شهد الملف الليبى خلال الأسابيع الأخيرة تطورات إيجابية على المستويات العسكرية والأمنية والسياسية بما ينبئ بإمكانية التوصل إلى حل سياسى ينهى الأزمة الليبية المستمرة منذ عقد وأدت لتداعيات سلبية خطيرة، سواء داخل ليبيا أو خارجها.
فعلى المستوى العسكرى والأمنى تم التوصل إلى اتفاق تثبيت وقف إطلاق النار فى 23 أكتوبر الماضى وعقدت لجنة خمسة زائد خمسة العسكرية أول اجتماع لها فى مدينة سرت، واتفقت على إخراج كل القوات المرتزقة من ليبيا خلال ثلاثة أشهر واتفقت مبدئيا على فتح وتأمين الطريق الساحلى الذى يربط المدن الليبية ثم تجميع المرتزقة فى بنغازى وطرابلس تمهيدا لترحيلهم. وعلى المستوى السياسى اتفق المشاركون فى الحوار الليبى بتونس على خريطة طريق تشمل إجراء الانتخابات فى ديسمبر من العام القادم, والاتفاق على معايير وآليات لاختيار المناصب فى تشكيل المجلس الرئاسى والحكومة الجديدة، والمفترض أنهما يديران الأمور فى ليبيا خلال المرحلة الانتقالية وحتى إجراء الانتخابات.
ورغم أن كل تلك التطورات تعطى نوعا من التفاؤل تجاه طريق الحل السياسى فى ليبيا, فإن هذا الطريق يواجه تحديات وصعوبات كثيرة أبرزها استمرار التدخلات الأجنبية الخارجية فى الشئون الليبية واستمرار تدفق القوات المرتزقة, واستمرار الميليشيات المسلحة وكلها تمثل عائقا جوهريا أمام إنجاز خطوات حقيقية لتحقيق التسوية والحل السياسى الشامل فى البلاد, إضافة إلى أن هناك أطرافا وعناصر خاصة فى غرب ليبيا تحاول وضع العصا فى عجلة الحل السياسى من خلال فرض شروطها ورؤيتها فى رسم المشهد السياسى بما يضمن مصالحها ونفوذها وتحالفاتها الخارجية التى غالبا ما تكون على حساب المصلحة الليبية العليا.
إن مقومات الحل السياسى فى ليبيا تتطلب أولا تأكيد أن الحل بأيدى الليبيين أنفسهم، وليس بأيدى الآخرين، والقناعة بفشل الحل العسكرى وضرورة التوصل إلى حل سياسى شامل ودائم يحافظ على وحدة وسيادة واستقرار ليبيا, وتوظيف ثرواتها فى تحقيق التنمية للشعب الليبي, كذلك أن يكون الحل السياسى ممثلا لكل الليبيين ولكل مناطق ليبيا, وأن تتوافر الإرادة الحقيقية والمخلصة فى التحرك نحو الأمام وإنجاز هذا الحل السياسي, كذلك وقف كل أشكال التدخلات الخارجية وإخراج كل القوات المرتزقة من البلاد، ونزع أسلحة الميليشيات المسلحة, ودون ذلك ستظل ليبيا تدور فى حلقة مفرغة.
لمزيد من مقالات رأى الأهرام رابط دائم: