رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الأديب اليمنى وليد دماج: الشعر حالة انتماء.. والرمز أساس الإبداع

حوار ــ فاطمة دياب
الأديب اليمنى وليد دماج

«وليد دماج» روائى وشاعر وكاتب قصة يمنى، ينتمى لأسرة ثقافية عريقة، ولد وسط الكتب والمؤلفات العربية والعالمية، فنهل منها وتأثر بعدد من الأدباء والشعراء فى مقدمتهم عمه زين دماج وأحمد دماج رئيس اتحاد كتاب اليمن وزيد مطيع دماج والبردونى والمقالح ومحمد عبد الولى، وغيرهم. درس المحاسبة بجامعة صنعاء، لكنه بتأثير من بيئته لم يجد نفسه فى مجال غير الفن والأدب. كتب الشعر أولا واتجه إلى القصة القصيرة، ثم رسا على ضفاف الرواية. عمل رئيسًا للمكتب التنفيذى لصنعاء عاصمة الثقافة العربية 2004، وشارك فى الكثير من الندوات والفعاليات الأدبية والثقافية، حصل على درع الشعراء الشباب 2004، وفاز بجائزة دبى الثقافية لعام 2011 عن رواية «ظلال الجفر»، وهو حاليا متفرغ للكتابة.

ومن هنا جاء معه هذا الحوار:

 

 

 

بدأت بالشعر.. ماذا عن تجربتك الشعرية؟

اليمن أرض خصبة للشعر، وعدد شعرائها كبير، الشعر يمثل حالة من الانتماء الوجدانى، ويتميز الشعر فى اليمن بتنوعه وتعدده من حيث الوظائف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية، ويسهم فى حل الإشكاليات والقضايا الشائكة بين الأفراد والقبائل، وأعتقد أن المبدع فى اليمن يبدأ كشاعر بالسليقة. أما عن تجربتى فرغم كتاباتى المتعددة فى الشعر لم أجد ذاتى إلا فى القصة ووجدتها أكثر حين اتجهت للرواية.

قصتك الأولى «انتظار» فيها شيء من الغموض؟

هى عن بطل يصعد السلم مرارًا ، صعودًا وهبوطًا، متخيلًا من يراقبه، وهو رمز لطلب ورغبة الاحتواء ووجود من يهتم به وأن يصبح محط اهتمام، «انتظار» فى فلسفتها حالة دائمة للحلم بشيء لحياة الإنسان لم يصل إليه بعد.

وما الذى دفعك إلى كتابة الرواية؟

القصة القصيرة تجعل الكاتب شديد التفكير والملاحظة والتأمل فى الشخصية المحورية للقصة والغوص فيها، وكان من الطبيعى بالنسبة لى أن تكون الطريق الممهد للرواية.

لكل كاتب مراحل تطور، ويفترض أن يصل إلى النضج فى وقت ما؟

رأيت نفسى فى قصة (نوم) أخوض مرحلة النضج الفكرى والإبداعى ، هى عن حالة بطل متأزم نفسيا ما بين الهلاوس والواقع باستدعائه الارواح الراحلة التى يفتقدها، وهى حالة من الاحتياج لهؤلاء الذين تركوا فراغًا فى حياته، هذه حالة إنسانية دائمة كرغبة فى الغوص فى المجهول، وتساؤلات أين رحلت أشياؤنا؟ مع الوعى باستحالة استعادتها.

قصة (بائع الأعشاب) مثلت حالة الشعور بالغربة والاغتراب فى حياة البطل، ما الغرض؟

هى حالة الإنسان العربى بشكل عام الذى كثيرا ما يعانى غربة خارجية واغترابا داخليا، تؤكد أن الغربة والاغتراب جزء اصيل من حياة الأفراد فى عالمنا، بل جزء أصيل من التركيبة الذاتية للأفراد.

ولكن «بائع الأعشاب» تناقش أزمة عنصرية؟

صحيح، هناك آباء يمنيون يهاجرون إلى الحبشة وإفريقيا ويتزوجون حبشيات أو إفريقيات، والأولاد من هذا الزواج يسمون (مولدين) ويعاملون معاملة عنصرية، فتتولد لديهم حالة اغتراب رغم أنهم داخل الوطن.

تجنح إلى الرمز غالبا.. لماذا؟ ،

الرمز أساس فى الإبداع. والعمل الأدبى إذا لم يكن فيه قدر من الرمز يخرج من مفهوم القيمة، ومن جانبى أميل للتجريد وأحرص على ألا تتحول الكتابة إلى رصد مباشر، وأحاول تحقيق عناصر التشويق، واستكشاف عالم «الميتافزيقيا» وتأثيره النفسى على الناس، وتمثل هذا بوضوح فى «بائع الاعشاب»، وفى قصص «تلاشي»، و«مزحة»، حيث تمثل المفارقة ما بين الواقع والمجهول ومحاولات استكشافه.

«ظلال الجفر» فازت بجائزة دبى فى الرواية كيف استقبلت نبأ الفوز؟

فوزها جاء مفاجأة كبيرة لى . هى رحلات فى مدارك النفس وأعماقها.. يمر البطل برحلة صوفية ليصل لأعلى مراتب الصوفية حتى يجيد فنون التأثير العالية للوصول لتهذيب واستكشاف حقيقة النفس الإنسانية، وهى من أربعة أجزاء: (كتاب الظل ــ كتاب الروح ــ الجسد ــ البرزخ) تتناول مسيرة الذات الإنسانية من البداية إلى النهاية من وجهة نظر صوفية، فالإنسان يبدأ من نقطة البداية فى المكان وينتهى فيها أيضا، كما الكون.

وما الذى دفعك إلى هذا الاتجاه..التصوف؟

لأنه حالة للتوحيد بين الأديان، لكنه تأثر ببعض الفلسفات كفلسفة وحدة الوجود ومحاولة التوحيد ما بين الجسد والروح، وأظن أن التصوف محاولة لفهم العالم والغوص فى النفس الإنسانية للوصول للمعرفة الكاملة والإبحار فى مستوياتها المختلفة وصولًا لما يمكن أن يسمى بالمعرفة المطلقة. التجربة الصوفية ليست حالة واحدة فكل له تجربته المتفردة لبلوغ تلك المعرفة؛ لذلك شبهت الحقيقة المطلقة بجوهرة فى غرفة تحيط بها المرايا، لكن يجب ألا تأخذه وتستلبه.

رواية «هُمْ » تبدو واقعية.. هل وراءها سر؟

رأيت مهووسًا (مجنونًا) يكتب وآخر يقرأ فتلبستنى صورة أن الأول يكتب والثانى يقرأ له.. وكتبت عن الجنوب كحالة إنسانية بشرية ونفسية قبل أن تكون عقلية، ومحاولة من هذا كشخص لإقناع الآخر بفكرته التى فى النهاية أوصلته لهذا، وفيها عرفت الكثير عن الجنون بعد قراءات فى علم النفس والاقتراب من الجنوب السوداوى من خلال مراكز الصحة النفسية، وعرفت أن كل مجنون يمثل حالة خاصة، ويوجد عالمه الخاص الذى يلجأ إليه هربا من واقع «ما» وكل له دوافعه وطريقته المرتبطة بحالته.

ماذا تقصد بالجنون ؟

الجنون هو المغايرة.. أن تعيش بطريقة مخالفة لما يعتقده المجتمع، لهذا اتهم كثير من العباقرة بالجنون.

تبدو رواية «أبوصهيب العمري» قريبة إلى حد ما من «ُهْم»، فى الروح والجو؟

نعم ، فأحداثها تدور حول المعتقلات فى أيام الحوثى وانتقاء شخصيات من مذاهب فكرية ودينية مختلفة فى زنزانة واحدة ، يدور الحوار بينهم ويتمخض عن أن البطل الحقيقى ــ الذى زج به بينهم دون تهمة ودونما اعتناق أى فكر ــ انتمى لأعتى الجماعات المتطرفة وهى القاعدة.

وماذا عن الرواية الواقعية «وقش أو هجرة الشمس»؟

هى عن فرقة دينية كانت فى القرن الثالث والرابع والخامس الهجرى فى اليمن وما حواليها، فرقة للمذهب الزيدى، وتحولت للمذهب الاعتزالى، تحكى الرواية عمليات إبادتها والقضاء عليها بالكامل، بقرى ومناطق أحرق كل ساكينها من طلبة العلم المعتمد على التفكير العقلى ودراسة الفلسفات والأديان وإعلاء شأن العلم والعقل. وهنا انبه إلى أن دور الكاتب «أو المثقف والعالم» هو إيجاد حالة من الارتقاء الذهنى وتطوير الوعى المجتمعى.

لكنك لاتبدو متفائلا فى أعمالك؟

ونحن نحفر فى أعماق النفس دائما ما ندور فى ظلمات طويلة حتى نبلغ النور من عمق هذه الظلمة.

لابد أنك تأثرت بكاتب أوأكثر.. بمن تأثرت ولمن تقرأ؟

بكثيرين لكن يبهرنى توفيق الحكيم فى خطوط أفكاره وغوصه داخل النفس وفلسفتها ومحاولة استشفاف المستقبل الإنسانى، هو فى رأيى أعظم كتاب القصة العربية.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق