رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

من «تواريخ القاهرة» إلى منابع النهر.. دكتور نزار الصياد أستاذ التاريخ العمرانى
النيل خلق مدنه والمدن روضت النهر

حنان حجاج;

  • لا يمكن ان نكتب تاريخ «العمارة» بدون أن نقرأ تاريخ البشر وهذا ما أسميه دراسة العمران
  • لم أكتب كتابا عن النهر بل عن المدينة التى صنعها والتى روضته




لا تبدو المبانى بالنسبة له مجرد حوائط وطرز معمارية فقط مهما بلغت قيمتها الانشائية او جمالها ، فالعمارة فى حد ذاتها ليست هى المقصودة من دراساته ، انما وكما يقول أنه يدرس العمران، وبين العمارة والعمران مساحة شاسعة من التفاصيل ، فالعمارة بمعناها الهندسى لا يراها سوى جزء من لوحة العمران ذلك المفهوم الاشمل والاكثر عمقا وصدقا. فالعمران كما يراه دكتور نزار الصياد هو هذا التفاعل بين مكونات الحياة من ثقافة واقتصاد وسياسة وبين المكان الذى يعيش فيه البشر ، او كما يقول العمران هو الوعاء الذى يحوى كل مكونات الحضارة ليقدم رؤية حقيقية للتاريخ ، فهو لا يعتمد كما يقول على الرواية التاريخية الواحدة أو التوثيق المباشر للمكان ، بل يدرس التراكم الانسانى والتاريخى برواياته المتعددة فى المكان ليقدم لنا التاريخ العمرانى له .. على مدى 40 عاما اسس دكتور نزار الصياد استاذ العمارة والتخطيط والتاريخ العمرانى لهذا العلم الذى ربما لا زال مجهولا فى مصر وان كان قد اصبح له دراساته المهمة واقسامه المتخصصة فى جامعات اوروبا وامريكا، وفى ظل فلسفته تلك التى عمل عليها طوال 30 عاما فى قسم العمارة والتاريخ العمرانى بجامعة بيركلى كارليفورنيا ، قدم الصياد مجموعة من

اهم الكتب فى التاريخ العمرانى عالميا ومصريا وفى خلال السنوات الثلاث الماضية قدم كتابه القاهرة تواريخ مدينة ، وفى نهاية عام 2020 قدم كتابه عن النيل ومدنه والذى صدرت ترجمته العربية مؤخرا بعد صدور نسخته الإنجليزية منتصف 2020 عن جامعة هارفارد.. ودكتور نزار الصياد هو استاذ تاريخ العمارة والتاريخ العمرانى بجامعة كاليفورنيا بيركلى ، تخرج فى كلية الهندسة جامعة القاهرة منذ نحو 40 عاما حيث درس العمارة ، خرج من مصر الى الولايات المتحدة ليخلق لنفسه تخصصا جديدا وهو تاريخ العمران واخرج للمكتبة حوالى 20 كتابا باللغة الإنجليزية ، كما اعد لفيلميين وثائقيين مهمين عن القاهرة وله اهتمام خاص بالعمارة الاسلامية والتى ألف عنها كتابه « مدن وخلفاء» الذى نال عنه جائزة بيت القرآن من دولة البحرين، ومؤخرا قدم كتابه المهم « النيل.. مدن وحضارات على ضفاف النهر » الذى تمت ترجمته عن اللغة الإنجليزية.. تحاورنا مع دكتور نزار الصياد عن مفاهيمه المغايرة وكتابه الاخير وقراءته المدهشة للقاهرة وتاريخها او بمعنى ادق تواريخها.





بداية دكتور نزار انت تعتبر نفسك مؤرخا معماريا وليس مجرد استاذ للعمارة فما هو الفرق بينهما؟

التاريخ للعمارة اشمل واكثر اتساعا من مفهوم تاريخ العمارة المجردة، وربما يصبح المصطلح الادق هو تاريخ العمران وهناك مصطلح urbanisme وهو المعبر عن هذا العلم والذى يعنى دراسة البيئة الحضرية بكل مكوناتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والمعمارية والتاريخية، ليقدم لنا رؤية شاملة للعمران بمعناه الواسع والموثق، وبالنسبة لى فقد وضعت منهجا اصبح الان معترفا به يتعلق بكيفية توثيق التاريخ العمرانى للمكان وذلك عبر قراءة ما كتبه المؤرخون كل حسب اهتمامه فمثلا ابن خلدون اعتبره هو من اخترع علم الاجتماع الحضرى فهو من قال ان الدولة للعمران بمثابة الصورة للمادة وهو الشكل الحافظ بنوعه لوجودها.. ولا يمكن انفكاك احدهما عن الاخر فالدولة دون العمران لا تتصور والعمران دون الدولة متعذر والعمران الذى يعنيه ابن خلدون هنا هو المدينة بمبانيها وشوارعها وسكانها، ونستون تشرشل على سبيل المثال كانت له مقولة مهمة ان الانسان يصنع ما يبنى ولكن بالمقابل تصنع هذه المبانى الانسان نفسه، فانا عندما اؤرخ للعمارة لا اؤرخ للمبانى بل لكل مكونات الحياة او ما نطلق عليه العمران، فهذا التآريخ هو ما يشرح كل مكونات حياتها بل ويقدم التفسير الحقيقى لبعض اسئلة المعماريين مثلا عن مبانى بعينها ولماذا اتخذت ذلك الشكل او لماذا حافظت المدينة على اجزاء منها فى حين اندثرت اجزاء اخرى وهكذا.

فى كتابك «القاهرة تواريخ مدينة» تعاملت مع المدينة ومبانيها وشوارعها بنفس تلك المنهجية فكيف طبقت هذا على مدينة بحجم وقدم القاهرة؟

لم يكن كتاب القاهرة هو كتابى الاول عن المدينة سبقه منتصف الثمانيات كتاب بالإنجليزية لم يترجم عن شوارع القاهرة، ربما كان بدايات دراسة المدينة بالنسبة لى، وهناك مؤرخون آخرون قدموا كتبا مهمة عن القاهرة منهم الدكتورة جانيت ابو لغد والتى وضعت كتابا عن القاهرة فى بداية السبعينيات.. كان كتاب القاهرة فى البداية مشروعا اعدت له جامعة هارفارد ضمن عدة كتب عن مدن اخرى حول العالم وترددت كثيرا ان تكون القاهرة جزءا منه وبالفعل جاء كتاب القاهرة مستقلا، وكان لابد ان اقدم رؤية مختلفة لقراءة عمران المدينة وتاريخها الممتد لالاف السنين، وكان منهج الكتاب يعتمد على الانطلاق من مكان بعينه اوثقه بروح العمارى كتوصيف بناء ثم اقوم بقراءة المكان عبر قراءة ما كتبه المؤرخون عنه كل حسب اهتمامه فجميع من كتبوا عن القاهرة ارخوا له من الزاوية التى تهمهم، تجميع تلك الزوايا معا يمكن ان يخلق قراءة عمرانية جديدة، فمثلا قاهرة ابن خلدون تختلف عن قاهرة المقريزى وقاهرة المقريزى تختلف عن قاهرة ابن اياس كل منهم رأى المدينة من منظوره الشخصى واهتمامه العلمى، فابن خلدون تكلم عن العصبية وخلق نظام حكم بشكل اوضح تكلم فى السياسة ونظام الحكم، وجاء المقريزى وهو تلميذ لابن خلدون ليتكلم عن جانب اخر ليتكلم عن المبانى ولكن عبر الحديث عن البشر الذين بنوا هذا المبنى تحدث المقريزى عن السياق الاجتماعى والسياسى للمبنى ففى كتابة «الخطط والاثار» ٪80 مما تحدث فيه وارخ له كان منطلقا من مبانى المدينة مساجدها وقصورها وحدائقها ولكن انطلاقا ممن بنوها وتاريخهم الشخصى والظرف السياسى والاجتماعى المصاحب، بينما نجد ابن اياس مثلا ينطلق من الاسماء والعائلات وما فعلوه وهو منظور من وجه نظرى كباحث تنقصة الدقة والموضوعية، وعندما قررت الكتابة عن المدينة اخترت مجموعة من الاماكن المعبرة عن حقب تاريخية معينة وبدآت فى قراءتها تاريخيا ومعماريا من خلال ما كتبه هؤلاء المؤرخون باختلاف اهتماماتهم لاستطيع ان ارسم فى النهاية تاريخا عمرانيا للمدينة ومبانيها وطرقها بشكل دقيق ومغاير وربما يقدم تفسيرات لم تكن معروفة لتاريخ المدينة.

بما انك تقرأ تاريخ المدينة بشكل مغاير وتراقب تطورها بعين الباحث فى رأى، ايهما يتراكم ويترك بصمته على الآخر مبانى المدينة ام اهل المدينة؟

يختلف الامر من مكان لاخر هناك مدن يمكن ان نقرأ تاريخها عبر قراءة مبانيها، وهذا ينطبق تماما على المدينة الاوروبية فالمدن فى اوروبا من السهل ان تعرفى تاريخها الاجتماعى من خلال مبانيها، فاوروبا فى العصور الوسطى مثلا كانت الطبقات الاجتماعية واضحة تماما، فهناك النبلاء والكنيسة والتجار او كبار المصنعين، كل طبقة من تلك الطبقات كان لها شكلا وطرازا معماريا واضحا وكل طبقة او فئة كان لها ما يمكن اعتباره تماثلا معماريا، بل كانت المبانى والميادين يطلق عليها اسماء المؤسسات التابعة لها كان للنبلاء احياءهم وقصورهم وللكنيسة املاكها ولرجال الطبقة الوسطى العليا احياؤهم وهكذا وبمجرد النظر لخريطة تلك المبانى او التجول فى المدينة من السهل تماما تحديد تاريخها العمرانى وتفاصيل حياة سكانها. على النقيض منها المدينة العربية كان من الصعب قراءتها من خلال مبانيها فلم يكن هناك تلك الحدود الواضحة بين المبانى كانت مدينة يغلب عليها حركة البشر اكثر من استقرارهم وبالتالى كان البشر هم الاساس وبالتالى بات من المهم البحث عن وسلة اخرى لتحديد تاريخ المدينة العمرانى وملامح هذا التاريخ تحديدا.

تعاقبت على مصر انماط بناء مختلفة ومتباينة تماما وفى مدينة القاهرة وحدها مجموعة ضخمة من تلك الانماط منها ما هو اسلامى وما هو اوروبى كلاسيكى او ما ارتبط بالفترة الاشتراكية، هل اثرت تلك الانماط المعمارية فى الشخصية المصرية ام انها كانت انعكاسا لها فى فتراتها المختلفة؟

بداية شخصية مصر التى كتب عنها جمال حمدان لم تعد هى نفسها فلا المكان حافظ على وجوده ولا الاشخاص اصبحوا هم انفسهم، المدينة التى تحدث عنها المؤرخون وحتى المعماريون فى منتصف القرن الماضى اختلفت تماما، يمكن ان اقول ان عشوائيات البناء التى اجتاحت مصر منذ منتصف السبعينات اثرت تماما على الشخصية المصرية وبالتالى شخصية المدينة وتاريخهاو المبانى حتى فى ارقى الاحياء تتسم بالعشوائية وحول المدينة وحتى فى داخلها تنتشر البؤر العشوائية تماما، كل هذا انتج بدوره شخصيات تشبهه فكما قلنا الانسان يعكس شخصيته وثقافته على المبنى والمبنى ايضا تعكس طبيعتها على الفرد كلاهما يتفاعلان سويا، اصبح هناك ما يمكن اعتبره الشخصية العشوائية ونمط التفكير العشوائى الذى يحكم المنظومة بالكامل ومنها منظومة البناء بينما ظل ما تبقى من الحقب السابقة يمثل التاريخ الواضح للمدينة وان كان غير مكتمل فانا مثلا كنت ضد هدم مبنى الحزب الوطنى القديم لانه لم يكن مجرد مبنى بل هو جزء من تطور التاريخ السياسى للمدينة منذ كان مبنى لمحافظة القاهرة ثم للاتحاد الاشتراكى ثم الحزب الوطنى.

أخر كتاب قدمته قبل اسابيع هو «النيل.. مدن وحضارات على ضفاف النهر» هل هو كتاب عن الجغرافيا ام عن تاريخ النهر ام ماذا لان كتابة مؤرخ عمرانى عن النهر تبدو غريبة بعض الشىء؟

كان هذا هو السؤال الاول الذى تبادر لذهنى عندما فكرت فى الكتابة عن نهر النيل لكن ليس بتلك الصيغة تحديدا تساءلت هل استطيع ان اضيف شيئا لما كتبه الجغرافيون وعلماء الجيولوجيا عن اقدم واطول انهار العالم واكثرها شهرة وكان من هؤلاء الدكتور محمود الصياد وهو ابى الذى كان من اشهر علماء الجغرافيا فى مصر منتصف الخمسينيات، وكان متخصصا بشكل كبير فى القارة الإفريقية ومصر والسودان ونهر النيل تحديدا، والف بالفعل كتابين مهميين جدا عن نهر النيل وقدم اطروحته للدكتوراه عن مصر والسودان حيث كان يدرس للدكتوراه فى انجلترا، كان النيل وبالتحديد الكتابين اللذين ألفهما ابى من اوائل قراءاتى المبكرة تماما، وبعد ان انهيت كتاب القاهرة كانت فكرة ان اكتب عن النيل قد اكتملت تماما، فآنا لن اكتب عن النيل كنظام مائى او عن تاريخه البيئى فهذا عالجة الجغرافيون وعلماء الرى والجيولوجيا، بل سآكتب عنه كوعاء للعمران وصانع له، بشكل اكثر بساطة سآكتب عن المدن والحضارة والعمران التى صنعها النيل من منابعه الجنوبية وحتى مصبه فى الشمال، 16 مدينة منها الكبيرة والصغيرة تناولها الكتاب فى علاقتها بالنيل وتحديدا كيف صنعها وحدد ملامح عمرانها وتاريخها، وهى مدن «كمبالا» فى اوغندا، و«جوبا» فى جنوب السودان، و«جوندر» و«بحر دار» فى إثيوبيا، و«الخرطوم» و«ام درمان» و«مروى» فى السودان، واسوان والاقصر واخيتاتون او العمارنة والفيوم والقاهرة والمنصورة ودمياط ورشيد والاسكندرية وكلها فى مصر ولاجل تحقيق هذا، زرت 9 دول من دول النيل من بين 11 دولة يمر عليها النيل بداية من منابعة من بحيرة فكتوريا حيث كمبالا وصولا الى رشيد والاسكندرية شمالا حيث مصبى النيل فى مصر ولظروف الصراعات والحروب لم اتمكن من زيارة دولتين.واستغرقت رحلة منابع النيل وحدها 8 اشهر ثم ما يقارب العامين فى السودان ومصر وفى كتابة مادة الكتاب.. بشكل محدد حاولت فى الكتاب ان اربط بين مجرى النيل الذى يمتد إلى مسافة لـ 6825 كيلو مترا وبين الحضارة التى نمت على ضفته بدرجاتها المختلفة وصراعاتها ايضا، وشكل مدنها، وعلاقة السكان بالنهر، وهو الامر الذى اثر تماما فى الحياة والبناء وحتى المعتقد الدينى لتلك الدول واثر وتأثر بصراعاتها السياسية والعسكرية. ومنذ النقطة الاولى لمنبع النيل تنسمت الحضارة المصرية ففى نقطة بعيدا على تلال جبل «كيكيزى» فى منطقة هضبة البحيرات فى جمهورية بروندى يوجد هرم صغير ارتفاعه حوالى 4 امتار على جانب من جوانبه الاربعة توجد لوحة نحاسية صغيرة كتب عليها باللاتينية منبع النيل وهى اللوحة التى تمثل فى رآيى نهاية رحلة استمرت الاف السنين من محاولات استكشاف المنبع الاول للنهروبعد الاف الكيلومترات من هذا المنبع يمر النهر ايضا بالقاهرة مقاربا لاهرماتها الثلاثة فى واحدة من اهم مدن النهر منف او الفسطاط او القاهرة وطوال تلك الرحلة يمكن بسهولة ان نكتشف علاقة المدينة بالنهر فان كان النهر هو من خلق المدينة فالمدينة ببشرها وحضارتها هى من روضت النهر وجموحه.

استشراقا من كتاب النيل،، كيف ترى الازمة الحالية بين مصر وإثيوبيا هل تراها قابلة للحل او كما يبدو من المفاوضات الحالية ستصل الى طريق مسدود؟

ربما لى رأى مخالف لحد كبير لما هو سائد الان، فانا أرى ان المشكلة الاكبر الان اننا لا نبحث عن بدائل ولدينا بالفعل بدائل سواء عبر النيل نفسه او عبر استخدام مواردنا الاخرى من المياه، بداية يجب ان نعرف ان العلاقة بين مصر وإثيوبيا تعود للعصر الفرعونى والنيل دائما كان ايضا هاجسا لدى كل حكام مصر ان تحدث ازمات مع دول الجنوب وتنقطع عنا المياه،حتى انجلترا والتى كانت تحتل مصر منذ نهاية القرن التاسع عشر كانت تفكر دائما فى كيفية حماية مياه النيل، وعندما احتلت إثيوبيا من قبل إيطاليا كان لدى انجلترا هاجس قوى فى امكانية ان تقطع إيطاليا مياه النيل عن مصر والتى كانت وقتها مزرعة القطن الاولى للمصانع الإنجليزية، دائما كان النيل امرا استراتيجيا ولكن ليس لنا وحدنا بل ايضا للدول الاخرى ومبادة انشاء السدود على النيل من بدأها حقيقة هى مصر بحكم حضارتها الاكثر قدما وتقدما، وبغض النظر عن الخلاف السياسى القائم حاليا فان مصر لا تملك منع إثيوبيا من تنفيذ تلك السدود او تخزين المياه لتوليد الكهرباء كما فعلنا نحن عند بناء السد العالى، ولكنها تملك ان يكون هذا باتفاق واضح ومراع لمصلحة دول النيل خاصة فيما يتعلق بعمليات ملء الخزان، ولكن الاهم فى رآيى هو البدء فى البحث عن بدائل اخرى سريعة اخرى فمثلا من المعلومات التى لا يتم الالتفات لها هو ان النيل الازرق مساره فى السودان قصير جدا حوالى 600 ميل فقط حتى يلتقى بالنيل الابيض ثم يكمل رحلته وبالتالى فالنيل الازرق يسير فى إثيوبيا ومصر اكثر بكثير مما يسير فى السودان وبالتالى كان من المهم الالتفات ان علاقتنا بإثيوبيا فى ملف النيل تحديدا تستحق اهتماما تنسيقيا اكبر بكثير من تنسيقنا مع السودان وتلك حقيقة مهمة، الامر الاخر هو النيل البيض ومنطقة بحيرة السد التى تقدم ما يقارب الـ 85% من المياه التى تتدفق فى النيل وتصل الى مصر.

ومنابع النيل الابيض بحيرة «السد» هى بحيرة ضخمة تقارب فى مساحتها مساحة سوريا مثلا يخرج منها 15 فرعا يغذون النيل الابيض فى جنوب السودان وهو مستنقع ضخم للاسف تتعرض 80% من مياهه للبخر بسبب ارتفاع درجة الحرارة، ومصر التفتت لاستثمار مياه تلك المنطقة مبكرا وبالفعل كان هناك تفكير فى عمل قناة وهى قناة «جونجلى» التى كان سيتم تجميع مياه البحيرة فيها فى قناة وايصالها لنقطة محددة عبر قناة عميقة تقلل لحد كبير من عمليات البخر وتتحكم فى مسار المياه، وساندت مصر بالفعل الفكرة ودعمتها سياسيا، ولكن مع الصراع بين دولة السودان وجنوب السودان توقف المشروع ورغم ان مصر كانت من اوائل الدول التى اعترفت بدولة جنوب السودان وبالتالى كان يجب استغلال هذا التقارب السياسى لاتمام المشروع ولكن للاسف لم يحدث، كما لم نبدأ مشروعات حقيقية لتحلية مياه البحر.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق