إبداع «مراهق»

لدينا فى مصر 19 مليون فتى وفتاة فى المرحلة العمرية من 10 إلى 19 عاما .. وهذه الفترة العمرية وصفتها منظمة الصحة العالمية وجميع منظمات الأمم المتحدة بأنها مرحلة المراهقة، وهى أحرج فترة يمر بها الإنسان، حيث تتحدد فيها شخصيته وطباعه وميوله وممارساته ومستقبله، ولذلك فإن العالم كله يولى هؤلاء المراهقين الرعاية والدعم الكاملين من أجل مستقبل أكثر إشراقا، وقد وصفهم «بان كى مون» سكرتير عام الأمم المتحدة السابق بأنهم «أعظم طاقة بشرية مبدعة لم يحسن العالم استغلالها».. وهذا صحيح، فمن أولويات الإنسان فى مرحلة المراهقة إثبات الذات له ولغيره، فيريد أن يقول بأعلى صوت «أنا موجود وأنا متميز وأنا مبدع»، ويستمد من المدح والاستحسان الثقة بالنفس واكتساب الصورة الذاتية المثالية التى تدفعه إلى النجاح والتقدم .

لقد أثبتت البرامج التنموية فى دول متعددة أن من أهم ما يمكن أن نفعله من أجل دعم هؤلاء المراهقين هو أن نتيح لهم السبل التى تجعلهم يظهرون كل ما لديهم من قدرات وإبداعات، مما يدفعهم إلى التميز والمشاركة المجتمعية الهادفة، واكتساب الثقة بالنفس، وتكوين الشخصية السوية، والبعد عن المخاطر والممارسات الضارة التى تمثل تحديات لا حصر لها لهذه المرحلة العمرية فى زمننا المعاصر، وقامت منظمة اليونيسكو بمبادرة ناجحة فى هذا الشأن لمدة عامين متتاليين، حيث أتاحت لمجموعات من الموهوبين «فتيات وشباب» من جميع أنحاء الجمهورية عرض إبداعاتهم الفنية التشكيلية والتعبيرية فى دار الأوبرا تحت مسمى «ابداع مراهق».. إنها إبداعات فنية رائعة نالت الاستحسان والتقدير، ودفعت منظمة «اليونيسكو» إلى إصدار فيلم وثائقى عن الحدث، وطبعا غمرت الفرحة قلوب هؤلاء الشباب وزادهم التصفيق والإعجاب ثقة فى النفس، ورغبة فى التميز والنجاح، ولعل وزارة الثقافة تتبنى فكرة إقامة احتفالية سنوية فى بيوت الثقافة بالمحافظات لعرض «إبداعات المراهقين» دعما لهم وتعظيم الثقة بأنفسهم وتشجيع مشاركاتهم المجتمعية مما يحميهم من المخاطر والتحديات التى يتعرضون لها.

د. ممدوح وهبة