رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

‎نافذة على الصحافة العالمية
«دبلوماسية الظهور».. الخارجية الأمريكية فى مأزق صعب

من مصافحة كيم جونج ــ أون، زعيم كوريا الشمالية، إلى التربيت على كتف رودريجو دوتيرتي، الرئيس الفلبيني، مرورا بتبادل المجاملات مع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين أو نظيره التركى رجب طيب أردوغان، يحتفظ الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بعلاقة إعجاب «ملتبسة» مع عدد من القادة المستبدين فى العالم، وهو ما يراه البعض يحمل تأثيرا سيئا على الدبلوماسية الأمريكية.

ففى يونيو عام 2019، لفتت صورة ترامب مبتسما وهو يتبادل أطراف الحديث مع الزعيم الكورى الشمالى كيم جونج - أون، أنظار العالم، وهى المصافحة التى أتت خلال اللقاء التاريخى الذى حدث بين الرئيسين فى المنطقة «المنزوعة السلاح» عند الحدود بين الكوريتين، فقد حل الكلام المعسول والتفاهم الصريح تدريجيا، محل السباب الذى كان يتفوه به ترامب فى الأشهر الأولى لدخوله البيت الأبيض.

كيم جونج أون، ذلك الزعيم الذى يحكم بلاده بقبضة حديدية، ليس الوحيد الذى «يسايره» ترامب، إذ يفضل الرئيس الأمريكى انتقاد حلفائه التقليديين بانتظام مثل جاستن ترودو، رئيس الوزراء الكندي، والرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية انجيلا ميركل.

وبموازاة ذلك، فإن الرئيس الأمريكى يقدم الرئيس التركى رجب طيب أردوغان على أنه «صديق»، كما أنه دائم الإشادة بذكاء فلاديمير بوتين وحسه القيادي، ولم يكن الرئيس الصينى شى جين بينج كذلك بمنأى عن إطراء ترامب المتكرر.

وحول هذا الموضوع يقول باتريك شوفالرو، العضو الشرفى فى أحد معاهد الأبحاث فى لندن إن إعجاب ترامب بمثل هذه الأنظمة الاستبدادية، يضع الخارجية الأمريكية فى وضع صعب، كما أشار، فى تصريحات لوكالة الأنباء الفرنسية، إلى أن صورة الولايات المتحدة على الساحة الدولية قد تدهورت كثيرا لدى حلفائها.

ويرى الخبراء النفسيون أن فى هذا الإعجاب جانبا نفسيا، فبريق السلطة لطالما جذب ترامب، وهو يحسد هؤلاء القادة على قدرتهم على حكم بلادهم بقبضة حديدية، بينما يعانى هو رهاب الضعف، فضلا عن أن هؤلاء القادة المستبدين لا يهتمون للأمور المزعجة التى تتمثل من وجهة نظرهم فى أحزاب المعارضة التى ترفض الإذعان للقرارات، بل إنهم يستخدمون المؤسسات الديمقراطية لتحويل بلدانهم إلى أنظمة استبدادية ناعمة، وهذا ما يريد ترامب تحقيقه أيضا، أو هكذا يرى بيتر ترامبور، أستاذ العلوم السياسية فى جامعة أوكلاند بولاية ميشيجان الأمريكية.

هذا الإعجاب بهؤلا القادة ليس بجديد، ففى مقابلة مع مجلة «بلاى بوي» فى عام 1990 انتقد دونالد ترامب السلطة غير الصارمة لميخائيل جورباتشوف، رئيس الاتحاد السوفييتى السابق، فى خضم انفتاح الاتحاد السوفييتي، كما عجز عن إخفاء إعجابه بـ «سلطة القوة» التى أبدتها الحكومة الصينية لدى قمعها لتظاهرات الطلاب فى ساحة تيان انمين قبل سنة على ذلك.

وفى حين يبدو حب النفوذ متجذرا فى شخصية ترامب، فإنه يندرج أيضا من منطق سياسي، حيث تقول مود كيسار، المتخصصة فى شئون الولايات المتحدة فى أحد معاهد الأبحاث الإستراتيجية فى باريس، إن ما يفعله الرئيس الأمريكى يندرج تحت مسمى «دبلوماسية الظهور»، وتتساءل: هل يهدف ترامب بذلك إلى تحقيق نتيجة دبلوماسية أو أن يظهر لناخبيه أنه رئيس قوى فى الخارج؟

فى حين يرى البعض الآخر أن ترامب يواصل النهج نفسه على هذا الصعيد منذ فترة طويلة، فاعتبارا من الثمانينيات عندما كان يفكر بالترشح للبيت الأبيض، كان يوضح أن شركاء الولايات المتحدة الاقتصاديين يسرقونها. لكن على الصعيد الدبلوماسي، تبقى نتائج هذه الإستراتيجية متفاوتة منذ وصوله إلى البيت الأبيض، فكما يقول بروكس سبيكتور، الدبلوماسى الأمريكى السابق إن العناق والمجاملات مع الزعيم الكورى الشمالى لا أثر لها فعليا، فالصين باتت أقوى وأكثر نفوذا مما كانت عليه قبل أربع سنوات، ويضيف قائلا: «يظن ترامب نفسه مفاوضا استثنائيا إلا أن التقدم الدبلوماسى يتم إحرازه بعد تحضيرات تستمر سنوات، إذا أردنا اتفاقا مع كوريا الشمالية فينبغى وضع الأسس السياسية له وتمهيد الطريق من خلال دبلوماسيين ومن ثم لقاء النظير، ولم يحدث أى شيء من هذا القبيل».

فى النهاية فإن إصابة الرئيس الأمريكى بفيروس كورونا المستجد لم تثنه عن استعراض القوة، حيث قال ما أن تعافى وعاد إلى الحملة الانتخابية فى فلوريدا: أشعر بقوة هائلة!

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق