رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

أفق جديد
الكذب صديقا!

تمتلئ الذاكرة البشرية بمقولات وحكم رافضة للكذب والكذابين، ومع ذلك، يصل الكذب، كما يقول تشرشل، إلى منتصف العالم قبل أن ترتدى الحقيقة ملابسها. من فرط الكلام الكثير عن رفض الكذب ولا أخلاقيته، تشعر أنه لا يشغل سوى حيز ضيق من الحياة، فإذا بك تكتشف أنه الأصل، وأن البعض لايتوقفون عن الكذب إلا عند نومهم، بل إن الكذاب الأشر يكذب حتى بأحلامه، كما قال أحد الحكماء.

لماذا يكذب الناس؟ أسباب كثيرة، أهمها أنه سهل وغير مكلف غالبا. معظمنا يمارس الكذب، (غير المؤذى). نكذب للترويج لأنفسنا، أو لتجنب لقاء آخرين أو لنحمى أنفسنا منهم. نكذب لأن الوعود هى أحلى الأكاذيب، أو لأن حياتنا قصة أجمل ما فيها أكاذيب.

لكن الكذب فى السياسة ليس مسألة شخصية. إنه صناعة كاملة يقوم عليها قادة وصحفيون وإعلاميون وجمهور حاشد يتم تعبئته بسيل أكاذيب يعتقد أنها الحقيقة. جمهور سمح لنفسه، المرة تلو المرة، بتصديق الأكاذيب، فاستمرأ السياسيون اللعبة وقرروا أن تكون مهنتهم. حسب استطلاعات الرأى، يعتقد 70% من الجمهوريين بأمريكا أن الانتخابات الرئاسية الأخيرة مزورة، بينما يؤمن 90% من الديمقراطيين أنها حرة. قبل الانتخابات، قال 35% فقط من الجمهوريين إنها ستكون مزورة مقابل 52% من الديمقراطيين. ماذا تغير؟ قبل التصويت، ضخ الديمقراطيون معلومات لأنصارهم أن إدارة ترامب ستتدخل، أما بعد النتائج، فإن ترامب لا يتوقف عن الكذب وبث شائعات أحدثها أن هناك ماكينة تحول الأصوات إلى خصمه بايدن.

رغم أن السياسة، تكاد تستقر بالأذهان على أنها فن الكذب، إلا أنها تثبت كل يوم قدرتها على استيعاب معلومات مضللة لا حصر لها، دون أن يتم ضبطها بجرم الكذب. الإمساك بالسياسى الكاذب من رابع المستحيلات، لأن ما تعتبره غير صحيح، يعتبره آخرون الصح بعينه، كما أن هناك جمهورا تم برمجته على تصديق ما يقوله قائده أو حزبه ورفض كلام الخصوم دون تفكير. إذا كنا لا نتشارك الحقيقة، كما يقول توماس فريدمان، فكيف سنحمى بلدنا ونتصدى لأعدائنا ونصون دستورنا؟. الكذب يجعلنا نسير كل فى طريق.

[email protected]
لمزيد من مقالات عبدالله عبدالسلام

رابط دائم: