رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الانتخابات الأمريكية تفتح طريق التغيير

تخوض الولايات المتحدة أصعب وأخطر انتخابات رئاسية، ويمكن استشعار الخطورة من الصدامات العنيفة بين أنصار ترامب وأنصار المرشح المنافس جو بايدن، الذي مازال متقدما، وفق استطلاعات الرأي حتي الآن، وبلغت الصدامات حد الاشتباكات المسلحة واعتقالات وسقوط ضحايا، ومرشحة للتصعيد خلال اليومين المقبلين وحتي بعد انتهاء عملية الاقتراع والفرز التي ستطول بسبب ارتفاع أعداد المصوتين عبر البريد، والتي تحتاج خمسة أيام لوصولها إلي لجان الفرز، وهو ما سيمنح الفرصة لتصاعد التوترات والصدامات، لتبلغ ذروتها مع إعلان النتائج، المرجح ألا يقبل بها أحد الطرفين، فالإعلام الأمريكي والمظاهرات المنددة بالرئيس ترامب في ناحية، يقابلها مسيرات مسلحة لأعداد متزايدة من ميليشيات يمينية متطرفة مسلحة، وارتفاع معدل شراء الأسلحة، سواء خوفا من العنف المتوقع أو للمشاركة فيه، لتدخل الولايات المتحدة في دوامة من عدم الاستقرار السياسي تتغذي علي الأزمة الاقتصادية التي يصعب تجاوزها، ويواصل ترامب الرهان علي جمهوره المتعصب، وخطاب يغذي أجواء الاستقطاب والانقسام، ويتهم الحزب الديمقراطي المنافس بأنه تحت سيطرة اليسار، وسيطبق النظام الاشتراكي، ورغم المبالغة الكبيرة في هذا الاتهام، لا يمكن إنكار ظهور قيادات وتكتلات داخل الحزب الديمقراطي تتبني أفكارا يسارية، ويتوقع بعض المراقبين أن يستمر الاستقطاب والتباعد بين الحزبين الكبيرين المحتكرين للسلطة، وأن يصيبهما التصدع الداخلي، ربما تصل حد انقسامات وظهور أحزاب جديدة من رحمهما، فالولايات المتحدة مقبلة علي مرحلة جديدة بعد تفشي وباء كورونا، وما سببه من أزمة اقتصادية وسياسية عنيفة، انعكست علي الخطاب السياسي الذي اتسم بالحدة، وانعكست علي الشارع الأمريكي المحتقن، فكورونا كشفت عن هشاشة النظام الصحي الأمريكي، بل هشاشة المجتمع الأمريكي، ولا يمكن وصف الولايات المتحدة بأنها أقوي اقتصاد في العالم وديونها ارتفعت إلي نحو 25 تريليونا في السنوات الأربع الأخيرة، وعجز في الميزان التجاري تجاوز 700 مليار دولار، فالعبرة ليست في حجم الإنتاج فقط، بل حجم الاستهلاك والديون ومعدل النمو المتواضع، وبدلا من السعي إلي الإصلاح الداخلي الشامل، اختارت الولايات المتحدة تصدير أزماتها إلي الخارج، وافتعال المعارك مع المنافسين المحتملين، خصوصا الصين وروسيا وحتي أوروبا، وبالغت في استخدام العقوبات الاقتصادية والتهديدات العسكرية، ولم يكن الطريق سهلا، فلم تحقق النجاح في الصين وأفغانستان وسوريا وحتي فنزويلا الضعيفة، وأصبح التقدم الاقتصادي الصيني أمرا واقعا وليس مجرد توقعات بعد أزمة كورونا، وسيجر تقدم الصين زيادة نفوذها السياسي، ودفعتها التهديدات الأمريكية إلي تعزيز سريع لقوتها العسكرية، بينما دوامة الأزمات تعصف بالولايات المتحدة، ، لهذا يصعب خروج واشنطن من أزماتها، سواء فاز ترامب أو بايدن، ولن تحتمل خوض حروب أو الدخول في سباق تسلح في ظل أوضاعها الاقتصادية والسياسية الصعبة، والمرجح أن تسعي لاتباع سياسات تتجنب الصدامات العنيفة حتي لو فاز ترامب بفترة ثانية، وظهرت مؤشرات علي الرغبة في التوجه نحو الحلول السياسية، والدخول في مفاوضات حتي مع إيران وسوريا وربما فنزويلا، وليس فقط الصين وروسيا وكوريا الشمالية، خصوصا مع الفشل في الإطاحة برئيس فنزويلا أو إجبار إيران علي الاستسلام لشروط ترامب، وتسبب الإفراط الأمريكي بالحروب الاقتصادية في تشكيل جبهة عالمية تتزايد قوة في مواجهة السياسات الأمريكية، ومنح إيران هدية إنهاء عزلتها، وظهور حلفاء ممن تعرضوا للعقوبات الأمريكية، فعقدت طهران اتفاقيات مع الصين وروسيا في مختلف المجالات. إن الولايات المتحدة تشعر بالتعب، والعقوبات المفرطة لا تضر خصومها فقط، بل تهدد المكانة الأمريكية، وشعارات الحملة الانتخابية حول استعادة أمريكا لقوتها لا تستند إلي رؤية واضحة، سواء في برنامج ترامب أو منافسه بايدن، والشعب الأمريكي غير المتفائل قد يصوت مع التغيير لمصلحة بايدن غير المقنع بقدرته علي استعادة المكانة الأمريكية المتراجعة، ومعركة انتخابية هي الأخطر علي تماسكها رغم انها في أشد الحاجة للتوحد، وهو هدف لا يمكن تحقيقه في ظل سعي طرفي السباق الرئاسي إلي شد أوتار الانقسام والتشكيك والصدام، لهذا ستخرج الولايات المتحدة من الانتخابات أكثر إنهاكا، ما يفتح الطريق أمام قبولها بنظام عالمي جديد وتسويات تجنب الولايات المتحدة والعالم ويلات معارك صعبة.


لمزيد من مقالات مصطفى السعيد

رابط دائم: