-
د.أباظة : رفع مكافأة أطباء الإمتياز وبدل المهن الطبية تم بعد تدخل الرئيس
-
سكن الأطباء داخل المستشفيات غير لائق ويفتقد لمقومات «الآدمية »
-
د. العدوى : العجز كبيرفى «الرعاية» و«الطوارئ» و«التخدير».. والطبيبات يفضلن الجلدية والنساء والتوليد
-
د.نجوى: الطبيب المصرى سمعته ممتازة.. ولكن أجره ضعيف
-
د. ياسر: نحن متهمون دوما بالتقصير. ونطالب بتعميم شرطة «معهد ناصر» لحمايتنا
-
د. عبد الحى: هجرة ثلاثة آلاف طبيب خلال عام فقط .. والوزارة بدأت تحسين المنظومة
-
دراسة لوزارة الصحة : السفر أو الإستقالة من أسباب الهجرة
مهنتهم رسالة سامية لإنقاذ حياة المرضى ، ولكن لا يمكن أن نطالبهم بأن يكونوا رسلا أو أنبياء.. ، فهم مجرد بشر اختاروا أن يكونوا « أطباء».. صحيح أنهم ارتضوا العمل فى أجواء لا تخلو عادة من المخاطر، ولكن ذلك لا يعنى أن نتوقع منهم التسامى فوق الماديات ، أوتحمل ضغوط العمل لساعات طويلة بالمستشفيات مع قلة الإمكانيات، والمبيت فى «استراحات» تفتقد ـ أحيانا ـ لأبسط المقومات.. ، فمن حقهم أن يجدوا تعويضا سخيا عن احتمالات العدوى التى تحاصرهم فى غرف العناية المركزة والعمليات.. ، فضلا عن عملهم تحت تهديد الخوف من التعرض للإهانة والاعتداءات .. ، لذلك قبل أن نسأل لماذا يهاجر الأطباء، ويتسربون تدريجيا من المنظومة الصحية، خاصة الحكومية ؟ علينا أن ندرس واقع هذه المشكلات، متفائلين بما بدأته الدولة أخيرا لسد ثغرات التسرب، وتشجيع الأطباء على البقاء .
كشفت دراسة قام بها المكتب الفنى لوزارة الصحة بالتعاون مع المجلس الأعلى للجامعات، والمجلس الأعلى للمستشفيات الحكومية، أن عدد الأطباء البشريين المسجلين والحاصلين على ترخيص مزاولة المهنة من نقابة الأطباء، باستثناء من بلغوا سن المعاش، يبلغ حوالي 212 ألفا و835 طبيبًا، يعمل منهم حاليًا فى جميع قطاعات الصحة، سواء بالمستشفيات التابعة للوزارة أو المستشفيات الجامعية الحكومية، أو القطاع الخاص حوالى 82 ألف طبيب فقط، أى بنسبة 38% من عدد الأطباء المسجلين والحاصلين على ترخيص مزاولة المهنة !
بالمقارنة بين الرقمين، يتضح أن 62% منهم متسربون من المنظومة الطبية، إما بسبب السفر للخارج للعمل أو لاستكمال الدراسات العليا، أو بسبب الحصول على إجازات بدون راتب، أوالاستقالة نهائيا من العمل الحكومى.
وتخلص الدراسة إلى أن مصر لديها طبيب لكل 1162 مواطنًا ، بينما المعدل العالمى ـ طبقًا لمنظمة الصحة العالمية ـ هو طبيب لكل 434 مواطنًا.
وبسبب اثارة القضية ومع ظهور جائحة كورونا وما سببته من ضغط شديد على الأطباء، ظهرت مقترحات تطالب بتخريج دفعة استثنائية من كليات الطب، أوالاستعانه بخريجى الصيدلة لمواجهة أزمة النقص ، إلا أنها لم تجد طريقها نحو التطبيق .
الطب الوقائى
القضية ليست فقط وجود عجز فى عدد الأطباء مقارنة بعدد السكان، وإنما وجود عجز أيضا فى تخصصات طبية مهمة جدا داخل المستشفيات، الدكتور عادل العدوى وزير الصحة الأسبق، يضرب مثالا بطبيب العناية المركزة الذى لا يجد تعويضا كافيا عن عمل مرهق ، يعرضه لاحتمالات عالية من العدوى، فى الوقت الذى لا يستطيع فيه هذا الطبيب أن يفتح عيادة طبية خاصة به ، لذا يكون اعتماده الأساسى على دخله الحكومى، وإذا أراد الحصول على دخل مجز فيكون بالعمل فى مستشفى خاص أو أكثر ، وفى ذلك إرهاق شديد له، وفسرالعجز الموجود فى بعض التخصصات مثل: الرعاية المركزة والطوارئ والتخدير بعدم إقبال الخريجين على هذه التخصصات، نظرا لصعوبة العمل فيها وعدم امكانية فتح عيادة ـ كما أشرنا ـ، وكذلك تفضيل الطبيبات اختيار تخصصات أخرى، مثل المعامل والأطفال والجلدية والتغذية والتخاطب والأنف والأذن وتأخر الكلام والنساء والتوليد
وأضاف العدوى: أن الحل هنا يكون بعودة الاهتمام مرة أخرى بتخصصات الطب الوقائى والأمراض المعدية خاصة بعد انتشار كورونا ، وكذلك طب الأسرة والرعاية المركزة والطوارئ، وضرورة أن يكون هناك تدخل لتحديد اختيارات تخصص الخريج ، بحيث لا يتم ترك الأمرمفتوحا للرغبات الشخصية والأهواء، وإنما بما يلبى الاحتياجات وفقا لخريطة العجز الموجودة لدينا .
لافتا إلى حدوث طفرة خلال السنوات الماضية فى هذا الملف سواء بتطوير المنشآت الصحية، أو بتعديل بعض أوضاع الأطباء ، وكذلك نظام التعليم الطبى، واعتماد شهادة خريجى كليات الطب دوليا من الاتحاد الدولى للتعليم الطبى .
وقال وزير الصحة السابق : ان الحياة مابعد الجائحة فرضت آليات كثيره للتعامل، أهمها : الحفاظ على الرصيد البشرى من الأطباء، وتسخير مزيد من الإمكانيات والموارد لخدمة النظم الصحية ، مما يستلزم إنشاء مدارس طبية جديدة وعمل نظام تدريبى للأطباء بعد التخرج ، وأعرب عن تفاؤله بقانون التأمين الصحى الشامل ، موضحا أنه سيسهم فى حل الكثير من المشكلات من خلال رفع أجور الطاقم الطبى بأكمله ، ورفع مستوى التدريب بالتعاون مع كبرى الجامعات العالمية مثلما حدث أخيرا مع «هارفارد» و»الملكية البريطانية» .
اهتمام رئاسى لانصاف الأطباء
مشاكل الأطباء معروفة منذ زمن بعيد ، ومع ذلك لم يقترب أحد من هذا الملف باستثناء الرئيس السيسى الذى تدخل خلال الفترة الماضية لرفع دخل الأطباء، هكذا بدأ الدكتور عبدالحميد أباظة مساعد وزير الصحة السابق، ورئيس لجنة وضع قانون التأمين الصحى الشامل، حديثه مشيرا الى أن قانون كادر الأطباء الذى تم إقراره خلال السنوات الماضية ضمن قانون يشمل كادر القطاع الطبى ككل، تعرض لمشاكل كثيرة، حيث رفضت وزارة المالية وقتها التمويل، كما رفضت أيضا تمويل بدل العدوى والمهن الطبية، ولم ينقذ الموقف سوى إصدار رئيس الجمهورية قانونا بقرار وقتها ، وتم النص فى القانون « على أن هذه مرحلة أولي يتبعها مراحل أخرى طبقا للاحتياجات.
وأضاف أباظة ، أنه لولا تدخل الرئيس السيسى بعد جائحة كورونا ورفعه بدل العدوى والمهن الطبية، ما كان ليحدث شئ، كما قام أيضا برفع مكافأة أطباء الامتياز (الذين أنهوا دراستهم فى كليات الطب ويقومون بالخدمة لمدة عام فى المستشفيات بعد التخرج مباشرة) إلى 5 أضعاف قيمة المكافأة الحالية ، تقديرا لدورهم فى مكافحة وباء كورونا، وقال ـ من ناحية أخرى : ان من المشكلات التى تؤثر على آداء الطبيب واستقراره النفسى، أن سكن الأطباء ببعض المستشفيات غير آدمى بالمرة، فى حين أن «استراحة « الطبيب فى الدول الأخرى تقارب فى المستوى فنادق ذات السبعة نجوم ، فهى المكان الذى يساعده على اقتناص أوقات للراحة تمكنه من مواصلة عمله بهمة ونشاط، ولعل ماحدث لإحدى الطبيبات الشابات قبل عامين فى استراحة الأطباء داخل مستشفى المطرية التعليمى ، قد صدم الرأى العام بهذا الواقع، إذ دفعت الطبيبة سارة أبو بكر حياتها ثمنا لإهمال الصيانة بسخان الاستراحة، حيث أثبتت تقارير اللجان الفنية أن وصلات الكهرباء والأسلاك كانت مكشوفة، مما أدى إلى صعق الطبيبة المغتربة، والتى لجأت إلى الإستراحة بعد تعذر إيجاد سكن لها داخل مستشفى قصر العينى ، تلك الواقعة رغم أنها كانت سببا فى معاقبة محكمة جنح المطرية لعدد من الإداريين بالمستشفى بالسجن خمس سنوات مع الشغل، إلا أنها لم تغير شيئا فى واقع مشكلة السكن ومستواه غير اللائق فى كثير من المستشفيات.
وانتقد مساعد وزير الصحة السابق ، وجود أكثر من هيئة مستقلة ماليا واداريا داخل المنظومة الصحية ووزارة الصحة ، مثل أمانة المجالس الطبية المتخصصة، وهيئة المستشفيات التعليمية، وهيئة التأمين الصحى، الأمر الذى يؤدى الى وجود لائحة وكادر خاص لكل هيئة ، بمايفرق بين الأطباء العاملين ماديا، وهو ماوصفه بأنه : أمر غير منطقى، إلا أنه عاد ليؤكد أن قانون التأمين الصحى الشامل سيعالج هذا الأمر بإنشاء «هيئة الرعاية الصحية» التى تجمع كل الهيئات والمستشفيات تحت إطار واحد، وتتبقى الحاجة إلى وجود مساعد لوزير الصحة لشئون القطاع الطبى ككل ، بمافيهم الأطباء، للمساعدة على رصد مشاكل العاملين بالقطاع وحلها.
السمعة الممتازة للأطباء المصريين
لم تكن هجرة فريق من أطباء مصر للعمل بالخارج ، أن تتم لولا تمتع الطبيب المصرى بسمعة طبية ممتازة، تجعل هناك رغبة من الدول الأخرى فى استقطابه للعمل بها..، هذا ما أكدته الدكتورة نجوى الشافعى وكيلة نقابة الأطباء، مضيفة : بالرغم من هذه الميزة المهمة إلا أننا ومع ضعف الراتب الذى يتقاضاه الطبيب فى مصر، مقارنة بما يحصل عليه نظيره بالدول الأخرى، أصبحنا نعانى من وجود عجز ملحوظ فى عدد الأطباء، حيث يعد أجر الطبيب طبقا للمعدلات العالمية من المرتبات المنخفضة.
وأشارت وكيلة نقابة الأطباء الى ضرورة معالجة ملف تدريب الأطباء، وزيادة دخل أطباء التخصصات التى بها عجز، حتى يتم سد العجز بها قائله : لدينا 303.358 ألف طبيب مسجل بالنقابة، منهم 20ألف وفاة، و62 ألف معاش، بينما متبق فى مصر 125ألف طبيب والباقى خارج مصر، وتضيف: الدولة والرئيس يحاولان جاهدين إصلاح عوار المنظومه الطبية ولكننا نطمح فى المزيد .
وحول أزمة أطباء التكليف من دفعة مارس 2020، توضح الدكتورة نجوى ، أن الوزارة فرضت نظاما جديدا للتكليف ، يربط بين التكليف بالوحدات الصحية ، وبين وظائف الأطباء المقيمين ، كما يتيح دراسة الزمالة المصرية لجميع الخريجين فى آن واحد، وقد تم تطبيقه على الدفعة التكميلية السابقة ، وعددهم 800 طبيب فقط كتجربة ، والدفعة الجديدة حوالى 8700 طبيب
وتستطرد : الأطباء الجدد يرغبون فى النظام القديم للتكليف الذى يتم بموجبه تكليف الأطباء الجدد للعمل بالوحدات الصحية كطبيب عام لمدة سنة، ثم بعد ذلك يتم إلحاقهم بوظائف أطباء مقيمين للتدريب بالمستشفيات على التخصصات المختلفة ، ثم يتقدمون للدراسات العليا (زمالة – ماجستير – دبلومة) بينما الوزارة ترغب فى الجديد، ويصر كل طرف على موقفه، مما أدى لامتناع بعض الأطباء الجدد عن التسجيل بحركة التكليف طبقا للنظام الجديد ، وتم حل جزء كبير من المشكله بالتواصل بين النقابة ووزارة الصحة فى محاولة لضمان التدريب وتحقيق طلبات أطباءالتكليف .
وتوضح ، أن للنظام القديم مساوئ منها : نقص عدد الدراسات العليا المتاحة ، حيث ان مجموع عددها لا يزيد عن نصف عدد الخريجين، وبالتالى يكون نصف الخريجين ليس لديهم فرصة للدراسات العليا طوال العمر، وهذا بالطبع يؤثر سلبا على الأطباء وبالتالى على مستوى الرعاية الصحية المقدمة ، كما أن للنظام الجديد مشكلات تكمن فى عدم الجاهزية بالمستشفيات التى تنطبق عليها معايير التدريب .
ساعات العمل
عدد ساعات العمل التى تصل إلى 40 ساعة أسبوعيا، من مشكلات الأطباء التى ذكرها الدكتور أسامة عبدالحى الأمين العام لنقابة الأطباء، والتى يترتب عليها ــ إذا أضفنا إليها مشكلات ضعف الإمكانيات ووجود نقص فى المستلزمات الطبية ببعض المستشفيات الحكومية، إضافة إلى عدم وجود قوانين تحمى الطبيب أثناء ممارسة عمله، وكذلك عدم إتاحة فرصة الدراسات العليا أمام جميع خريجى الطب ، وتشجيع رغبة الهجرة لديهم، مشيرا إلى أن مصر تشهد موجة هجرة غير مسبوقة للأطباء وسط مخاوف من تأثير ذلك على مستوى الخدمة الصحية ، فخلال الأعوام الثلاثة الماضية غادر أكثر من 10آلاف طبيب ، منهم ثلاثة آلاف خلال العام الحالى فقط ، علاوة على زيادة أعداد الأطباء المستقيلين من المؤسسات الطبية الحكومية.
لذلك بدأت وزارة الصحة والسكان فى اتخاذ خطوات فعلية لتحسين أوضاع العاملين فى المنظومة الطبية ، وهى تأسيس وحدة شئون مقدمى الخدمة الطبية فى قطاع مكتب وزير الصحة لتختص بإدارة مشروع تحسين بيئة العمل للعاملين بالقطاع الصحى
قانون المسئولية الطبية
اتفق الدكتور محمد العمارى رئيس لجنة الصحة السابق وعضو مجلس النواب الحالى، على أن العائد المالى للطبيب لايتماشى مع الوضع الحالى لافتا الى أن منظومة التأمين الصحى الشامل التى تم البدء فى تنفيذها كمرحلة أولى بمحافظة بورسعيد، وضعت بعض الحلول لحل تلك المشكلة مطالبا بضرورة استمرار منظومة التعليم الطبى المستمر، وحل مشكلة التعدى على الأطباء وتغليظ العقوبة، وأشارمن ناحية أخرى إلى قانون المسئولية الطبية وحماية حق المريض الذى تمت مناقشته خلال الدورة البرلمانية الماضية، حيث أبدت وزارة العدل ملاحظات على بعض المواد التى من شأنها الافتئات على اختصاصات القضاء، وقال : إننا نعمل على الأخذ بها لتلافى شبهة عدم الدستورية، خاصة أن المسئولية الطبية جدلية فى ظل مطالبات الأطباء بعدم الحبس الاحتياطى الا بقرار من النائب العام ، وبعد ثبوت الاهمال الجسيم، وقال انه من القوانين المهمة للطبيب وللمجتمع.
مشيدا بنظام البعثات الخارجية لوزارة الصحة ونظام التعليم الطبى، وإعادة هيكلة نظام التدريب فى مصر بصورة تامة، لتوسيع نطاقه فى الزمالة المصرية، بعد التباحث مع الكلية الملكية البريطانية، وجامعة هارفارد الأمريكية ووجود بروتوكول لتنفيذ برامج بعثات للخارج ، وذلك بعد زيارات وزيرة الصحة الفترة الأخيرة.
بينما طالب الدكتور أيمن أبوالعلا وكيل لجنة الصحة السابق وعضو مجلس النواب الحالى، بضرورة عدم وجود عمر يخرج بعده الطبيب على المعاش، مثمنا ماتم الاتجاه إليه مؤخرا بعد مطالبات متعددة من لجنة الصحة بمجلس النواب، حيث تمت الموافقة على مد الخدمة لأعضاء المهن الطبية بشكل عام فى حالة الاحتياج، وهو ما أعلنت وزارة الصحة والسكان أنه يحدث لأول مرة فى تاريخ مهنة الطب، حيث أصبح من الممكن التعاقد مع هؤلاء الأطباء بعد سن المعاش حتى سن 65 عامًا، وأصبحت سلطة القرار فى يد الوزارة فقط ، بعد أن كانت المسئولية مشتركة بين كل من الصحة والجهاز المركزى للمحاسبات ووزارة المالية ،
لافتا الى ضرورة وجود حافز مادى للأطباء كعامل جذب ، وربط مشروع الزمالة بالتكليف داخل وزارة الصحة ، كما هو الوضع الآن مع زيادة تخصصات طب الأسرة والطوارئ والرعاية المركزة ، وزيادة الموازنة العامة المخصصة لوزارة الصحة
«محراب» المستشفى
عندما يدخل الطبيب لممارسة عمله بالمستشفى الحكومى، بقسم الاستقبال والطوارئ أو أى قسم آخر فمن المفترض أنه داخل محراب يأمن فيه على نفسه وحياته ، ويمكنه من ممارسة عمله دون ضغط أو إيذاء، لكن مايحدث أحيانا يكون خلاف ذلك، والدليل العديد من وقائع التعدى على الأطباء التى تكررت فى السنوات الأخيرة، منها الواقعة المعروفة إعلاميا باسم: «أطباء مستشفى المطرية» والتى اعتدى فيها نفر من أمناء الشرطة بالضرب والقول فى سنة 2016على طبيبين بالمستشفى، ورغم صدور إدانة قضائية ضد المتهمين بالحبس ثلاث سنوات، وغرامة 10 آلاف جنيه، إلا أن ذلك لم يمنع من حدوث وقائع مشابهة فى السنوات التالية، ففى عام 2019 تعرض طبيب بمستشفى الهلال للضرب أيضا من مرافقى أحد المرضى، مما أدى إلى إصابته بجروح وسحجات فضلا عن اشتباه مابعد الارتجاج، وتم تحرير محضر بالواقعة، كما تعرض فى العام نفسه طبيب بقسم النساء والتوليد بمستشفى حلوان العام لنفس الإصابة تقريبا ، لدرجة أن تم احتجازه بالمستشفى تحت الملاحظة، وكذلك داخل مستشفى طوارئ طنطا الجامعى اعتدى أهل مريض جاءوا به مصابا فى حادث، على طبيب جراحات العظام،بالأيدى وبالألفاظ النابية، فما السبب وراء تلك الحوادث ؟
كانت الإجابة على لسان الدكتور ياسر عبدالقادر الاستشارى بوزارة الصحة، قائلا: نحن متهمون دوما بالتقصير والإهمال، وما يحدث غالبا أن أهل المريض أو المصاب ومرافقوه يأتون بسيناريو معين للتعامل يحاولون فرضه على طبيب الطوارئ، وعندما يفعل ما يقتضيه الواجب الوظيفى أو حسب الإمكانيات المتوفرة له، يصبح فى نظرهم مقصرا يستحق العقاب ، مثلما حدث مع الدكتور عبد الناصر محمد على بمستشفى القناطر فى يونيو الماضى ، بعد وصول مريض يعانى من صعوبة شديدة فى التنفس فى حالة «زرقة» مع أهله ، وكانت أسرة العناية المركزة فى مستشفى القناطر مشغولة بالكامل ، لذلك تم وضع المريض على أكسجين بدون توافر عناية أو تنفس صناعى ، و بعد قليل توفى لرحمة الله، فقامت أسرة المتوفى بالتعدى على الطبيب، وتكسير «مونيتور» و جهاز صدمات القلب، ثم سارعوا بتقديم بلاغ كيدى ضد الطبيب، مما حدا بنقابة الأطباء لإصدار بيان تعلن فيه رفضها، فى أن تكون كل حادثة وفاة فى جائحة حصدت أرواح الآلاف حول العالم سبباً للاعتداء على الأطباء والأطقم الطبية ، كما أعلنت رفضها اعتبار الوفاة ..أو عدم وجود مكان لحجز المريض، أو عدم وجود أسرة عناية مركزة، فى ظل وجود ضغط شديد على المنظومة الصحية حالياً، مبرراً لقبول التصرفات العدوانية «المشينة» من قبل البعض .
الا أنه من الضرورى فى هذه الفترة الحرجة ــ يضيف د. ياسرــ وجود حماية شرطية وتعميم نموذج شرطة معهد ناصر بباقى المستشفيات، و سرعة إصدار تشريع فورى بتشديد عقوبة الاعتداء على المستشفيات أو الأطباء
ويستطرد دكتور ياسر: نحن لاننكر جهود الدوله فى الاهتمام بالأطباء خلال الفترة الماضية، ولكننا مازلنا نعانى من مشكلات كثيرة يأتى على رأسها موضوع توفير البيئة الآمنة للعمل، بالإضافة إلى ضعف الأجور وتشويه صورتنا واتهامنا المستمر بالإهمال ، كل ذلك يدفع الكثيرين للسعى وراء الهجرة أوترك العمل داخل الحكومة، والاتجاه للقطاع الخاص
وطالب بضرورة الاهتمام بالجيش الأبيض الذى استشهد منه المئات خلال جائحة كورونا، مشيدا بقرار وزارة الصحة الخاص بإنشاء صندوق التعويض عن مخاطر المهن الطبية، والذى يسرى بأثر رجعى من تاريخ 13 فبراير 2020، وهو تاريخ ظهور أول حالة مصابة بفيروس كورونا المستجد «كوفيد19»
حيث يتم وفقا لهذا القانون تعويض الأطباء الذين تعرضوا لحالات اصابة أو وفيات أو عجز كلى أو جزئى وتقديم الرعاية الطبية لهم ولأسرهم .
الاستعانة بأطباء المعاش جيد ولكن
بينما قال الدكتور جمال نصر مدير ادارة بالمعاش : ان فكرة الاستعانة بأطباء المعاش قرار جيد ولكن العائد غير كاف مطالبا بالعمل على زيادة ذلك، والاهتمام بشباب الأطباء لسد فجوة العجز الموجودة ووجود بيئة داخل المنشآت الطبية للعمل
لافتا الى ضرورة تحسين الأوضاع لحين اكتمال مراحل قانون التأمين الصحى الشامل على مستوى الجمهورية ، والذى سيحدث طفرة غير مسبوقة فى المنظومة الصحية ، وأشار إلى أن بعض المستشفيات تعانى نقصا فى البنية التحتية وعدد الأسرة وغرف العناية المركزة والحضانات، والتكدس نظرا لشدة الضغط عليها، حيث تقدم العلاج بالمجان مما يؤدى الى التعدى علي الفريق الطبي من أطباء وتمريض، بل يصل الأمر إلى التعدى على المنشأة والأجهزة الطبية، كما حدث فى واقعة معهد القلب فى مارس الماضى، حيث تم تكسير أجهزة طبية بملايين الجنيهات.
كل ما سبق هى خطوات وقرارات مهمة على طريق إيقاف هجرة الأطباء من مصر ، ومن المنظومة الطبية الحكومية، منها ما تم ومنها ما ينتظر .. ولكن المهم أننا وضعنا أيدينا على نقاط الضعف وثغرات التسرب، وبدأنا مرحلة العلاج.
رابط دائم: