رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

حدود الشهرة

قد يصل الحد بالبعض إلى ملامسة الجنون، وهو يتباهى بما يملك من ثروة وشهرة ونفوذ، له مبرراته التى يعرفها، لكنها مهما تكن قد تحتاج إلى مراجعة ومنطق،حتى لو كان يفعل ما هو فى حدود حريته، ويتمادى فى استخدامها قناعة بقيمة الحرية الشخصية، وأن الإنسان يفعل ما يريد .

كل شخص له جوانب فى الحياة منها ما هو ظاهر ومنها ما هو خفي،وقد تكون الجوانب الظاهرة غير كاشفة عن المعدن الحقيقى له،وعن طبيعته الخيرية، غير أن التباهى بالثروة والاستعراض بالممتلكات الشخصية أمر غير معهود فى المجتمعات التى تضع مكانة للتواضع والقيمة والبساطة والخصوصية، خصوصا من النجوم والمشاهير الذين باتوا بحكم الانتشار فى مكانة القدوة للشباب الذى يتطلع اليهم ويصبو إلى تحقيق مكانة تقترب منهم وسط عالم محبط لا يفتح أبوابا عريضة للأمل أو الوثوب نحو المكانة المأمولة.

معدن هؤلاء لا يعطى تقريرا عن أن جوهر الرسالة التى يدعى انه يقدمها سواء من خلال عالمه الفنى أو الرياضى أو مجتمع رجال الأعمال هى نفس سلوكياته الشخصية،وتمنحه التقييم الواجب بأنه يفتقد إلى المضمون الذى يحتاجه الوطن فى تقديم رسالة غير مباشرة تضع كل الاعتبارات فى مكانتها وتراعى ظروف شعب يكاد يكون 70 فى المائة من تعداده من أبناء الطبقة تحت المتوسطة.

مصر الناعمة القوية حققت مكانة عالمية بأسماء وقامات فى مجالات الفن والثقافة والفكر والاقتصاد والسياسة والاجتماع والصناعة والحرف اليدوية وحفرت ابداعات هؤلاء تاريخا كبيرا يتعرف عليه العالم ويضعه فى مكانة خاصة، لاتزال ابداعات هؤلاء هى الكنوز التى لا تنضب، عكس ما هو شائع فى هذه الأيام التى لا عنوان لها ويتصدر المشهد فيها مشاهير بلا هوية ثقافية او فنية، لكنهم محظوظون بثقافة الانتشار الواسع والشهرة الكبيرة والثراء السهل.

لم يتورط الفنان الكبير عادل إمام فى الظهور بطائرة خاصة او سيارة فارهة على الرغم من حجم نجوميته ، عاش ومات الفنان أحمد زكى بسيطا كريما، ترك المخرجون الكبار صلاح ابوسيف، وعاطف الطيب ومحمد خان وداود عبد السيد رصيدا من الذاكرة التى تقوى مناعة المواطن وتمنحه الأمل فى العمل وفى الحياة ،غادر العبقرى يوسف شاهين عالمنا وهو بسيط مثقف يحلم بمصر وبالشعب، وترك مقتنيات من الكنوز الفنية والجوائز العالمية تخلد اسم مصر وترفعه .

فى توقيت ما تظهر نماذج فى الحياة تتمتع بموهبة كبيرة وتحصد الشهرة العريضة التى ما كانت تحلم بها، لا يختلف أحد فى ذلك سواء اتفق البعض على قيمة الشخصية أو رفضها لكنها فى زمن نسب المتابعة والمشاهدة يضع هؤلاء قدما فى وجه القيم والأخلاق كما لو كان هؤلاء يتحدون النبل والتقدم.

لا يوجد حساب على تصرفات البعض ما دامت شخصية غير ان الحساب المتراكم ربما يأتى دفعة واحدة وعندها ينسحب هؤلاء من الصورة ويصعد بدلا منهم كل من يستحق الجدارة والمتابعة والمشاهدة،الوقت يطول أو يقصر لكنه حتما قادم فالحياة تستقيم بمناخ الاعتدال والبعد عن الغلو والتطرف، أو المبالغة التى تثير الغرائز أو تهاجم القيم.

فى مرات غير قليلة تقود مواقف ثلة الهبوط والتردى الغضب والرفض لكنه أمام موجة هادرة ينتظر الكثيرون مرورها دون ان تترك من ورائها أى أثر على أمل أن تأتى مرحلة الاختفاءالسريعة، فى التاريخ الحديث مر مشاهير لم يتفاخر أى منهم بأسطول السيارات الفارهة التى يمتلكها، أو يستعرض الطائرة الخاصة من الداخل التى يجلس وحيدا على أحد مقاعدها ويملأ المقاعد الفارغة بتفاصيل صغيرة مثل حافظة النظارة أو جاكت مهمل، كان شاغلهم العمل الهادف خدمة للمجتمع والحفاظ على تاريخ تتوارثه الأجيال،عاشوا ويعيشون بهموم الوطن وتطلعاته .

النجاح شهرة وثروة نعم لكن التقدير يتحقق من العطاء ومن الالتزام والحفاظ على المبادئ ، الصعود إلى القمة سهل لكن الحفاظ عليها هو الصعب .


لمزيد من مقالات ماهر مقلد

رابط دائم: