رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الهادى إدريس رئيس الجبهة الثورية السودانية لـ «الأهرام»: اتفاق جوبا يعالج الجذور التاريخية للأزمة السودانية وينهى المظالـم والتهميش

أسماء الحسينى

  • مصر لعبت دورا مهما فى توحيدنا ودعم مفاوضات السلام

بدا الدكتور الهادى إدريس رئيس الجبهة الثورية السودانية متفائلا باتفاق السلام الذى وقعته الجبهة التى يرأسها الشهر الماضى مع الحكومة السودانية فى جوبا عاصمة جنوب السودان، وأوضح فى حوار خاص مع «الأهرام» أن الاتفاق عالج جذور الأزمة السودانية، وتوصل إلى صيغ تنهى المظالم والتهميش فى السودان، لكنه أكد فى الوقت ذاته أن هناك تحديات كبيرة تواجه تنفيذ هذا الاتفاق، وتحويله إلى أرض الواقع، من بينها توفير الموارد المالية لإعادة ملايين اللاجئين والنازحين، ودمج القوات، وبدء مشروعات التنمية فى الأقاليم السودانية التى عانت من الحروب.

وامتدح رئيس الجبهة الثورية السودانية الدور المصرى فى دعم السلام والاستقرار فى السودان، مشيرا إلى دورمصر المهم فى توحيد الحركات المسلحة السودانية الجبهة الثورية فى محادثات العين السخنة التى استضافتها، وهو ما ساهم مساهمة إيجابية كبيرة فى دعم مسيرة السلام فى السودان.

ونوه إلى زيارات الوفود المصرية إلى جوبا أكثر من مرة طوال العام الماضي، وأعرب عن تطلعه لإسهام مصر فى دعم تنفيذ الاتفاق وإنزاله إلى أرض الواقع. وقال إن قيادات الجبهة الثورية وفريق وساطة جنوب السودان سيزرون مصر فى غضون أيام قبل العودة للخرطوم لتنفيذ الاتفاق منتصف الشهر الحالي.

وإلى نص الحوار:

 

 

كيف تنظر لاتفاق جوبا للسلام الذى وقعتموه مع الحكومة السودانية الشهر الماضي؟

الاتفاق الذى تم التوقيع عليه هو ثمرة مجهود تفاوضى استمر لمدة عام، ونحن بشكل عام حاولنا أن نجيب على الأسئلة الرئيسية المتعلقة بالأزمة السياسية فى السودان، وهى أزمة لها جذور تاريخية منذ ما قبل استقلال السودان، والطريقة التى تم بها تكوين الدولة السودانية، وقد واجه بناء الدولة الوطنية فى السودان العديد من التحديات، تتعلق بعوامل داخلية وأخرى خارجية، لذا اندلعت الحرب فى جنوب السودان عام 1955، بعد تكوين أول حكومة وطنية قبل عام من استقلال جنوب السودان.

للأسف نحن كسودانيين أو الرعيل الأول من القادة السودانيين لم يكن لديهم بعد نظر حول هذه التحديات، وقد تفاقمت الأزمات والحروب، وقادت فى النهاية إلى استقلال جنوب السودان، لكن الأزمة لم تكن محصورة فى الجنوب وحده، وانما شملت السودان كله، ولاسيما فى المناطق التى يمكن أن نقول لديها هوية مميزة، سواء كان فى منطقتى جنوب كردفان والنيل الأزرق أو دارفور، حيث برزت منذ خمسينيات القرن الماضى عدد من الحركات المطلبية السياسية فى شرق السودان وجبال النوبة ودارفور، وكان الناس بشكل عام يشعرون أن هناك شيئا ما خطأ، ويجب أن يتم إصلاحه، ولاحقا تحولت هذه الحركات السياسية إلى حركات مسلحة. وبجانب عدم الاستقرار السياسى لم تكتمل لدينا أى تجربة ديمقراطية، وكل ذلك ساعد فى تفاقم الأزمة السودانية، التى كان من أبرز تجلياتها انفصال جنوب السودان.

وهل نجح الاتفاق فى معالجة الجذور التاريخية للأزمة?

وضعنا فى اعتبارنا كل هذه التعقيدات فى السودان عند المفاوضات مع الحكومة السودانية الأخيرة فى جوبا، وعملنا على إنجاز اتفاق شامل وكامل، يخاطب القضايا القومية وكل مسببات الحرب فى السودان وعدم الاستقرار السياسي، بما فى ذلك علاقة الدين بالدولة وقضايا الهوية وكيفية تقاسم السلطة والثروة والمؤتمر الدستورى كحدث هام يحدد مستقبل السودان، وهو مزمع عقده قبل نهاية الفترة الانتقالية.

لماذا اتبعتم أسلوب المسارات المتعددة فى التفاوض؟

تظهر تجليات الأزمة السودانية بشكل واضح فى أقاليم السودان، حيث تداعيات الصراعات والحروب، وهى تختلف من إقليم لإقليم، لا يمكن أن نقول أن المظالم الواقعة على شرق السودان هى نفسها الواقعة على دارفور، ومن هنا جاءت فكرة المسارات فى مفاوضات جوبا، أنه يجب معالجة مشاكل أى إقليم على حدة، فى مسار دارفور هناك 8 بروتوكولات تتحدث عن قضايا مهمة متعلقة إفرازات الأزمة فى دارفور.

وهل يمضى تنفيذ اتفاق السلام قدما، وما هى أهم العقبات؟

هناك تحديات كبيرة لا شك فى ذلك، وهناك كثيرون لا يستوعبون الاتفاق بعد، ووجهة نظرهم سلبية عن الاتفاق.

كيف استقبل الناس فى السودان اتفاق جوبا؟

ليس كل الناس استقبلوا الاتفاق بصورة حسنة، هناك كثيرون يجهلون الاتفاق.

ماذا تقول لمن يجهلون الاتفاق؟

سنذهب إليهم ونطلعهم على الاتفاق، ونشرحه لهم.

هل هذا الاتفاق سيكون على حساب أى أحد أو ضد مصالح أى جهة، وهل أعطاكم كمعارضة مسلحة نسبة أكبر فى السلطة والثروة والموارد؟

الاتفاق مختلف عما يتصور البعض..قضية السلطة والثروة جزئية بسيطة منه، الاتفاق ناقش أمهات القضايا، تحديد إعادة هيكلة قطاع الخدمة المدنية وقطاع الأمن، وفى إطار إصلاح الخدمة المدنية تحدثنا عن أبناء وبنات دارفور، وأبناء وبنات السودان ومشاركتهم، لا نتحدث عن قيادات الحركات المسلحة أو الموقعين، وبحثنا عودة المفصولين تعسفيا من مؤسسات الدولة فى عهد نظام الرئيس السودانى عمر البشير، خاصة فى المؤسسات الأمنية وتعويضهم.

هل سينهى الاتفاق المظالم والتهميش؟

نعم سينهى الاتفاق التهميش والمظالم، ونحن واثقون كل الثقة أن هناك إرادة سياسية متوافرة لدى الطرفين، وأن المناخ السياسى فى السودان مختلف، وأن المجموعة الحاكمة الآن لديها مصلحة فى السلام، لأنه بدون سلام لن يستقر الحكم الانتقالي.

السؤال الأساسى أنه لماذ كانت الحروب هى الوسيلة لتحديد شكل السودان، ولماذا انفصل الجنوب، ولماذا عدم الاستقرار السياسى فى السودان، ولماذا انتقلت الحرب من جنوب السودان إلى كل أنحاء السودان.

هل مازالت الدولة العميقة مشكلة كبيرة فى السودان؟

الدولة العميقة ليست هى التحدى الأكبر، لكن التحدى الحقيقى هو كيف تستطيع القوى الحاكمة الآن، ومكونات الحكم الانتقالى الحالية الوصول لتوافق سياسي، وكيف تعالج قوى الحرية والتغيير كتحالف حاكم والتباينات الموجودة فيه، وكذلك المشكلة ليست فى التدخلات الخارجية، بل المشكلة الآن عند السودانيين أنفسهم، وطريقة إدارتهم للمرحلة الانتقالية للعبور بالسودان.

لكنكم فى الجبهة الثورية جزء من الحرية والتغيير؟

نعم نحن جزء من تحالف قوى الحرية والتغيير، ونسعى لمعالجة الخلل داخله.

هل ستبدأون حوارا معهم الآن؟

التباينات بين العسكر والمدنيين أحيانا تشعر الناس أنه ليس هناك وجهة سياسية متفق عليها فى البلد، وأنه لا يوجد برنامج حد أدني، وأنا أتساءل هل خرج السودانيون إلى الشوارع وقدموا التضحيات فى الثورة السودانية المجيدة حتى يدخل البشير السجن، لو أن هذا هو الهدف الذى يسعى إليه الحكم الانتقالى الذى تشكل نتيجة الثورة السودانية العظيمة فهذه كارثة، المهم ماذا نريد كسودانيين بثورتنا العظيمة.

وما هى أهم العقبات التى يجب العمل على تذليلها لتنفيذ الاتفاق؟

العقبة الأولى هى كيف يمكن خلق توافق سياسى حول أهمية السلام، وأن تحقيقه أولوية، وتحويل ذلك إلى توافق حول دعم المرحلة الانتقالية لأنه بدون توافق استقرار المرحل الانتقالية لن يكون هناك هناك سلام، وهذا الاتفاق لن ينفذ بدون وجود حكومة مستقرة، ونعنى هنا الاستقرار السياسى والاقتصادى والاجتماعي.

هل سيظل توفير الموارد المالية لتنفيذ الاتفاق عقبة كبيرة؟

بالطبع الموارد اللازمة لتنفيذ الاتفاق تحدى كبير لا يستهان بها، فى ظل التحديات الهائلة التى يواجهها الوضع الاقتصادى السوداني، وتنفيذ الاتفاق يحتاج إلى موارد مالية ضخمة.

ما هى حجم الأموال المطلوبة؟

نحتاج إلى 1٫3 مليار دولار سنويا فى مسار دارفور فقط، والحكومة التزمت أن تدفع 750 مليون دولار سنويا لمدة عشر سنوات، وكل البرامج المتعلقة بالبروتوكولات الثمانية الخاصة بدارفور، لا سيما المتعلق منها بإعادة النازحين واللاجئين ومسألة تحقيق العدالة والأراضى والمفوضيات المختلفة تحتاج إلى مبالغ ضخمة.

هل الحكومة السودانية لديها المقدرة على دفع ما تعهدت به؟

إذا لم تكن لديها المقدرة على ذلك ولم تكن هناك أى مساعدة خارجية فلا شك أن ذلك سيعطل العديد من البرامج، علما بأنه يجب أن نبادر إلى تنفيذ هذه لبرامج فى الشهور الأوائل، حتى نشعر الناس بالتغيير الذى حدث، وهناك من يتشكك فى الاتفاق وإمكانية تنفيذه، لأن لديهم تجارب سابقة سلبية مع عشرات الاتفاقيات التى لم يغير توقيعها من حياة الناس فى شيء، والناس تسأل الآن ما هو الجديد وما هى الضمانات لتنفيذ الاتفاق، والحل أن نفعل شيئا على الأرض يقنع الناس، بتوفير وحفظ الأمن، وتوفير الأجواء لعودة الناس إلى بيوتهم، والناس الآن فى دارفور سئموا حياة الذل والإهانة فى المعسكرات، وكذلك بتحقيق العدل بتفعيل المحكمة فى جرائم دارفور وإنشاء مفوضية الحقيقية والمصالحة لمعالجة المظالم.

كيف تنظر للدور المصرى تجاه السودان فى هذه المرحلة؟

مصر ساهمت مساهمة إيجابية كبيرة فى دعم تحقيق السلام والاستقرار فى السودان، وساهمت فى وحدة الحركات المسلحة السودانية، وقد أكملت الجبهة الثورية السودانية بناءها فى محادثات العين السخنة التى استضافتها مصر، ومصر كانت حاضرة فى التفاوض، وتوالت زيارات الوفود المصرية إلى جوبا أكثر من مرة طوال العام الماضي، مما يدل على الاهتمام المصرى بدعم السلام فى السودان، والآن نحن نتطلع لمرحلة تنفيذ الاتفاق، ونعول كثيرا على دعم مصر لتنفيذ الاتفاق وإنزاله إلى أرض الواقع.

وكيف ترى دور الأشقاء العرب فى دعم تنفيذ الاتفاق؟

تحدى الموارد تحد كبير والعالم كله للأسف الآن يمر بمرحلة شح فى الموارد، فى ظل أزمة كورونا وغيرها من التحديات العالمية، لذا ناشدنا اشقاءنا فى المحيط العربى والعالم من أجل مد يد العون لنا، لأن استقرار السلام فى السودان هو التزام ومسئولية تقع على عاتقهم أيضا.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق