كنت يوما من المهتمين برياضة كرة القدم يوم كانت متعة للنفس وترويحا فى أثناء أوقات الفراغ ـ كانت تسعون دقيقة نتعلم فيها، ونحن أطفال فن كرة القدم من لاعبين قمة فى الأخلاق والإخلاص والتربية السليمة والنفوس السوية، فبعد صافرة نهاية المباراة تتوقف الأمواج الهادرة من التشجيع ـ ولم يكن هناك مدرج لمشجعى هذا الفريق ومدرج لمشجعى الفريق المنافس، حيث كنا نجلس بجوار بعض... هذا يهلل لفريقه، وهذا يشجع الآخر، ولا أنسى وأنا لم أتعد الخامسة عشرة من عمرى، واللاعب المميز فى النادى الأوليمبى السكندرى يحرز هدفا يستطيع به فريقه إحراز الكأس، ولكنه يجرى إلى حكم المباراة، ويعترف له بأنه أحرز الهدف بيده، فيلغيه الحكم بكلام اللاعب، إنه المميز بدوى عبد الفتاح... لم يكن الحكام فى حاجة إلى شاشة لإعادة مشاهدة اللعبة، ولكنها كانت رياضة يزاولها ذوو الأخلاق الحميدة والانتماء الكبير لأنديتهم.
ومرت الأيام، وإذا حدث وأخطأت وتابعت أى مباراة، فلا تجد صافرة لحكم إلا ومعها اعتراض وصل فى إحدى المباريات لاستخدام الأيدى مع الحكم، وبلغ الأمر حد التنازل تماما عن شعور الانتماء، وأصبح المعيار الأول فى حياة لاعبى الكرة هو المال، فلا مانع من أن أترك النادى الذى نشأت وترعرعت فيه، وتعلمت فنون الكرة بين جدرانه، إذا لوح لى ناد آخر بمبلغ آخر... ويحدث ذلك لعدد ليس بالقليل.
ألفاظ تقال فى الملعب ووجوه منفعلة فقدت الابتسامة التى هى الميزة الأولى والأخيرة للرجل الرياضى.. أما على حافة الملعب، فحدث، ولا حرج عن هذا السباب والصوت العالى الذى يفسد عليك متعة متابعة المباراة من المدرج، حيث يقع اللاعب على الأرض، ويجرى الجميع من حوله، وكأنه لا قيمة له.. إن ما وصلت إليه الكرة المصرية جعلنى أتخذ قرارا بمقاطعة أعز وأجمل وأروع هواية إلى نفسى.
د. حسام أحمد موافى
أستاذ طب الحالات الحرجة ــ قصر العينى
رابط دائم: