رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

تحصين الشباب فى عصر السلام الدافئ

فى نوبة صراحة أو ربما تماهيا مع طبيعة عمله بإحدى المنظمات الدعائية لإسرائيل فى الولايات المتحدة أسهب مؤخرا شاب من مواليد مصر وحاليا مواطن أمريكى فى رواية كيف بدأ يتعرف على إسرائيل عبر الانترنت، وكيف أنه بعد لقاء مع مدير المركز الأكاديمى بالقاهرة أصبح يصف نفسه بأنه صهيوني، بل تفرغ لمحاربة حركات داعية لمقاطعة إسرائيل ومنتجاتها، وحكى الشاب كيف كان ثمن انحرافه قطيعة تامة وكاملة بينه وبين أسرته!.

إذا ما تجاوزنا تفاصيل نفسية لتلك الحالة الشاذة التى كشفتها صحيفة يسرائيل هيوم مؤخرا، سنجد أن الخطورة دوما قائمة وسط محاولات دائمة للاستقطاب والتجنيد عبر الانترنت. وهو ما قد يتضاعف خطورته فى ظل التحول الدراماتيكى الذى تشهده العلاقات الرسمية بين إسرائيل وأكثر من دولة عربية.. حيث تتجه إسرائيل بعلاقاتها مع أبو ظبى والمنامة نحو التفاوض على ملفات شائكة، رغبة فى تثبيت قرار تجميد ضم الضفة الغربية لإسرائيل وانتزاع بعض حقوق الفلسطينيين.

الأسئلة التى تطرح نفسها فى هذا المضمار: هل فى ظل هذه التغيرات سيكون زلل أو اهتزاز ضعاف النفوس أو عديمى الخبرة إزاء الأكاذيب الإسرائيلية متكررا، بما يمثل خطورة على ثوابت المجتمع وأمنه؟ وهل ستكف تل أبيب أذاها وأطماعها إزاء الفلسطينيين والثروات والحقوق العربية؟ وهل ستتوقف عن الانتهاكات ضد المقدسات؟.

إذا كان للجانب الرسمى حساباته ومقابل محسوب إزاء كل خطوة، وخطط بديلة وخطوط رجعة إذا ما ناور الجانب الإسرائيلى ونكص عن أداء التزاماته، فإن التشويه والاختراق والتجنيد للشباب العربى عبر الانترنت يجد زخما اضافيا وحظوظا أكبر فى عهد الاتصالات والعلاقات الرسمية المباشرة. فالمواطن الشبكى حسب الكاتب أكرم القصاص فى كتابه السيبراني: سرعان ما يجد نفسه مواطنا مسطوح على السرير فى حالة خطرة مغمضا شبه ميت، متصلا بأسلاك.. لا يقول شيئا.. وتنهال عليه مئات اللايكات والدمعات. وهذه بيئة خصبة للمحترفين فى الجانب الإسرائيلى إذا ما اضيفت لها التطورات الرسمية الأخيرة.

المتابع للإعلام الإسرائيلى يجد أنه بالاضافة إلى الصحف والمحطات التليفزيونية تم مؤخرا تعزيز النشاط الإعلامى الدعائى عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تحرص إسرائيل على أن يكون لها أكثر من متحدث باللغة العربية باسم مؤسسات ومسئولين، وهو ما يتواكب مع توجهات الوحدة 8200 فى الجيش الإسرائيلى التى تتولى المعلومات والاختراق والتجنيد عبر حسابات مزيفة.. ويحيط بأفرادها حظر نشر لصورهم بهدف السرية وزادت ميزانيتها والاهتمام بعملها بداية من 2011. الرد على الترويج لأفكار زائفة وشعارات رنانة يجب أن يرتكز على ابراز حقيقة أن تل أبيب لا تطبق الشعارات التى ترفعها، مثل أن حرب أكتوبر ولى زمنها، ويجب ألا يتم الاحتفال بذكراها، فى حين أن إسرائيل ذاتها، من ناحية تتشبث بوجود رقابة عسكرية على الإعلام، وتروج لروايات مضللة عن حرب أكتوبر، حيث خصصت مؤخرا ميزانية ضخمة لانتاج مسلسل, حمل بالانجليزية اسم وادى الدموع وبالعبرية وقت صلاة عيد الغفران, سيستمر موسمين.. بدأ بثه بالفعل 19 أكتوبر 2020، وتقرر تخصيص الموسم الأول منه للجبهة السورية فى الحرب. ورغم اقامة آلاف المغامرين من المصريين الذين توجهوا لإسرائيل, خاصة فى منتصف تسعينات القرن الماضي, بحجة السياحة أو من خلال دولة ثالثة فإننا لم نلحظ نبوغ أو تفوق أو تقدم شخصيات منهم بشكل متميز. ويجدر بنا هنا التنويه إلى أنه وفقا للاحصائيات الرسمية الإسرائيلية فإن 20% من جملة عدد سكانها فقراء، ومعاناة لنحو ثلاثين عاما للمهاجرين الاثيوبيين وللاجئين من اريتريا وجنوب السودان. فضلا عن أن مقولات على غرار إسرائيل واحة الديمقراطية فى المنطقة تصطدم مع ممارسات عنيفة ضد المحتجين الإسرائيليين أنفسهم، وتغيب عنها الشفافية والحسم فى مواجهة فساد النخبة. ويوضع فى الحسبان دوما سلوك إسرائيل العدوانى منذ نشأتها، وأيضا دعمها وتنسيقها وتعاونها مع الإسلام السياسى فى غزة، وتركيا، وفى مصر فى عهد الإخوان.. لشق الصف.

الخلاصة والرسالة فى هذا المضمار للشباب المصرى والعربى هي:لا تزال للجانب الآخر أطماعه وأوهامه، ولا يزال لديه جموع من المتطرفين والسفاحين، فيجب فى المقابل أن تكون لديكم الصورة كاملة وواقعية، وفهم لطبيعة المرحلة التى حتى لو كللت مفاوضاتها بالنجاح، واستقرت رسميا فستكون أشبه بالعلاقة بين الولايات المتحدة من جانب وروسيا، والصين، وكوريا الشمالية من جانب آخر.. أى علاقة بها كثير من الشد والجذب، بل التضييق، والتشويه والاتهامات، والعقوبات والتهديد والوعيد.


لمزيد من مقالات د. أحمد فؤاد أنور

رابط دائم: