رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الدقهلية فى «ستر» الأيادى البيضاء..
نصف مليار جنيه قدمها الأهالى لدعم المستشفيات .. و44 قطعة أرض لبناء مدارس جديدة

تحقيق ــ إبراهيم العشماوى

  • د. محمد حجازي: 25 مليون جنيه تبرعات لجامعة المنصورة فى أزمة كورونا خلال 24 ساعة
  • بعد استشهاد وحيده فى حادث إرهابى ..
  • «صبح» يتبرع بقسم لعلاج الأسنان
  • دماص.. من وحدة صحية إلى مستشفى عام

 

 

فى انتظار مدفع الإفطار، جلس «صبح» وزوجته وابنتهما طالبة الثانوى

يترقبون انطلاق الأذان، كى يرتشفوا ما يُذهب ظمأ صيام يوم حار من أيام شهر رمضان الماضى ، فإذا بنبأ استشهاد ابنهم الضابط بالقوات المسلحة ينزل عليهم كالصاعقة، وينذرهم بظمأ من الصعب أن يرتوى بعد أن فقدوا وحيدهم الذى كان «عريسا» يستعد للزفاف .

لم يكن لأحد أن يلوم الوالدين اللذين أمضيا عمرهما يعلمان الأجيال فى مدارس قرية «ديمشلت» التابعة لمركز دكرنس بمحافظة الدقهلية، لو انطويا وقررا الاستسلام للأحزان،

أو اكتفيا بلعن الإرهاب الخسيس الذى اغتال الشاب العشرينى ومعه ثمانية جنود آخرين فى حادث «بئر العبد» بشمال سيناء، أوتفرغا

للدعاء على الإرهابيين ليل نهار.. لكنهما أرادا أن يكملا طريق العطاء، وأن يخلدا اسم الملازم أول عبد الحميد

صبح الإمام، بالتبرع لسد العجز بقطاع الأسنان بالوحدة المحلية لبلدته وإنشاء قسم متكامل بالأجهزة والمعدات.

 

أسباب أخرى كثيرة تدفع أهالى الدقهلية لترجمة مفهوم المشاركة الاجتماعية إلى «صدقة جارية» ربما يكون الدافع لها فقد غال أو موت عزيز، أوالإيمان بالمبدأ القرآني: « .. ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا».

وبالطبع ليس هناك ما هو أهم من الصحة، وأن تسهم بمالك فى شفاء مريض أو تخفيف الوجع عن إنسان صغير أو كبير، ولكن لابد أن نتساءل لماذا كان التفكير غالبا على هذا النحو فى محافظة بأكملها، استطاعت بجهود ذاتية ودون انتظار للاعتمادات الحكومية أن تبنى وتعمر وتكمل النقص، وتجبر العجز، ليس فقط فى قطاع الصحة بل أيضا فى قطاع التعليم ؟

السر يعود لفترة الثمانينيات، وتحديدا فى 1984بعد تولى اللواء سعد الشربينى مسئولية العمل كمحافظ للدقهلية، فكان عمله بحب شديد نابعا من كونه أحد أبناء هذه المحافظة، فكان يحرص على اللقاءات المفتوحة بالمواطنين، وكذلك برجال الأعمال وأصحاب الشركات الخاصة والميسورين ماديا ليسألهم باستمرار عما يستطيعون تقديمه، للمستشفيات وللمدارس وللوحدات الصحية، على أن تكمل المحافظة ما يقدمونه، فكان التجاوب مع مبادراته تاريخيا، مما دفعه لتأسيس صندوق للإسهام فى تمويل المشروعات بمشاركة الأهالى بمقدار النصف من التكلفة، وبالفعل كان لهذا الصندوق إسهامات واضحة حققت إنجازات كثيرة على أرض المحافظة، والأهم أنه سن سنة حسنة بالتشجيع على المشاركة الشعبية، واستكمال ما ينقص كل قرية أو مركز بالجهود الذاتية.

لافتات المتبرعين

قرية «دماص» التابعة لمركز ميت غمر نموذج مفرح للتعاون المشترك بين الدولة والمواطنين، والذى استطاع أن يُحدث نقلة طبية وعلاجية كبرى فى الوحدة الصحية الصغيرة للقرية، لتتحول من مكان متواضع فى الخدمات الطبية إلى مستشفى «متكامل» ثم إلى مستشفى عام كبير، لاتقتصر خدماته على أهل دماص والوحدة المحلية وإنما تمتد للمراكز المحيطة مثل أجا والسنبلاوين، كما تمتد لمراكز تابعة لمحافظات أخرى مثل مركز ديرب نجم التابع لمحافظة الشرقية، وفى داخل مستشفى دماص العام اصطحبنا أحمد العنانى رئيس جمعية أصدقاء المرضى بالمستشفى ، لنرصد معا أجنحة العمليات الجراحية، وحضانات الأطفال المبتسرين، ووحدات الغسل الكلوي، وقد اعتلى معظمها لافتات تحمل أسماء مثل: وحدة اللواء مجدى الشيخ للغسيل الكلوي، وهو ـ كما علمنا ـ ضابط سابق من أبناء القوات المسلحة، قام أبناؤه بإنشاء وحدة الغسل بعد وفاته لتكون صدقة جارية لوالدهم، وللتخفيف عن مرضى الفشل الكلوى الذين كانوا يضطرون لإجراء جلسات الغسل خارج القرية، كما وجدنا لافتة أخرى فوق غرفة للعمليات تحمل اسم الحاج أحمد عبد الرازق سلطان وأولاده، وهو أيضا من أبناء القرية وكان يمتلك مستودعا للغاز.

ويوضح العنانى أن التبرعات تسببت فى إضافة منشآت جديدة للوحدة مثل مدرسة التمريض وجناح العناية المركزة للأطفال .

ويضيف: كل خدمات هذه الأقسام والوحدات متاحة بالمجان لغير القادرين، حيث تتحمل الجمعية جميع تكاليف العمليات الجراحية لهؤلاء، بناء على بحث اجتماعى يتم عمله للتأكد من الاستحقاق ، مشيرا إلى أن الجمعية تجلب أفضل الجراحين لإجراء العمليات.

ويكمل العنانى : كان للأيادى البيضاء فى القطاع المدنى الفضل كذلك فى بناء مستشفى للتأمين الصحى بارتفاع خمسة طوابق، ومركز لعلاج أورام الثدى للنساء، فضلا عن تأسيس مبنى بداخل مستشفى دماص لبنك الدم، ومقار للعيادات الخارجية والإدارة ويتم حاليا استكمال ثلاثة طوابق به كمستشفى للحروق وسيكون جاهزا فى يونيو المقبل بإذن الله ، كما يقوم مستشفى الكبد الممول ذاتيا من الأهالى بعمليات الأورام والمناظير والدوالى وقريبا سيتم إدخال عمليات قسطرة القلب .

معهد الكبد

على بعد نحو عشرين كيلو مترا من المنصورة تقابلنا فى مدينة «شربين» قصة نجاح كبيرة للجهود الذاتية فى قطاع الصحة عنوانها: مركز ومعهد الكبد المصرى الذى أصبح من قلاع الطب المتخصصة فى مصر وله السبق فى التصدى لفيروسات الكبد ومكافحتها من خلال حملاته: «قرية خالية من الفيروسات» ويقول الدكتور جمال شيحة رئيس مجلس إدارة جمعية مرضى الكبد ورئيس مجلس أمناء مركز ومعهد الكبد فى شربين إن مستشفى الكبد المصرى تم تأسيسه بالجهود الذاتية لعلاج غير القادرين فى المقام الأول ويقدم الخدمات الطبية لجميع المصريين فى تخصص الجهاز الهضمى وأمراض الكبد والفيروسات الكبدية والأورام الكبدية وعلاج الأطفال المصابين بأورام الكبد والأمراض المزمنة.

ويضيف شيحة أن المستشفى يعمل به فريق طبى على مستوى عال وتجرى به كل أنواع الجراحات المتعلقة بالجهاز الهضمى والكبد بالإضافة إلى جراحات السمنة المفرطة ، مؤكدا أن نتائج التحاليل بالمستشفى معتمدة دوليا، ويقوم بفحص 500 عينة يوميا، ولديه جهاز تحليل «بى سى آر» يظهر نتيجة التحليل خلال 45 دقيقة ويستطيع أن يعمل على 16 عينة فى وقت واحد ، كما أن المستشفى يجرى 1500 حالة أورام كبد سنويا ولديه قاعدة بيانات شاملة، كما يجرى نحو 35 جراحة منظار يوميا للأورام ودوالى المريء والحصوات، كذلك يوجد بالمستشفى 5 أجهزة تعقيم، وغرفة وحدة مناظير من أكبر الوحدات فى مصر وبها 5 غرف .

جراحات أطفال .. وأورام

التبرع ليس بالمال فقط وإنما بالجهد والإدارة أيضا.. هذا ما وجدناه فى مدينة جمصة الساحلية.. نموذجان للمبادرات الأهلية يجمعان بين أموال رجال الأعمال وبين خبرة وعلم الأطباء، ورغم أن النموذجين لم يدخلا بعد حيز التشغيل العملى لاستقبال الحالات، فإن التنويه عنهما مطلوب لثقلهما فى ميزان القطاع الصحى بتلك المدينة، النموذج الأول: مستشفى (333) الذى يخدم المرضى غير القادرين فى الدقهلية وسبع محافظات أخرى بمنطقة الدلتا كما قال لنا الدكتور جمال العبيدى أستاذ الجهاز الهضمى والكبد بجامعة المنصورة رئيس مجلس أمناء مستشفى 333 لجراحات وأورام الجهاز الهضمى وزراعة الكبد والذى وضع حجر أساسه محافظ الدقهلية الأسبق حسام الدين إمام والفريق كامل الوزير عندما كان رئيسا للهيئة الهندسية للقوات المسلحة عام 2016. ويضيف العبيدي: تم إنجاز جميع إنشاءات المبانى على مساحة 10 آلاف متر مربع بسعة 200 سرير موزعة على خمسة أدوار، بالاضافة إلى أدوار أخرى تعليمية كثيرة وفندق يضم 36 غرفة، و6 غرف عمليات و2 عناية مركزة، و22 سرير إفاقة ، والمستشفى حاليا فى مرحلة التشطيب والتجهيز الطبى .

أما النموذج الثانى فمخصص للأطفال حديثى الولادة فعلى بعد أمتار من مستشفى جراحات الجهاز الهضمي،تجد أمامك العمل الدءوب فى قطعة أرض المشروع المخصصة بقرار رئيس الوزراء رقم 2014 لسنة 2014 لإنشاء مستشفى ومعهد لطب الأطفال حديثى الولادة وجراحة قلب الأطفال على مساحة 17 ألف متر مربع بطاقة استيعابية 200 سرير والذى اصطلح على تسميته: «مستشفى ومعهد الكنانة» وقد تبنته شبكة طب الأطفال حديثى الولادة المصرية وهى مؤسسة مشهرة بوزارة التضامن الاجتماعى ولا تهدف للربح .

أهمية المستشفى الجارى إنشاؤه كما يقول الدكتور محمد رضا بسيونى أستاذ طب الأطفال وحديثى الولادة بجامعة المنصورة ورئيس مجلس الأمناء أنه يقدم الرعاية الفائقة للأطفال حديثى الولادة ذوى الحالات الحرجة، أو المصابين بعيوب فى القلب تحتاج الى تدخل جراحى دقيق، كما يقدم رعاية ومتابعة للحالة الصحية للأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة، ويتعاون مع الهيئات المحلية والدولية ذات الاهتمام المشترك، ويتيح كذلك فرص التدريب للكوادر البشرية الحديثة.

ويؤكد الدكتور بسيونى أن جميع أنشطة المؤسسة تعتمد على الجهود التطوعية المقدمة من خبراء القطاع الصحى والأكاديمى فى الوحدات المشاركة وخارجها وكذلك الجمعيات والهيئات المعنية بهذا الأمر.

نصف مليار جنيه

جهود الأهالى وتبرعاتهم أمر لا تنكره وزارة الصحة بل تثمنه، وتثنى عليه كإضافة مهمة أسهمت فى ريادة قطاع الصحة بمحافظة الدقهلية التى حازت صيتا كبيرا بين محافظات مصر فى هذا المجال. الدكتور سعد مكى وكيل وزارة الصحة بالدقهلية، يشيد بتفاعل المجتمع المدنى مع جهود الدولة الكبيرة فى القطاع الصحى التى حققت طفرة يلمسها المواطن بنفسه فى الخدمات رغم التحديات الكبيرة، موضحا أن إسهامات المجتمع المدنى فى قطاع الصحة بالدقهلية تجاوزت فى السنوات الخمس الماضية نصف مليار جنيه، وأنها شملت فضلا عن الإنشاءات الجديدة أعمال تطوير للمستشفيات القائمة ومراكز طب الأسرة ووحدات الغسل الكلوى والعناية المركزة والحضانات وأجهزة التنفس الصناعى والتخدير والمعامل وبنوك الدم. فعلى سبيل المثال ــ يضيف مكى أن المشاركة المجتمعية أسهمت فى دعم 12 مستشفى فى أجا ودماص ومنية النصر والمنصورة العام الجديد والمنزلة ودكرنس والمقاطعة والسنبلاوين وبلقاس وميت غمر بمبالغ تتراوح بين 7 ملايين جنيه و 50 مليون جنيه لكل مستشفى بعضها إنشاء وتوسعة والبعض الآخر تأسيس أقسام للكلى وأجنحة عمليات وقسطرة قلب وتطوير الحضانات وعنايات الأطفال والعيادات الخارجية ، كما أسهم القطاع المدنى بنحو 100 مليون جنيه فى مشاريع صحية تم افتتاحها خلال احتفالات الدقهلية بعيدها القومى العام الحالى 2020 شملت مستشفيات شربين ومنشأة السلام بمحلة دمنة وشبراهور والسنبلاوين وميت غمر ، بخلاف إنفاق 60 مليون جنيه من قبل الأهالى لتطوير 7 وحدات طب أسرة فى كوم النور وشها وسلامون وطناح والشوامى والمعصرة والسلامية . 

عاصمة الطب

أزمة كورونا التى ألقت بظلالها القاتمة على القطاع الصحى فى الفترة الأخيرة، لم تكن كذلك فى «المنصورة» التى يوجد بها صرح طبى وتعليمى خطير أهلها لانتزاع لقب: عاصمة الطب فى مصر، ألا وهى الجامعة التى تضم 13 مستشفى ومركزا طبيا متخصصا ، حيث يصف الدكتور محمد حجازى المدير العام التنفيذى لمستشفيات جامعة المنصورة ومراكزها الطبية التفاعل المجتمعى بأنه كان قويا ومبهرا، لدرجة أنه «ستر» النظام الصحى بالمحافظة، ومنع انهياره فى ظل أزمة كورونا العالمية

مضيفا: فور احتياجنا لشراء أجهزة تنفس صناعى جديدة، وإعلان الأمر لدى أصحاب الأيادى البيضاء على القطاع الطبى من رجال الأعمال وأصحاب الشركات، لم تمض 24ساعة إلا وكان بين أيدينا وتحت تصرف الجامعة مبلغ 25 مليون جنيه، تم شراء 40 جهاز تنفس صناعى منها يستفيد منها حاليا أهلنا المرضى ، وكانت المفاجأة أن من المتبرعين من دخل المستشفى واحتاج شخصيا إلى مثل هذا الجهاز لإنقاذ حياته، ويضيف: كان للإحساس بخطورة الفيروس تأثيره فى مضاعفة التبرعات الأخري، حيث قام أحد المواطنين بتعديل تبرعه من إنشاء 9 حضانات أطفال إلى 32 حضانة لمواكبة الاحتياجات ، كما أسهم مواطن آخر فى تطوير جناح العمليات ليصبح عدة غرف مجهزة، موضحا أن الأغلب لا يحب إظهار اسمه أو هويته ويكتفى بكونه: « فاعل خير».

ويستطرد الدكتور محمد حجازي: رغم أن المنظومة الصحية فى مصر شهدت تغيرات جذرية مهمة فى السنتين الأخيرتين تمثلت فى رؤية الدولة الجديدة برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسى فى التحديث والتطوير وتوجهها نحو التأمين الصحى الشامل وإصدار قانون للمستشفيات الجامعية وإعادة هيكلة وزارة الصحة وتحسين أوضاع طبيب الامتياز والخريج المصرى والامتحان الموحد، إلا أن تزامن ذلك مع هجمة فيروس كوفيد 19 ضاعف العبء والضغط على المستشفيات الجامعية التى يفترض أن تستقبل المريض بعد مروره على طبيب الأسرة ومستشفيات الصحة، لكنها تجاوزتها بفضل الإرادة والدعم الشعبي، حيث أنشأنا مجمعا للعزل يضم كبسولات ومجمع عنايات مركزة يعمل به نحو 200 ممرضة و70 طبيبا يجرى تبديلهم كل أسبوعين ثم عزلهم ، ولم يوقف هذا الجهد استمرار النشاط فى تنفيذ الأعمال الإنشائية فى ثلاثة مراكز طبية متخصصة للنساء والتوليد وجراحة المخ والأعصاب والعظام، بخلاف افتتاح مركز جراحة القلب والصدر وتشغيله تجريبيا على أعلى مستوى .

وبلغة الأرقام يوضح دكتور حجازى أن ما بين 2 و3 ملايين مواطن يترددون سنويا على 12 مستشفى ومركزا بجامعة المنصورة، ويجرى بها نصف مليون عملية جراحية متنوعة، لأنها تخدم نحو 7 محافظات مجاورة للدلتا مثل دمياط والشرقية والغربية وكفر الشيخ وحتى سيناء وبورسعيد، كما أسهمت جامعة المنصورة بفعالية فى تنفيذ المبادرات الرئاسية الكبيرة مثل تقليل قوائم الانتظار و100 مليون صحة وصحة المرأة المصرية،

قوائم الانتظار

على قوائم الانتظار لزراعة الكبد يوجد أكثر من مائتى حالة من الفقراء، الذين لا يملكون النفقات الباهظة للعملية، هنا تدخلت أيضا التبرعات والجهود الذاتية لإنشاء مركز متكامل لزراعة الكبد بالدقهلية، يقول الدكتور محمد عبد الوهاب، المشرف على وحدة زراعة الكبد، إن تبرعات المجتمع المدنى كانت مهمة فى بناء مركز متكامل لزراعة الكبد لخفض قائمة المنتظرين لإنقاذ حياتهم وخاصة الفقراء. وناشد عبد الوهاب رجال الأعمال والقادرين دعم جهود الدولة فى إنجاز مهمة شراء و تأثيث مستلزمات مشروع مركز زراعة الكبد المكون من 9 أدوار والقائم بجوار مبنى الجهاز الهضمى على مساحة 800 متر مربع، أى بمسطح 72 ألف متر مربع، ويشتمل على عيادات خارجية وغرف عمليات وعناية مركزة وطابق علمى وغرف إقامة وبحث، وتم الاتفاق مع إدارة الجامعة على تسريع خطوات تشطيب المبنى وتجهيزه فنيا بالأجهزة الطبية وتم تجهيز كراسة المواصفات تمهيدا لطرح المشروع على الشركات، مشيرا إلى أن جمعية رعاية مرضى زراعة الكبد بالمنصورة تحت إشرافه شخصيا تستهدف مساعدة غير القادرين والذين ليس لهم تأمين صحى بصرف العلاج والمساهمة فى تكاليف إجراء عمليات زراعة الكبد والمساهمة فى التحاليل والأشعات اللازمة.

استثمار فى العلم

الاستثمار فى صحة المواطن الدقهلاوى ليس كل شيء فى الجهود الذاتية لأبناء المحافظة، فلدينا نموذج «الحاج رجب» الذى ينتمى لأسرة تهوى الاستثمار المجتمعى فى مجال التعليم، حيث سبق أن تبرعت قبل سنوات بقطعة أرض على مساحة فدان كامل، لاقامة مدرسة للتعليم الأساسي، وبالفعل تم إنشاء المدرسة بمسقط رأس الأسرة ومقر إقامتها بقرية «برق العز» التابعة لمركز المنصورة، الحاج رجب السيد إبراهيم عيد قال لنا: كنت أحلم بنوع متميز من التعليم لأبناء قريتى والقرى المجاورة، وبدأت أفكر فى مدى احتياج القرية لوجود مدرسة لغات، وما إن اختمرت الفكرة فى ذهنى حتى بادرت بالتبرع بأرض المدرسة، لكنى اشترطت أن يطلق عليها اسم الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية، تقديرا لدوره الوطنى الكبير تجاه مصر، واستجابة لدعواته بالتفاعل المجتمعى مع توجهات الدولة فى الاهتمام بالتعليم وتخفيف الأعباء عن كاهل الحكومة. ويوضح أن الفكرة جاءته أثناء استماعه لخطاب للرئيس عن سيناء وتحديات الأمن القومي، وبالفعل تمت المباركة الشعبية للتسمية بحماس كبير. وتقول هالة هارون، مديرة المدرسة، إن محافظ الدقهلية الأسبق الدكتور أحمد الشعراوى وضع حجر أساس المدرسة عام 2017 على مساحة 14 قيراطا وبها 14 فصلا واستغرق تنفيذها أقل من 8 أشهر من قبل هيئة الأبنية التعليمية وبدأت أول عام دراسى لمرحلة ما قبل الإبتدائى « كى جى 1 و2» ومستمرة فى التصعيد حتى المرحلة الثانوية وتعد أول مدرسة لغات فى ريف مركز المنصورة  بأكمله.

سباق تبرعات الأراضي

ومما يذكر أن الأهالى بكل أرجاء المحافظة يتسابقون للتبرع بقطع الأراضى لإنشاء مدارس جديدة لدعم جهود الدولة وتخفيف تزاحم الطلاب فى الفصول، حيث وصل عدد قطع الأراضى المتبرع بها ــ وفقا لتصريحات المهندس محمد سلامة مدير عام هيئة الأبنية التعليمية بالدقهلية لنا ــ إلى 44 قطعة، مشيدا بالإسهام الشعبى والحماس المجتمعى لبناء المدارس بما يناسب احتياجات كل مركز ويسد أوجه النقص به، ويشير إلى أنه يجرى حاليا اتخاذ الإجراءات لنزع صفة «الزراعة» عن هذه الأراضي، وتخصيصها للنفع العام لحل مشاكل التعليم والكثافات فى الفصول ، لافتا إلى أن عدد المدارس التى تأسست فى السنوات الخمس الماضية بالمحافظة تجاوز ما تم إنجازه على مدار 40 عاما سواء ضمن خطط الدولة أو إسهامات الأهالي، إذ تم خلال السنوات الست الماضية بناء وتطوير245 مدرسة بتمويل الدولة والمجتمع المدنى معا وتتسع لنحو 3854 فصلا دراسيا بتكلفة مليار و483 مليون جنيه ، كما يجرى حاليا تنفيذ 32 مدرسة جديدة تتسع لنحو 548 فصلا بتكلفة 268 مليون جنيه

ويعلق اللواء هشام الحصري، رئيس لجنة الزراعة والرى فى مجلس النواب ونائب دائرة السنبلاوين حاليا، قائلا: الدولة لا تستطيع توفير أراض لإقامة المشروعات، لأن أملاك الدولة من الأراضى قليلة فى المدن وكذلك لا تتوافر مساحات من الأراضى داخل الكتل السكنية ، ومن هنا تأتى أهمية استثناء بعض القطع المخصصة للمدارس لتخفيف كثافة الطلاب بالمدارس ومواجهة التوسعات والاحتياجات الملحة ومعالجة الصعوبات التى قد تنشأ مثل بعد الأراضى عن الكتلة السكنية أو وجود صرف مغطى وتوصيل الخدمات والمرافق .

وللتعليم الأزهرى نصيب أيضا من الاهتمام، حيث تبرع أهالى قرية برق العز ــ وفقا لما قاله لنا محب السعيد رئيس لجنة الجهود الذاتية بالقرية ــ ببناء أربعة معاهد أزهرية تشمل جميع المراحل الدراسية دون أن تتكبد الدولة جنيها واحدا. 

ويؤكد الدكتور أيمن مختار محافظ الدقهلية أن المحافظة رائدة فى الجهود الذاتية والمجتمع المدنى بها لا يبخل أبدا فيما يخص دعم وتطوير الخدمات المقدمة للمواطنين فى كل المجالات سواء بالدعم المادى أو بالأفكار والمقترحات، مشيدا بمساهمة رجال الأعمال ومنظمات المجتمع المدنى والشركات فى دعم خطط الحكومة لتنفيذ برامج التنمية وتحسين الخدمات ، معتبرا أن أبناء الدقهلية نموذج فريد فى العطاء الوطنى والبذل من أجل تطوير بلدهم وهو ما يعكس الثقة المتبادلة بين الأجهزة التنفيذية والمواطنين.

سطور تحقيقنا ليست أبدا دعوة لتخلى الدولة عن دورها، وإنما دعوة لتعميم روح المساندة الشعبية كلما وجد إليها أهالى قرية مصرية سبيلا، ولنتذكر أن العائد فى المقام الأول لمصلحة صحة المواطن ومستقبل أبنائه.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق