مهلا، فكورونا لم يرحل حتى وإن أخذ العالم اللقاح. فهو باق معنا لسنوات يحكم العالم من وراء ستار ومن خلف الشركات الكبرى. عالم ما بعد كورونا هو عالم الشركات وليس الدول. فى طليعتها شركات الدواء والتكنولوجيا. كلتاهما أحكمتا قبضتهما على العالم. وكلتاهما سيخوضان صراعا عنيفا من أجل إحكام تلك القبضة سنكون نحن ضحاياها. خلال سنوات مضت نجحت تلك الشركات في الترويج لقبول المواطنين بديكتاتورية التكنولوجيا. نجحت فى إقناعنا بتشجيع العمل من المنزل والترويج بأنه أكثر أمنًا للإنسان. نجحت فى التركيز على مميزاته من تقليل للمجهود فى المواصلات والحفاظ على الصحة وزيادة الإنتاجية والدخل. نجحت فى تحويل المواطن إلى المواطن الرقمى القابل لتنفيذ الأوامر.
أنا لا أذهب إلى ما ذهب إليه البعض من أن الصين هى القوة القادمة، وأن الفيروس الذى أطلقته أو أطلق منها من أجل ذلك، وأن مسألة تفكيك أمريكا وأوروبا بل العالم بدأ منذ سنوات واستوى مع كوفيد. أنا أذهب إلى أن عالم ما بعد كورونا سيكون مختلفا تماما كعالم ما بعد الحرب العالمية الأولى من تقسيم للدول وتفتيتها كاتفاقية سايكس بيكو، أو عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية من ميلاد إسرائيل وتغيير أنظمة دول عديدة وقيام منظمات دولية ضعفت الآن وستختفى مع الوقت. عالم ما بعد كورونا سيكون داخل المجتمعات سيفتتها وستكون السيطرة للـ «عن بُعد» هى الحاكم بأمره فى كل مناحى حياتنا وفى أدق تفاصيلها. قد لا تستطيع الحروب أن تغير فى بنية المجتمعات وقيمها مثلما تفعل الأوبئة. فكوفيد ليس كباقى الأوبئة. كوفيد يريد أن يحكم العالم.
لمزيد من مقالات محمد القزاز رابط دائم: