لن ينسى جيلى انتفاضة الشباب فى الجامعات المصرية فى عام ١٩٦٨ بعد هزيمة يونيو وما أطلقنا عليها اسم نكسة..كان أخطر ما فيها أنها ثورة أبناء عبد الناصر صانع الحلم ضد مشروعه الذى انكسر..لم ينجح شباب الجامعات يومها فى تغيير أى شيء من الواقع المهزوم خاصة بعد أن حاصرتنا قوات الأمن داخل قاعة المحاضرات الكبرى فى جامعة القاهرة..كانت هذه أولى تجارب الأمن المركزى فى التعامل مع الشارع المصرى وكنا أول ضحاياه..أعادت ثورة يناير ذكرياتنا عن انتفاضة٦٨ رغم اختلاف الزمان والرموز والأحداث..كان فيها شيء من عبق رحل وقد تعاطفت كثيراً مع شباب من حقه أن يعيش ويحلم بالعيش والحرية والكرامة الإنسانية..وإذا كان جيل يناير قد خرج من المعادلة لأنه لم يكن يملك القدرة على أن يشارك ويكون صاحب دور ومسئولية، فإن هذا لا يسقط حقه التاريخى فيما جرى بعد ذلك من المتغيرات..إذا كان هناك من سطى على الثورة وجنى ثمارها فان التاريخ لا يسامح فى سرقة الأدوار..مازلت اعتقد أن هناك صفحات سوف تتكشف يوما عن شهداء ثورة يناير وأعدادهم والذين فقدوا عيونهم وأقدامهم من الضحايا والمصابين..وسوف تكشف الأيام الأدوار الحقيقية لكل من شارك فى هذه الثورة..إن هناك أدوارا غامضة وأخرى متواطئة وهناك أيضا شرفاء ضاعت مواقفهم فى الجحود والإنكار..مازلت اعتقد أن ثورة يناير ثار حولها ضباب كثير وما بين إنصافها وتشويهها والتخلص منها ثار جدل كبير..ولكن الأمانة تقتضى منا أن نكون أمناء مع أنفسنا فى جزء عزيز من تاريخنا المعاصر..فى تاريخ مصر صفحات كثيرة تعرضت للظلم والتجاهل والتشويه ولم يستطع احد أن ينقذها أو ينصفها ووقفت معلقة بين الحقيقة والتجاهل..واخشى مع الوقت أن تتداخل الأحداث والأشياء والرموز..ولهذا يجب أن نقف أمام مجموعة من الحقائق أن نفرق بين الأيام الأولى للثورة وأن نكشف المفاوضات بين الدولة والإخوان لإجهاض المظاهرات ثم نزول الإخوان إلى الشارع وما شهدته البلاد من أعمال العنف ودور القوات المسلحة فى عودة الاستقرار..وبعد ذلك كله هل كانت ثورة ٣٠ يونيو بعيدة تماما عن أحداث ثورة يناير أم كانت استكمالا لها وترشيدا لمسيرتها وبعد ذلك وقبله أين تقع موقعة الجمل فى مسيرة الأحداث..ومن كان وراءها من رموز السلطة..؟!
[email protected]لمزيد من مقالات فاروق جويدة رابط دائم: