رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

فى سويسرا ..
ارتباك الباحثين وتفاؤل الاقتصاديين

د.آمال عويضة

فى سويسرا ، التى تحتل موقعها فى قلب أوروبا جغرافيا، اتخذ الجدال منحى آخر فى دوائر الإعلام والبحوث الأكاديمية، حيث دارت مناقشات ما بعد ظهور نتيجة الانتخابات الأمريكية لاختيار الرئيس السادس والأربعين حول كفاءة الباحثين فى ذلك البلد، الذى لا يتجاوز عدد سكانه ثمانية ونصف مليون نسمة، فى استخدام البيانات وتحليلها فى توقع النتائج، بغض النظر عن الفائز، وهو ما يختلف كثيرا عما دار فى البلدان الأوروبية المحيطة، من فرح حذر بفوز مرشح الحزب الديمقراطى جو بايدن، على أمل إنقاذ ما يمكن إنقاذه وإعادة الولايات المتحدة إلى الإجماع الدولي، فيما يتعلق بقضايا البيئة والصحة والتجارة على وجه الخصوص.

اندلع ذلك الجدل بعدما فشل فريقان من أمهر الباحثين السويسريين فى الخروج بنتائج من نماذجهم لتحليل البيانات ولغة الخطاب، إذ تنبأت نماذجهم المعدلة ببقاء دونالد ترامب فى منصبه وتغلبه على منافسه، وهى الآليات نفسها التى نجحت فى توقع فوز ترامب عام 2016. اعتمد الفريق الأول فى تحركاته على تحليل عمليات البحث على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، لقياس درجة الاهتمام بالمرشح، بينما اعتمد الفريق الآخر على تحليل البيانات الاقتصادية وفرص شغل الوظائف والرفاه المحلى مع عناصر تقييم شخصية المرشح (الكاريزما). وقد اتفق جون أنتوناكيس ،أستاذ السلوك فى جامعة لوزان، وفيليب جاكوارت ،الأستاذ فى كلية إمليون لإدارة الأعمال فى فرنسا، أن ثمة خطأ جوهريا فى توقع نتيجة الانتخابات بناءً على شخصية المرشح، فضلًا عن صعوبة حصر مصادر البيانات لتحليل انتخابات عام 2020، والتى جاءت من 367 مصدرا، بما فى ذلك محركات البحث ومواقع التواصل ومواقع التجارة الإلكترونية فى الولايات المتحدة، بالإضافة إلى 14103 مصادر خارجها. ويضاف إلى ذلك استحالة حصر عمليات البحث عن كلا المرشحين، إذ وجد الباحثون السويسريون أن هناك أكثر من 2500 قضية شغلت بؤرة اهتمام المتابعين، مثل السيطرة على الأسلحة، ومشاكل الأفرو-أمريكان، وأزمة كوفيد 19. على سبيل المثال، وصل البحث الشهرى حول ترامب عبر جميع القنوات الأمريكية نحو 70 مليون عملية بحث، واقتربت من 100 مليون عملية بعد تغريدة إصابته بفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، فى الوقت الذى بلغت ذروة البحث عن بايدن بنحو 26.6 مليون عملية فى سبتمبر المنصرم. وفى الوقت الذى نجح فيه ترامب وفريقه افتراضيا فى السيطرة على تويتر بإرسال 43 تغريدة يوميًا مقارنة بـ 11 تغريدة يوميًا لبايدن، استطاع ترامب الوصول إلى 87 مليون متابع مقابل نحو 11 مليونا لبايدن. ومن جهة أخري، وباستخدام مقياس الكاريزما الذى يقوم بتحليل الخطاب بناءً على تسعة عناصر بما فى ذلك تحديد الأهداف والتعبير عنها، واستخدام الاستعارات وسرد النماذج والقصص، وطرح أسئلة بلاغية، ووجد الباحثون أن خطاب ترامب حظى بنسبة 55.6% بينما حقق بايدن نحو 52%، ويبدو أن ذلك الفارق لم يكن كافيًا لبقاء ترامب فى منصبه لولاية ثانية كما جاء على لسان أنتوناكيس من جامعة لوزان، والذى يرى أن هذا المقياس نسبى للغاية ومن الصعب التوصل إلى نتائج عبر تطبيقه.

فى الوقت نفسه يرى مارك بوهلمان، أستاذ العلوم السياسية بجامعة برن السويسرية، أن الانتخابات العامة الأمريكية حظيت بـ «النجاح الديمقراطي»، حيث تم اتخاذ القرارات السياسية بشكل سِلمى على الرغم من النقاشات والسجالات الأخيرة التى كادت تنذر بفوضي، كما أضاف أن الانتخابات الأمريكية لعام 2020 تعكس تطوراً آخر يمثل الوجهين الجيد والسيئ للعملية الديمقراطية: «لقد وصلت التغطية الإعلامية للانتخابات إلى آفاق جديدة، لأسباب ليس أقلها أن الرئيس الحالى هو نَجم سابق لبرامج تليفزيون واقع، وهو ما أسهم فى زيادة المشاركة السياسية والإقبال القياسى من قبل الناخبين».

من جهة أخرى ، خرجت جريدة تريبون دو جنيف اليومية والأكثر انتشارا فى المدينة الدولية، بعد أيام من إعلان النتيجة بعنوان رئيسى متفائل تصدر صفحات ملحقها الاقتصادى الأسبوعي: «وصول بايدن علامة خير للصناعة السويسرية» وذلك فيما يتعلق بإعادة النظر بالضرائب التى فرضتها الولايات المتحدة  عام 2018 على استيراد الحديد والألمونيوم، وإن أبدى الخبير الاقتصادى السويسرى  فرانسوا سافاري، تشككه فى تحسن الوضع داخل منظمة التجارة جراء الحرب الدائرة بين أمريكا والصين، لافتا النظر إلى مشاكل محتملة أمام شركات الدواء السويسرية جراء تعهد بايدن بمراجعة سوق الدواء. وفى حوار على صفحات الجريدة نفسها، صرح هوبر فيدرين ،وزير الخارجية الفرنسى الأسبق، بأن على العالم ألا يتوقع تغييرًا جذريًا فى السياسة الأمريكية بين عشية وضحاها، بغض النظر عن اتفاق العالم أو اختلافه حول قدرة ترامب على إثارة الجدل بتعليقاته وأفعاله، مشيرًا إلى ضرورة استيعاب أوروبا لدورها كقوة عالمية فى مواجهة أمريكا والصين أيضا، لافتًا النظر إلى الجملة الشهيرة التى أطلقها بيل كلينتون الرئيس الأمريكى الأسبق، كاشفًا الفلسفة وراء سياسات بلاده بقوله: «عندما تواجهنا مشكلة، فإننا نحاول حلها بمساعدة الحلفاء، وإذا لم يتيسر لنا ذلك، نتولى حلها بأنفسنا».

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق