لم تنجح المفاوضات الأخيرة التى جرت بين مصر والسودان وإثيوبيا فى تحقيق أى تقدم أو اختراق ملموس لحل أزمة سد النهضة فى ظل استمرار نفس النهج الإثيوبى فى المماطلة والمراوغة واستخدام المفاوضات لإضاعة الوقت، بينما تستمر فى سياسة فرض الأمر الواقع والمضى قدما فى بناء وملء خزان السد فى خطوات انفرادية ودون التنسيق والتشاور مع مصر والسودان، وهو ما شكل ضربة كبيرة لجهود الحوار والتفاوض ويقوض فرص التوصل إلى اتفاق يراعى مصالح جميع الأطراف، كما انه يقوض الثقة ويثير التساؤلات حول مدى رغبة إثيوبيا فى التوصل إلى اتفاق لحل تلك الأزمة.
الإعلان الإثيوبى الأخير بالمضى قدما فى استكمال بناء السد والقيام بعملية الملء الثانى للخزان خلال الشهور المقبلة قبل التوصل الى اتفاق بين الدول الثلاث يمثل انتهاكا واضحا للقانون الدولى ولإعلان المبادئ الذى تم توقيعه فى عام ٢٠١٥، والذي يفرض ضرورة التنسيق المشترك قبل اتخاذ أى إجراءات على السد، كما أنه يمثل تهديدا واضحا للمصالح المصرية والسودانية، وهو ما لا يمكن ان تقبل به الدولتان فمياه النيل قضية حياة ووجود لمصر والمصريين. كما أن الخطوات الانفرادية الإثيوبية تقوض جهود الاتحاد الإفريقى فى ظل رئاسة دولة الكونغو فى القيام بدور الوساطة والرعاية للمفاوضات، خاصة ان التعنت الإثيوبى أفشل المفاوضات التى رعاها الاتحاد الإفريقى برئاسة دولة جنوب إفريقيا، ولذلك من المهم أن يتخذ الاتحاد الإفريقى خطوات مهمة على الأرض لدفع إثيوبيا نحو التفاوض وفق جدول زمنى محدد للتوصل إلى اتفاق قانونى ملزم حول قواعد تشغيل السد وملء الخزان ويتضمن آلية قانونية ملزمة لفض النزاعات التى قد تنشأ فى المستقبل وهو ما تطالب به مصر ولن تقبل بأى خيار آخر لذلك لا يراعى المصالح المصرية.
الكرة الآن فى ملعب الاتحاد الإفريقى للتحرك بشكل سريع ومختلف عن نمط التحرك السابق من أجل سرعة التوصل إلى اتفاق ملزم لأن استمرار التفاوض بدون نتائج ومرور الوقت ليس فى مصلحة أحد. كما أن غياب حل شامل لأزمة سد النهضة يمثل تهديدا للسلم والأمن الاقليمى ويعيق فرص التعاون والاستقرار فى منطقة حوض النيل. وبالتالى الآمال معقودة على الاتحاد الإفريقى للتحرك السريع وفق آليات جديدة لإنهاء تلك الازمة.
لمزيد من مقالات رأى الأهرام رابط دائم: