رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

آفاق مستقبل السلطة الليبية الجديدة

بعد حصولها على تأييد محلى ودعم دولى، لم يدم التفاؤل طويلا فى عقب انتخاب لجنة الحوار الوطنى الليبى، برعاية الأمم المتحدة، السلطة التنفيذية الجديدة التى ستقود البلاد حتى الانتخابات البرلمانية فى آخر ديسمبر من العام الحالى.

من ناحية، وجه رئيس المجلس الأعلى للدولة، الاخوانى خالد المشرى، انتقادات لرئيس المجلس الرئاسى المنتخب، محمد المنفى، الذى يميل أيضا الى تيار الإسلام السياسى، بسبب بدء جولاته فى المدن الليبية بزيارة مدينة بنى غازى فى الشرق، ولقاء خليفة حفتر، قائد قوات الجيش الوطنى الليبى. هذه الانتقادات تعكس الخلاف والانقسام داخل المعسكر الغربى، كما أنها تنذر باحتمالية عدم الالتزام بمسارات الحوار السياسى، وربما عرقلة الرؤية العامة لتحقيق المصالحة الليبية وتوحيد مؤسسات الدولة، فى وقت تؤكد فيه مخرجات هذا الحوار التوصل لسلطة تنفيذية توحد كل المؤسسات الليبية، وتتواصل مع كل الأطراف.

من ناحية أخرى، وفق مخرجات الحوار السياسى، أمام رئيس الحكومة المنتخب، عبد الحميد دبيبة، حتى 26 فبراير لتشكيل الحكومة وتقديم برنامج عملها إلى مجلس النواب للمصادقة ثم نيل ثقة البرلمان خلال 21 يوما. اول عائق امام دبيبة هو حالة الانقسام الحاد داخل مجلس النواب الليبى، والذى ظهر من خلال دعوة بعض الأعضاء للاجتماع فى مصراتة، ودعوة البعض الآخر للاجتماع فى طبرق، لمنح الحكومة الجديدة القادمة ورئيسها الثقة. ومن المتوقع ألا تحصل حكومة دبيبة على مصادقة البرلمان فى الآجال المحددة، مادام المجلس منقسما على نفسه، وبالتالى، من غير المتوقع ان ينجح فى عقد جلسة موحدة. فى هذه الحالة سيتم تقديم برنامج الحكومة لملتقى الحوار السياسى الليبى. وسواء تمكن دبيبة من الحصول على ثقة البرلمان، او تمت العودة الى ملتقى الحوار السياسى للحصول على ثقته، فإنه مطالب بمراعاة التوازنات فى تشكيلته الحكومية، وأن يفتح قنوات اتصال مع دول الجوار، خاصة مصر. كما ان مسألة مقر الحكومة ستكون حاسمة فى تحديد توجهات سياساتها. فإذا كانت ستعمل انطلاقا من طرابلس فستجد نفسها أمام ما حصل لحكومة السراج من سيطرة للميليشيات وتدخل خارجى فى توجيه دفة الأمور بما قد يعيد الأزمة إلى مربع العنف. اما إذا اختارت العمل بعيدا عن سيطرة الميليشيات، فسيكون امامها مهام إعادة توحيد مؤسسات الدولة، وضمان الأمن، وتوفير خدمات عامة أساسية للشعب الليبى ورفع المعاناة عنهم، ودعم وتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، بما فى ذلك انسحاب جميع القوات الأجنبية والمرتزقة، وتنظيم استفتاء على الدستور، وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية فى 24 ديسمبر المقبل. لن تكون الطريق معبدة أمام الحكومة الجديدة، بل ستصطدم منذ بدء مهامها بمجموعة من الملفات الشائكة أبرزها فتح الطريق الساحلى وخروج المرتزقة، وهى من النقاط التى نص عليها اتفاق وقف إطلاق النار الذى وقع بين الأطراف المتنازعة فى أكتوبر الماضى. بالنسبة للطريق الساحلى بنغازي-طرابلس المغلق من قبل الأطراف المتناحرة (قوات خليفة حفتر وحكومة الوفاق) على مستوى مدينة سرت، هناك بوادر امل بنهاية هذه الازمة مع انطلاق المباحثات لإعادة افتتاحه فى ديسمبر 2020، وتشكيل فرق هندسية بالتعاون مع الأمم المتحدة والأجهزة الاستخباراتية لتنظيفه من الألغام. أما فيما يتعلق بالمعضلة الأساسية فى الأزمة الليبية والمتمثلة فى خروج المرتزقة وتفكيك الميليشيات وانهاء الوجود الاجنبى، فلايزال الوضع معقدا. المسار السياسى الراهن لا يضمن إنهاء الوجود العسكرى التركى فى ليبيا. وأنقرة رغم كل التحذيرات لاتزال نشيطة فى نقل الإرهابيين من سوريا الى ليبيا. والاعتقاد بأن الأمم المتحدة او التفاهمات الدولية، بالشكل الحالى، يمكنها ان تنهى الوجود التركى او تحد من أطماعه هو اعتقاد خاطئ، والا كانت قد استطاعت إيقاف الاحتلال التركى للمزيد من الاراضى السورية التى أصبحت خاضعة بالكامل لسيطرتها.

انقرة مصرة على بقائها فى ليبيا، كما صرح بذلك المتحدث باسم الرئاسة التركية الذى أكد أن قوات بلاده المنتشرة فى ليبيا ستظل هناك مادام الاتفاق الثنائى العسكرى قائما بين أنقرة وطرابلس، وما دامت الحكومة الليبية تطلب ذلك. وتركيا ترى انه لا يمكن لأى مفاوضات أو مسار سياسى أن ينجح فى ليبيا دون وجودها، وسوف تجد دائما من يدعم تدخلها السافر. هذا يعنى أنها ستبقى متحكمة فى خيوط اللعبة، ويمكنها فى أى لحظة نسف المسار السياسى وتهديد أمن المنطقة بالكامل، إذا لم تحقق ما يحافظ على مطامحها ومطامعها فى المنطقة.

تيار الإسلام السياسى الليبى يمكنه أيضا فى أى لحظة العودة بالأزمة للمربع صفر مادام يفتقر إلى الحاضنة الشعبية، ومادام على وعى بأن أى عملية ديمقراطية ستعنى نهايته، لذلك سيحاول أيضا إفشال مساعى السلطة التنفيذية الجديدة.

للخروج من هذا النفق، سيكون ضغط الأطراف الدولية، والتزام الأمم المتحدة بالوصاية على الحكومة الجديدة ودعمها، حاسما لمواجهة أعداء الداخل والخارج، باعتبار أن ليبيا ما زالت تحت البند السابع للأمم المتحدة، وهذه الاخيرة ومجموعة برلين هى من تتخذ القرارات وليس الحكومة الحالية.


لمزيد من مقالات ◀ وفاء صندى

رابط دائم: