منذ زمن ليس ببعيد عرفت الأوساط الطبية والاجتماعية الثالوث المرضى المرعب «الضغط، والسكر، والقلب»، المعروف بتعبير «مرض العصر» كردة فعل للتقدم الحضارى والتكنولوجى الذى تصاعد منذ بداية القرن العشرين. ولكن تقرير نشرته صحيفة «لوموند» الفرنسية يؤكد أن الثالوث الشهير يستقبل حاليا ضيفا جديدا، هو «الأرق» المرشح بقوة ليكون مرض العصر الجديد.
وأشار التقرير إلى مضمون الفيلم الوثائقى «النوم بأى ثمن» الذى عرضته قناة «آرتي»، موضحا أن «الأرق» تحول إلى ظاهرة ذات حضور عالمى قوى، إذا يعانى 10% من البالغين حول العالم الأرق. ففى فرنسا مثلا، يوجد ستة ملايين مصاب بالأرق، حيث ينام ثلث الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عامًا أقل من ست ساعات فى الليلة، أى أقل من فترة النوم المرجحة الموصى بها علميا بحوالى ساعتين.
كما ينام الأطفال الفرنسيون،الذين لا يزيد عمرهم على 8 سنوات ما بين العاشرة مساء والسادسة صباحًا، بينما توصى التوجيهات الطبية بأن تتراوح فترة نوم الأطفال فى هذه السن بين 9 و12 ساعة، للدور المحورى للنوم فى نمو وتطوير قدرات الطفل.
ويستعرض الفيلم الوثائقى الدراسات والأبحاث التى جرت بهذا الخصوص ما بين جامعات أمريكا، وفرنسا، وألمانيا، والتى كشفت عن هيمنة «أضواء الشاشات»، ما بين تليفزيون وكمبيوتر وهواتف محمولة، على ليالى المواطنين حول العالم. وساهمت تلك الأضواء مع سوء النظام الغذائى، والتوتر، والاكتئاب على استفحال أزمة «القلق» والتأثير على المعدلات الطبيعية لإفراز هرمون الـ «ميلاتونين»، المنظم للدورة البيولوجية بجسم الإنسان والذى ينتج بشكل أساسى خلال فترة الليل، وتحديدا فى الظلام.
أما العواقب، فأشارت «لوموند»، نقلا عن الوثائقى الفرنسى،إلى استفحال ظاهرة استهلاك الأقراص المنومة. ويتضح من المؤشرات أن أوروبا باتت قارة قلقة تعانى الآثار السلبية لتناول العقاقير المنومة. وتأتى أسبانيا فى مقدمة الدول المتضررة من انتشار هذه العقاقير، وتليها فرنسا. والعواقب لا تنتهى هنا، فهناك زيادة معدلات الإصابة بمرض الزهايمر، وظاهرة « انقطاع النفس النومي»، كما تؤثر ليالى القلق على مستويات الأوكسجين التى تصل للأعضاء المختلفة.
رابط دائم: