رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

«طفلتان على مذبح الشيطان»

محمد شمروخ

طفلتان تباعدت بينهما المسافات، لا تعرف إحداهما شيئا عن الأخري. الأولى فى العاشرة من عمرها ذات وجه صبوح يجسد مثالا لكل معانى الطفولة تعيش مع أسرتها فى قرية قمن العروس فى بنى سويف، أما الأخري، فتزيد عنها سنة أو سنتين، فى وجهها تختلط براءة طفولتها بإعاقتها الذهنية. وتعيش مع جدتها لأمها فى حلوان بالقاهرة

وما الصلة بين الطفلتين؟!.

لا توجد أى صلة!. ولكن وحد بينهما المصير بأن تكون كلتاهما ضحيتين لدناءة مجرمين، فعلى ما بينهما من تباعد فى المسافات، إلا أن مصيرهما كان قريبا!.

الأولى نجت بالموت من فزعها مما فاق تصورها ولم يخطر لها ببال، عندما وجدت ابن خالتها الطالب الذى لا يزيد عمره على 16 عاما يشل حركتها فجأة ليفترس جسدها الضعيف، فلما قاومته، كتم أنفاسها، ليحول دون استغاثتها بعدما شل حركة جسدها، لكنه لم يتمكن من أسر روحها التى انطلقت حرة إلى السماء تاركة هذا العالم الذى واعدها بهذا المصير.

والثانية، ما زالت تحت سطوة قيد الحياة ولكن الرحمة تجلت فى أن إعاقتها لم تجعلها تدرك جرم ما حدث لها، لكن ما تبقى لديها من وعى جعلها تشعر بأن فى الأمر شيئا تجحده براءة سجيتها الطيبة.

والاثنتان وقعت فاجعتهما فى يوم واحد!.

الأولى كانت الملائكية ترتسم فى قسمات وجهها وهى فى طريق عودتها من «كُتاب الشيخ يوسف» فقد كانت فرحتها عارمة لثناء الشيخ عليها، فقد ختمت الطفلة ذات العاشرة، الجزء الخامس والعشرين من المصحف، ولم يتبق سوى خمسة أجزاء لتتم حفظ القرآن الكريم كاملا، فعلى صغر سنها إلا أنها تتمتع بذكاء لا يبارى وقوة حفظ لا نظير لها بين أقرانها من الذكور أو الإناث.

وقبيل وقت العشاء ذهبت الطفلة إلى بيت خالتها بجوار بيتهم كعادتها ولم تشعر بأى ما يريب عندما وجدت ابن خالتها بمفرده، ولم تدرك ببراءتها من انتواه هذا الشيطان المراهق عندما دلفت إلى المنزل، فأنى لها أن تستشعر ما فى نفسه من وحشية يستبرئ منها أشد الوحوش شراسة؟!. كما أنها لم تدرك أيضا كراهيته لأسرتها على الرغم من القرابة الحميمة ولم يدخل دائرة وعيها ما بينهما من خصومة بسبب سلاطة لسان هذا الفتى ومدى ما يختزنه من شر لم يستطع أحد أن يقدر آثاره، لكن مخزون الشر انفجر فى رغبة عارمة تملكت الفتي، اختلطت فيها سطوة التشفى مع شهوة الجسد، فانقض عليها ليفترسها لتتجمد الدماء فى عروقها وتشرع فى الاستغاثة، لكنه انتزع حياتها مع براءة طفولتها التى تلوثت بشرور شهواته.

أما طفلة حلوان فقد ذهبت إلى «جدتها لأمها» لتعيش معها، فأبواها مصابان بإعاقة تحول دون رعايتهما لها، هى أيضا ورثت عنهما الإعاقة الذهنية، فظلت تتنقل بين منزلى جدتيها من حين إلى آخر.

لكن الجدة لم تهتم بأكثر من أن تأويها دون رعاية حقيقية، فأثقلت عليها بكل الأعمال المنزلية التى تجيدها على الرغم من سنها الصغيرة، كما أن الجدة مشغولة بعريسها الجديد الذى يصغرها بسنوات تزيد على العشرة والذى يمتاز بنظرات إبليسية نحو أى أنثى تمر أمامه ولم يكن له من مأوى أو عمل إلا كزوج للجدة التى شعرت منذ اليوم الأول لحضور حفيدتها، بتلك النظرات البذيئة تنطلق من عينى الشيطان البشري، فما كان من الجدة إلا أن كسرت قوانين الطبيعة النسائية كأنثى كان لابد أن تشعر بالغيرة، لكنها قبل أن تحطم طبيعة الزوجة الغيور، قتلت كذلك طبيعة الأم الرءوم، فقدمت جسد الحفيدة قربانا على مذبح شهوات الزوج وشجعته على أن يفتك ببراءة الحفيدة التى لا تكاد تعى ما يحدث سوى أن هناك ما يفوق قدرتها من الألم، فكانت تصرخ فزعة كل مرة يفترسها زوج الجدة، بعد أن يغرياها معا بالحلوى لتصعد فوق سطح المنزل وينفرد بها، لكن الآلام كانت تلازمها حتى شكت إلى جدتها لأبيها التى سارعت بها إلى الطبيب الذى اكتشف أنها «حامل»!.

وفى الوقت الذى كانت فيه طفلة حلوان ممددة على سرير الكشف أمام طبيبها، كان أهالى طفلة بنى سويف قد اكتشفوا جثتها ملفوفة داخل جوال فى بيت تحت الإنشاء بالقرب من بيتها.

كذلك عندما شرع طبيب حلوان فى كتابة تقرير بما اكتشفه ليرفقه ببلاغ إلى قسم شرطة حلوان، كان الطبيب الشرعى ببنى سويف يدون آثار الخنق التى وجدها على عنق الطفلة الأخرى ويسطر فى تقريره ما أصابها من جراء اغتصابها بعد تشريحها.

كذلك عندما توجهت مأمورية من مباحث حلوان للقبض على المجرم الكبير مع زوجته، بعد كشف غموض الجريمة ويعثر على المجرم الآخر من خلال فريق البحث الذى أمر به اللواء علاء سليم مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن العام.

ربما هدأت نفوس أهالى قرية قمن العروس قليلا بعد كشف الجريمة الشنعاء وضبط فاعلها، لكن النار مازالت تتقد غيظا فى صدورهم مع حالة ذهول لم تزل تتملكهم من هول ما حدث.

أما فى حلوان مازالت الصدمة فى نفوس أهل المنطقة التى شهدت وقائع اغتصاب الطفلة الثانية وحملها سفاحا، لكن وإن كان الموت قد خلص طفلة بنى سويف من آلامها، إلا أن قرينتها بحلوان مازالت تتعذب بمصير مجهول لا تدرك فيه سوى الألم!.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق