رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

سر أكتوبر الذى يجب أن نحافظ عليه

كدت اعتذر عن عدم الكتابة هذا الأسبوع فكما اعتدت كلما جاءت ذكرى انتصارنا العظيم أخذتنى قراءة وقائع حرب أكتوبر إلى ميادين وساحات المعارك وتتجدد رؤية عجائب وخوارق ما صنعه أبناؤنا خير أجناد الأرض وعاما بعد عام يخيل الى أنه لم يعد هناك جديد سأقرؤه وأفاجأ بالمزيد مما يتجاوز قدرة العقل على التصديق وما يعيد تأكيد أن ما قام به جنودنا وضباطنا يحتاج نوعا من البشر يتجاوز القدرات البشرية، واتفق مع ما ذهب إليه الفريق الشاذلى وهو يتحدث عن هذه البطولات: تستطيع ان تطلق كل ما تريد من صفات ـ بسالة ـ جسارة ـ جبابرة.. فهذا عطاء وحكم تاريخهم الطويل والعميق الذى احترفوا فيه صناعة النصر وعشق الكرامة والأرض ... وكلما قرأت المزيد من وثائق ووقائع الحرب تأكد إيمانى العميق بأن العدو الصهيونى انتهز فرصة ظروف استثنائية فى تاريخنا حرم فيها جيشنا أن يخوض المواجهة والقتال وأن ينسحب فى ذروة بداية الاشتباك ليتوهم العدو أن حلم عمره المتوحش سنحت الفرصة لتحقيقه ليزرع وجوده فى أرض سيناء ويدنس أرضها الطاهرة!

وفى موقع من المواقع الحصينة التى ملأ بها العدو الضفة الشرقية لتكون مراكز حماية لقواته ومستقرا آمنا لها من هجمات المصريين ووفروا لها كل وسائل الترفيه وأجهزة اتصال متقدمة حتى أجهزة تكييف الهواء ومصادر المياه ومخازن وثلاجات، وكان كل موقع يشبه احدى قلاع العصور الوسطى وزودت المواقع بقوة نيران كبيرة وتبعا للحسابات التى أجراها الخبراء فإن هذه المواقع كانت قادرة أن تقاوم لمدة أسبوع لواء من المدرعات. وايضا زودوا هذه المواقع بمدافع الميدان والرشاشات الخفيفة والثقيلة وأحاطوها بمساحات هائلة من الالغام . تجهيزات واستعدادات يحتاج اختراقها وإسقاطها قدرات تفوق القدرات البشرية العادية فعلها المقاتلون المصريون ودكوها دكا وأسروا من عجزوا عن الفرار من المهارب التى أعدوها للفرار كالفئران من مواجهة المصريين اذا اقتحموها.

. نعم كل ما فعله وأقامه العدو من تحصينات وأنفق من مبالغ خيالية وجاءه من دعم من قوى الاستعمار التى زرعته فى المنطقة يقول إنهم جاءوا بوهم البقاء للأبد فبدد المقاتل المصرى وهمهم فى ساعات، فالمصرى بعبقرية قتاله تفوق وانتصر على تفوق سلاح العدو، فهو البطل الأول والحقيقى لنصر أكتوبر، ولذلك لم يعد مدهشا أن يتحول الثأر والانتقام والمعركة إلى هذا الإنسان ويصبح يقينا لديهم ولدى قوى الاستعمار الداعمة لهم أنه لا سبيل لتحقيق أحلامهم المتوحشة فى المنطقة وفى القلب منها مصر إلا باختراق مكونات هذا الإنسان وإضعافه وإضعاف جذوره وانتمائه وعشقه المجنون لبلاده بنشر ودس السموم والفتن والشكوك والأكاذيب وإضعاف الذاكرة الوطنية والتقليل والتهوين من تاريخه ومن الأمجاد التى صنعها آباؤه وأجداده ومن بطولات وتضحيات أبطاله وشهدائه وباستخدام كل ما يستطيع من وسائل وأدوات وعملاء، فى مقدمتهم من يستخدمون الدين الحنيف غطاء لأطماعهم ومؤامراتهم وكراهيتهم وغدرهم!

أليس فيما نعيشه الآن وما يملأ المشهد السياسى والاجتماعى والثقافى والشبابى من غرائب عن عاداتنا وتقاليدنا وتناقضات وسلبيات تؤكد هذا، وتكشف المساحات التى اتسعت بين أجيال كبيرة عاشت وشاركت وقائع النصر، واقتربت من أبطاله وبين أجيال شابة لا تتجاوز الاحتفالات بالنصر، بعض اغانى حرب أكتوبر ودون استيعاب أو تعلم من دروسه ... بالطبع لا أستطيع ان أطلق حكما عاما، ولكن الصورة فى مجملها تفرض الانتباه إلى ما دخل الشخصية المصرية من متغيرات تفرض تضييق المساحات بين الأجيال، وتجعل ما صنعه أبطال النصر دروس حياة ومثلا وقدوة يحبها ويعيشها أولادنا ويتباهون بها .. وقد أسعدنى خبر قرأته وأرجو ان يكون صحيحا عن تأسيس مجموعة عام 2008 وسجلت موقع، لها عام 2009 للبحث عن الأبطال والبطولات المجهولة لحرب أكتوبر وتوثيقها ونشرها .. واستخدام التقنيات ووسائل الاتصال الحديثة لتسجيل وإحياء بطولات أبطالنا كبارا وصغارا قادة وجنودا وهذا نقلة مهمة فى حفظ البطولات يجب ان يدعمها اهتمام إعلامى يجعلها جزءا حيا من ذاكرة الاجيال ويعمقها تعليم يٌحسن تقديم تاريخ بلادنا كمادة أساسية وتحمل الثقافة النصيب الأكبر فى هذا الإحياء للتاريخ وتضيفه إلى الاهتمامات والنجاحات التى تحققها الآن .. أحاول أن أتخيل النتائج التى يمكن ان يحققها تحويل وقائع حرب اكتوبر الى افلام حية ملونة تناسب وعى أجيالنا الصغيرة التى أدمنت هذه الأجهزة وبدلا من ألعاب تصل ببعضهم إلى الانتحار يشغل الطفل والشاب الصغير بنفسه على جهازه أشهر معارك أكتوبر كعيون موسى ومعركة المنصورة الجوية التى امتدت ساعة ومعركة الفردان التى حررت مدينة القنطرة شرق ودمرت اللواء المدرع الاسرائيلى 190 وأسرت قائده عساف ياجورى من الحفرة التى اختبأ فيها بعد ان قامت قواتنا بتدمير 30 دبابة فى نصف ساعة.

الحقائق التى تتجلى من خلال قراءة وقائع النصر من الصعب حصرها وفى كل عام يضاف المزيد والجديد، ولكن يتأكد كل عام أن السر الحقيقى لنصر أكتوبر هو الإنسان وان إيمانه الوطنى وعشقه لأرضه وكرامته وانتصارها هو أخطر أسرار الحرب وفى كل مره حاورت أحد جنودنا أو ضباطنا حتى أبسطهم وأصغرهم إلا وجدت اعتزازا وكبرياء بما عاشوه أثناء الحرب من الاحترام والتقدير من أكبر قياداتهم .. وفى كل مرة سألتهم عن رأيهم فى أهم أسباب تما حققوه وحققه جيشهم من إعجازات كان الإجماع أنه مع التكوين الأصيل للشخصية المصرية وما ساد المعركة من قيم ومبادئ وعدالة تٌعلى الكفاءات والاجتهادات، ولا تسمح بفساد أو تمييز أو انتماء وولاء لغير بلادهم ومعركتهم وتوفير أعلى مستويات الوعى والإعداد للمقاتلين .

. انهم المصريون الذين فى حرب أكتوبر وفى جميع جوانب حياتهم يقدمون أفضل ما عندهم اذا اطمأنوا وأحسوا أنهم جميعا يستظلون ويستمتعون بعدالة المواطنة والحقوق والواجبات .. وقدرت تضحياتهم وأنصفت وخففت أعباء الأكثر ألما واحتمالا منهم واحترمت الكفاءات والنجاحات الحقيقية ولم يجدوا مكانا للفساد والفسدة والخواطر والمحسوبية وسيطرة الرأسمالية غير الوطنية.

. ليس مدهشا ان تتكرر محاولات إخلاء هذا الإنسان من قيمه ومكوناته الأصيلة والتحدى الحقيقى لجميع الأجهزة المسئولة والوفاء الحقيقى لنصر أكتوبر يتمثل فى توفير الأسباب التى تكافئ ما أعطت الملايين الذين يمثلون الأرصدة والظهير الشعبى لبلادهم وصبروا وتحملوا وانتظروا، وتحافظ عليهم وتوفر لهم الأمن والاطمئنان والعدالة والمساواة والحرية والمشاركة فى كل ما يحدث فى بلدهم توتسارع بوضع حلول لكل ما يعانون من مشكلات.


لمزيد من مقالات سكينة فؤاد

رابط دائم: