اجتهادات
حين يخسر الفائز!

نظام الانتخابات الرئاسية فى الولايات المتحدة فريد. رأى من يُطلق عليهم الآباء المؤسسون أن نظام الانتخاب المباشر يظلم الولايات الأقل سكانًا, فلجأوا إلى صيغة للانتخاب غير المباشر تُعرف الآن بالمجمع الانتخابى. ونصت المادة الثانية فى الدستور على الملامح الأولى لتلك الصيغة، التى حدث تغيير فيها بعد ذلك بموجب التعديل الثانى عشر فى 1804، والتعديل العشرين فى 1933. وبموجب هذه الصيغة، يكون لكل ولاية عدد من المندوبين (يُسمون الناخبون الكبار) فى المجمع الانتخابى الذى يضم 538 مندوبًا. ويحصل المرشح الفائز فى أى ولاية على أصوات مندوبيها جميعهم. ويفوز فى الانتخابات الحاصل على أغلبية فى المجمع الانتخابى حتى إذا كان هو الفائز فى الاقتراع الشعبى. ولكن ليست هذه الحالة الوحيدة التى يخسر فيها الفائز فى الاقتراع العام. هناك حالتان أخريان0 الأولى عندما يفوز مرشح بالأغلبية فى الاقتراع العام، ولكنه يتعادل مع منافسه فى المجمع الانتخابى. والثانية إذا لجأ الخاسر إلى القضاء للطعن فى نتائج بعض الولايات, ولم يتيسر الانتهاء من النظر فى الطعون حتى 8 ديسمبر0 فى الحالتين يُعهد بالأمر إلى مجلس النواب، ولكن ليس بأغلبية أعضائه، إذ يكون لكل كتلة نيابية فى الولايات الخمسين صوت واحد، ويفوز الحاصل على أغلبية هذه الكتل. ويحدث تصويت داخل الكتل النيابية التى تضم نوابًا من الحزبين لتحديد اتجاه صوتها. ولكن فى الحالة الأولى ينتخب المجلس احد المرشحين رئيسًا, وفى الثانية يقترع بالطريقة نفسها لتحديد من الفائز فى كل من الولايات المطعون على نتيجتها0 وقد يتصادف أن يحصل مرشح على أغلبية الأصوات فى الاقتراع العام، أو فى الولايات المطعون فى نتائجها, ولكن لا يكون لحزبه أغلبية أعضاء مجلس النواب، أو يفتقد أغلبية الولايات برغم أن عدد أعضائه أكبر. ويحدث ذلك عندما تنتج الأغلبية العددية عن تفوق الحزب الحاصل عليها فى ولايات أقل، ولكن لديها عدد أكبر من الممثلين فى المجلس. فإذا اقترع نواب الحزب, الذى خسر مرشحه أو قدم طعونًا لم يحسمها القضاء حتى 8 ديسمبر, على أساس الانتماء الحزبى يمكن أن يصبح الخاسر فائزًا, والفائز خاسرًا!.