رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

استقطاب يؤججه صراع الهويات والعرق

هبة عبد الستار

لا يقتصر الانقسام والاستقطاب الذى يعانيه الأمريكيون حاليا على مجرد خلاف سياسى حزبى فأمريكا المنقسمة هى أكثر من مجرد ديمقراطى مقابل جمهورى أو ليبرالى مقابل محافظ. إنها الريف مقابل الحضر. إنها الصراع حول الإيمان، والعرق، والهويات. أصبحت الحدود خطوطا لمعركة جديدة كشفها الجدل الساخن حول قضية الهجرة، خطوط الصدع تتعمق شبكتها أكثر فأكثر عبر المناقشات الثقافية والسياسية الجدلية التى شكلت الزلازل السياسية لانتخابات 2016 و2020.

 ومنذ انطلاق سباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية بالشهور الأخيرة اندفع سيل من الكتب يحاول تتبع أصول الانقسام بأمريكا بحثا عن علاج أملا فى إيجاد حل للمعضلة الأمريكية الحالية ليتكشف من معظمها أن الأزمة تتعلق بالهوية والعرق.
تقدم إيزابيل ويلكرسون فى كتابها المثير للجدل «الطبقة: أصول سخطنا» قراءة مختلفة حول العرق والعنف الاجتماعى المتجذر بالمجتمع الأمريكى. وفقا لها فإن الطائفة تمثل »الطبقة التى تمنح أو تحجب الاحترام، والمكانة، والشرف، والامتيازات، والطيبة البشرية لشخص ما على أساس رتبته المتصورة أو مكانته بالتسلسل الهرمى الاجتماعي«. تضفر فى دراستها المثيرة الترابط بين العنصرية والطائفية والطبقة الاجتماعية، معتبرة أن «ما يسميه البعض العنصرية يمكن اعتباره مجرد مظهر واحد من مظاهر الدرجة التى استوعبنا بها النظام الطبقى الأمريكى الأكبر».
جوهر أطروحة ويلكرسون أن الطائفية الاجتماعية، تحقق أكثر مظاهرها عنفا فى معاملة السود الأمريكيين ويتم الحفاظ عليها بشكل قانونى من خلال القانون والنظام. وتستند حجتها على استكشاف ما تسميه أنظمة الطبقات الثلاثة الرنانة بالتاريخ: النظام الطبقى الهندى، ونظام الطبقات النازية ونظام الطبقات الأمريكية - والتى بحثها النازيون عند إنشاء نظامهم العرقى الطبقى، مستشهدة بالمؤرخ جيمس كيو ويتمان كدليل: «لم تكن هناك نماذج أخرى لقانون اختلاط الأجيال يمكن أن يجدها النازيون فى العالم. كان اهتمامهم الكبير بالولايات المتحدة كمثال كلاسيكي».
ويبرز رد الفعل العنيف المتوقع للتفوق الأبيض تجاه انتخاب أول رئيس أمريكى أسود والذى اعتبر مؤشرا لـ «قدرة الشخص الأسود على استبدال نظام الطبقات العرقية واعتبر كابوسا يجب مقاومته»، فكان رد الفعل بانتخاب ترامب عام 2016 التزاما عميقا، لا شعوريا، تجاه الطبقة «البيضاء» المهيمنة لتظل على القمة، بعد أن هددها انتخاب باراك أوباما، فاحتشد «الإنجيليون البيض» لترامب لأنهم ربطوا بين اللاهوت والبياض والسياسة المحافظة. توضح ويلكرسون «المأساة الكبرى بين البشر هى أن الأشخاص غالبا ما يتم تعيينهم أو اعتبارهم مؤهلين لشغل مناصب قيادية، ليس بالضرورة على أساس سمات القيادة الفطرية ولكن، تاريخيا على أساس أنهم ولدوا للطائفة أو الطبقة المهيمنة أو الجنس المهيمن أو للعائلة الصحيحة داخل الطبقة المهيمنة مما يبرر الحاجة لاستمرار هذا الهيكل الطبقى ومقاومة أى انحراف عنه حتى لو أدى ذلك إلى العنف«. ما تطرحه ويلكرسون هنا فى كتابها يتقاطع بشدة مع الدراسات التى انطلقت لتحلل الناخبين الذين أوصلوا ترامب للبيت الأبيض مثل دراسة جوناثان روثويل من معهد جالوب التى أفادت أن ترامب استقطب الناخبين بالمناطق المعزولة عنصريا، وكذلك ما توصل إليه معهد بيو للأبحاث حول الارتباط الوثيق بين دعم ترامب بالانتخابات وبين «الضغينة» العرقية التى يحملها البيض تجاه الملونين والمهاجرين.
 فيما يرى عزرا كلاين فى كتابه «لماذا نحن مستقطبون» أن سبب الداء الأمريكى هو صراع الهويات الكامنة، موضحا »اليوم تنقسم الأحزاب بشدة عبر خطوط عرقية ودينية وجغرافية وثقافية ونفسية. هناك العديد من الهويات الكامنة بتلك القائمة، وهم يستخدمونها معا، لذا فإن الصراع أو التهديد الذى ينشط أحدها ينشط الجميع. وبما أن هذه الهويات الضخمة تمتد عبر العديد من جوانب مجتمعنا، يتم تنشيطها باستمرار. نحن محبوسون جدًا فى هوياتنا السياسية، حيث لا يوجد مرشح، ولا معلومات، يمكن أن يجبرنا على تغيير آرائنا. والنتيجة سياسة خالية من الحواجز أو المعايير أو الإقناع أو المساءلة« لذا يمكن فهم لماذا الآن أكثر من أى وقت مضى، تؤدى الاختلافات السياسية إلى عداء شخصى - جزئيا لأن السياسة الآن تربط هوياتنا المتعددة بطرق درامية يصعب معها إيجاد أى أرضية مشتركة.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق