رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

صاحب لوحات «حديقة الحيوان»..
سعيد الصدر.. «شيخ الخزافين»

كتبت ــ نجوى العشرى
«ساحر الأواني» وبين أنامله واحدة من إبداعاته

يلقب بـ « شيخ الخزافين» و «ساحر الأواني»، وهى ألقاب نالها الدكتور سعيد الصدر، عن استحقاق وجدارة.. فالصدر الذى تحل اليوم ذكرى مولده فى 13 يناير عام 1909 ، كان صاحب الفضل الأول فى إحياء وتجديد فن الخزف المصرى، بعد عقود طويلة من تراجع الفن العريق كأحد آثار الغزو العثمانى لمصر قديما.

ولم يكن الخزف وحده ضحية العثمانيين، فمعه تضررت نحو 50 حرفة فنية، بعد شحن العثمانيين لـ «أسطواتها» إلى اسطنبول، بغرض نقل خبراتهم وفنونهم إلى الأراضى العثمانية. ولكن كان الخزف تحديدا سعيد الحظ بشغف الصدر وقوة عزمه.

نشأ الصدر فى كنف أسرة ذات أصول شامية، وفى قلب حى الجمالية، بالقرب من الجامع الأزهر، ومسجد الإمام الحسين، فاجتمعت لديه روافد مختلفة لتجربة فنية متفردة، وتطور حسه الفنى أكثر فأكثر بفضل تقدير والده، حامد أفندى الصدر للفنون وممارسته للتصوير، بالإضافة لقربه من صديق والده رائد فن الرسم والتصوير والتلوين يوسف كامل. كان الصدر صبيا وشابا دائم التردد على منزل يوسف كامل، ليطلع على صوره الفوتوغرافية، والتى كان كامل يحولها إلى لوحات ناطقة بألوان الزيت أو الباستيل. وبخلاف كونه حلقة الوصل مع يوسف كامل، كان للأب أفضال إضافية فى تكوين وعى نجله، فقد اعتاد أن يصطحبه إلى القاعات الفنية ويناقشه حول معروضاتها.

وفى هذه الأجواء،انطلقت موهبة سعيد الصدر، فالتحق عام 1924، وهو فى الـ 15 عاما، بقسم الزخرفة وحفر الخشب بمدرسة الفنون والزخارف، وحصل منها على شهادة الدبلوم، ليعمل بعدها مباشرة مدرسا للرسم، فى مدرسة أسوان الصناعية عام 1928.

لكنه أراد أن يستزيد من المعارف الفنية الأكاديمية، فسافر إلى العاصمة البريطانية لندن، بعد حصوله على منحة لتفوقه دراسيا، والتحق هناك بمدرسة كمبرويل «CumberWill»، ليتتلمذ على يد الخزاف البريطانى برنارد ليتش، ويحصل على دبلوم أساتذة الرسم عام 1931 . وكانت سنوات الدراسة اللندنية، تمهيدا للكثير فى حياة الصدر، فقد ارتاد حفلات الموسيقى الكلاسيكية لشغفه بهذا المجال، حتى إنه أحب آلة الكمان وبرع فى العزف عليها فى سنواته اللاحقة، كما أن الكتابات الدقيقة التى كان يحرص على تدوينها لتفاصيل تجربته الإنجليزية وما تلاها فى مصر، كانت خير عون لكتاباته المتخصصة لاحقا.

عقب عودته إلى مصر، تم تعيينه مدرسا للخزف، بمدرسة الفنون التطبيقية، وجاءته وقتها فرصة كادت تقلب حياته، لولا تمسكه بحلمه الفنى.. فقد تصادف أن هذه الفترة شهدت امتلاك السيدة هدى شعراوى، الصحفية والسياسية والمناضلة من أجل حقوق المرأة، مصنعا للفخار والخزف، وكانت تعانى من فقر إيرادات هذا المصنع، فلجأت إلى سعيد الصدر تسأله العون فى إدارته.

فرأى الفنان الشاب فى عرض هدى شعراوى فرصة لتحقيق حلمه بإعادة فن الخزف المصرى إلى الحياة، فطلب منها إجراء بعض التعديلات الفنية، دون أن تضع فكرة «الربح المادي» فى رأس أولوياتها، وهنا وقع الخلاف بين الصدر وهدى شعراوى، فلم يتردد الأول فى أن يسلك طريقه الخاص.

فقد كان يرى هدفه جليا أمامه لا مجال للالتباس بشأنه، وهو إحياء فن الخزف الإسلامى، ثم العمل على نشره خارج حدود مصر وتعريف العالم به.

وبدأ بالفعل فى تحقيق الشق الأول من الحلم، وذلك بإنشاء «قسم الخزف» و « متحفا للفن التطبيقي» عام 1940 فى ما أصبح لاحقا كلية للفنون التطبيقية، وعزز مكانة فن الخزف من خلال مهام عديدة تولاها، وأبرزها انتدابه للتفتيش على أقسام الخزف بالمعاهد الصناعية فى الأربعينيات، وانتدابه لتدريس مادة الخزف لمدرسى التربية الفنية، ثم لأعضاء البعثة السودانية، ثم بكلية الفنون الجميلة بالاسكندرية، والجامعة الأمريكية.

وكانت النقلة التالية فى مسيرة الصدر، بتأسيسه مركز الخزف فى الفسطاط عام 1960، وإقامته لاحقا معملا خاصا بالخزف فى مصر القديمة. ومع هذا التفانى الجاد، نجح الصدر فى تخريج جيل من الحرفيين الماهرين.واستمر فى إعداد فنانى الخزف من خلال وكالته كلية الفنون التطبيقية ثم توليه عمادتها وحتى إحالته للتقاعد فى 1969.

بعد التقاعد، بدأ فى تحقيق الشق الثانى من حلمه وتعريف العالم بفنون الخزف المصرى، فقام بتدريس هذا الفن فى جامعة كانبيرا بأستراليا، مطلع السبعينيات، حتى إنه أقام معرضين لإبداعاته الخزفية فى سيدنى عام 1974 ، كما أقام معرضا خاصا فى فنون الخزف والتصوير فى باريس وروما عام 1982.

وبخلاف عدد من المعارض التى أقامها فى مصر وخارجها، والتكريمات التى نالها فى بلاده وحول العالم، أبرزها جائزة الدولة التقديرية فى الفنون 1979، تضمنت إنجازات الصدر، ثمانية مؤلفات متخصصة فى مجال الخزف و20 بحثا، واللافت أن حياته التى وهبها للخزف، أنهاها بمعرض للوحات الزيتية تضمن العشرات من أعمالها فى قاعة أخناتون عام 1983، ويظل العمل الأشهر للصدر لوحات النحت البارز التى تستقبل الزائرين بمدخل حديقة الحيوان بالجيزة.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق