إنشاء المتحف المصرى الكبير GEM فى منطقة الجيزة المجاورة للأهرامات، للمساهمة فى الحفاظ على التراث الثقافى، ومن المتوقع أن يكون هذا المتحف العظيم أحد أهم رموز التعاون المصرى اليابانى، وأن يكون داعما لتنشيط السياحة فى مصر.
وفى المحور الثانى، وهو الحد من الفقر، وفرت اليابان دورات تدريبية لصغار المزارعين والسيدات الريفيات من أجل التحول من مفهوم "الزراعة ثم البيع" إلى مفهوم "الزراعة من أجل البيع"، وذلك لمساعدتهم فى الارتقاء بمستوى معيشتهم، كما تدعم تطوير مرافق الرى وتعزيز دور جمعيات مستخدمى المياه من أجل تحقيق الاستخدام الأمثل للموارد المائية، كما تمول مشروع إنشاء قناطر ديروط الجديدة بمبلغ 8،5 مليار ين يابانى، لتحل محل قناطر ديروط التاريخية، والتى شيدت منذ عام 1872، وتُعد من أقدم وأهم مرافق الرى فى مصر، حيث تلعب دورا حيويا فى توزيع مياه الرى على مساحة 15 مليون فدان، أى ما يقرب من 18% من إجمالى المساحة المزروعة فى مصر.
كما تتعاون "جايكا" فى سلسلة من مشروعات قطاع الصحة، خاصة وأن اليابان تعتبر من أوائل الدول التى دعمت تطبيق برنامج التأمين الصحى الشامل فى العالم، ولهذا، تقدم "الجايكا" الدعم فى تطبيق التأمين الصحى الشامل فى مصر والعديد من دول العالم، وذلك للمساهمة فى تحقيق واحدة من أهداف التنمية المستدامة – الهدف رقم 3 – كما تم تنفيذ مشروع تحسين جودة الخدمات الصحية بالمستشفيات بالتعاون مع وزارة الصحة والسكان من 2019 إلى 2024، والذى يهدف الى تطوير القدرات الإدارية وتحسين جودة الخدمات الصحية بالمستشفيات الحكومية لتكون مؤهلة لاجتياز معايير الاعتماد والجودة.
وفى المحور الثالث، وفى ضوء ما هو معروف من ارتفاع معدلات البطالة، فإن تطوير قدرات الموارد البشرية، خاصة فى القطاع العام، هو أيضا من أبرز القضايا الملحة، ولهذا، تم إطلاق الشراكة المصرية اليابانية للتعليم فى أثناء زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى لليابان عام 2016 لدعم تطوير الموارد البشرية التى تستطيع الإسهام فى التنمية الاقتصادية والاجتماعية فى مصر، وفى هذا الإطار، تقدم الجايكا الدعم لجميع المراحل فى نظام التعليم المصرى، للإسهام فى رعاية وتنمية الموارد البشرية القادرة على تعزيز جهود تطوير القطاع العام وقطاع التنمية الصناعية فى مصر
ومن أكثر المشروعات التى تنفذها اليابان فى مصر تلك المشروعات المرتبطة بمراحل التعليم الأساسى والفنى والعالى، وبخاصة تجربة التعليم المدرسى وفقا للأسلوب اليابانى التى حققت نجاحا كبيرا مع بدء تطبيقها فى مصر، لدرجة أن عددا من دول القارة الإفريقية أبدى اهتمامه بنقل تلك التجربة أيضا إلى أرض الواقع.
كما تدعم الجايكا أيضا تنمية الموارد البشرية من الشباب المصرى بالتعاون مع وزارة التعليم العالى والبحث العلمى، من خلال تقديم قرض ميسر لدعم إرسال الطلاب المصريين والباحثين والمتدربين إلى اليابان للدراسة والتدريب من أجل إكتساب المعرفة والخبرات اليابانية فى مختلف المجالات، ومن ضمنها الصحة والتعليم، وهو ما من شأنه الإسهام فى تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية فى مصر على المدى البعيد.
رابط دائم: