رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الكذبة القاتلة

التحقت بإحدى كليات الصيدلة بالقاهرة منذ عشر سنوات، وأنا من محافظة أخرى، ورسبت عامين متتاليين، وفصلتنى الكلية، وخشيت أن أخبر أهلى بأمرى، وظنوا أننى مازلت فى الدراسة، وعملت فى أكثر من صيدلية، وبعد مرور خمس سنوات قلت لأهلى أننى تخرجت، وتمت خطبتى وتزوجت، وعشت مع زوجى عاما كاملا بلا منغصات، ثم أبلغنى والده أنه سيذهب إلى الكلية لاستخراج شهادة التخرج، ولم أستطع أن أبلغه بالحقيقة الغائبة عنهم، والتى ظللت أحتفظ بها، وتؤرقنى ليلا ونهارا، وهناك أبلغه الموظفون أننى مفصولة من الكلية من سنة أولى، فعاد حماى إلى المنزل، وعلامات الغضب والدهشة تعلو وجهه، وأبلغ زوجى بأمرى، فأقسمت له كذبا أنى مظلومة، وطلب من والده أن يتأكد من جديد، فراح الرجل وعاد بنفس النتيجة، وقال لى زوجى بصوت كله غضب: «أنت كذابة»، وصمم على أن يطلقنى، وأصر أهله على أخذ «قائمة المنقولات» والمؤخر، وأن يعطونى فقط ما اشتريته، ولما اعترض أبى، عقدوا مجلسا عرفيا، وجرى الاتفاق فيه على أن آخذ المؤخر وحجرتين فقط، وباقى الأثاث كله له، وقد رجوته كثيرا أن يسامحنى، ويقدّر الظروف القاسية التى عشتها، وأننى لن أخفى عليه شيئا بعد أن تعلمت الدرس جيدا، ولكن هيهات أن يلين قلبه، أو قلوب من معه.. إننى أعيش كابوسا مظلما مع أهلى الذين لم يرحمونى، ولا أدرى كيف سأعيش حياتى، والكل ينظرون إلىّ باحتقار، ثم ألا يمكن أن يعفو عنى مطلقى، ويعيدنى إلى عصمته؟.

 

ولكاتبة هذه الرسالة أقول:

 

لا سبيل إلى التراجع بعد الطلاق، ولو عدت إليه سيظل هذا الموقف حائلا بينكما، وسوف تعيشين ذليلة له ولأهله.. ابدئى حياة جديدة مع آخر قائمة على الصدق والوضوح، ولا تنسى أن كذبك على الجميع بأنك تخرجت فى كليتك برغم فصلك منذ العام الأول لك فيها، لن يغفروه لك، حتى لو كنت صادقة فى عدم العودة إلى الكذب مرة أخرى.

وفى مسألة كذب الزوجة أرجو أن ينتبه كل رجل إلى ضرورة إبلاغ زوجته أنه يحب المصداقية والوضوح، وعليه أن يعرف الأسباب التى تدفعها إلى الكذب، وتجنب إصدار الحكم عليها؛ لأنها من الممكن أن تكون مجبرة على الكذب، ومن المهم أن يكون النقاش معها بأسلوب لطيف وهادئ وجميل، وأن يدعمها ويساعدها فى التخلص من هذه الصفة السيئة، وأن يشعرها بحبه لها، فهناك من النساء من اعتادت الكذب, وربما كانت فى أسرة تتصف بهذه الصفة، وينبغى أن ينصحها، ويذكر ما فيها من إيجابيات, ويبين لها أن الاستمرار فى الكذب والخديعة يمكن أن تتلاشى معه كل الفضائل.

والمؤمنة لا يمكن أن تكون كاذبة والله تعالى هو القائل: «ألا لعنة الله على الكاذبين»، ويقول رسول الله: «إياكم والكذب، فإن الكذب يهدى إلى الفجور والفجور يهدى إلى النار, ولا يزال المرء - رجلا كان أو امرأة - يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا»

ولا يوجد رجل ولا امرأة بلا عيوب, لكننا نشدد على أن الكذب من أكبر العيوب وأخطرها، وأن المرأة راعية فى بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها، «كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته»، فلابد أن تبلغه بالحقيقة، وأن تجتهد فى أداء الواجب؛ لأنها مأمونة على هذا البيت، ولابد من تحرى الصواب وتحرى الحق حتى لا تخفى شيئا يضر أهل البيت.

وتميل الزوجة غالبا إلى الكذب والخداع بسبب خوفها الشديد من زوجها، وتهديده الدائم لها إذا فعلت أمرا لا يرضيه، إلى جانب اعتراضه على معظم تصرفاتها وأسلوب حياتها، دون أى تفاهم, بل وإجبارها على ما يريده، وإذا لم تطعه تخضع لعقوبات متعددة من الممكن أن تصل إلى الطلاق، ومن هنا تضطر إلى التخلص من كل هذه القيود، وفعل بعض الأشياء التى تروق لها ويصعب عليها تركها، أو الاعتراض عليها فى العلن، من خلال الكذب وإخفائها الحقيقة عن زوجها، وهذا لا يبرر أن تكذب عليه، وفى معظم الأحيان يكون الكذب مشتركا بين الطرفين، فلا يجب على الرجل أن يقيد زوجته إلى هذا الحد، ويحاسبها على كل كبيرة وصغيرة، ولا على المرأة أن تفعل ما تريد فى الخفاء.

هذه هى القاعدة العامة للتعامل مع الكذب، ولا بديل عن قول الحقيقة مهما تكن العواقب، وعليك منذ هذه اللحظة أن تكونى صريحة وواضحة، ولا تدعى الماضى يؤثّر عليك، وابدئى صفحة جديدة شفافة، وسوف يأتيك من يتوسم فيك الزوجة المناسبة له بإذن الله.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق