ماذا أفعل؟ هل هذا حقا ما أريده؟ ماذا أنجزت؟ هل تقدمت فى العمر؟ هل نجحت فى اختبار الزمن..أم أننى أدفع ثمن مجموعة من الاختيارات الخاطئة؟.. عندما تهاجمك هذه التساؤلات وتبدأ فى مطاردتك، مشككة فى كل ما مضى من عمرك..لا تقلق وحاول أن تستقبل رياح الخريف الحزينة بكل هدوء..وأهلا بك فى أزمة منتصف العمر.
هذا التعبير سييء السمعة وضعته عالمة الاجتماع الكندية إليوت جاك عام 1965، حيث حاولت تفسير ظاهرة نفسية واجتماعية، يمر بها أغلب الناس بدءا من نهاية الثلاثينيات من عمرهم وقد تمتد إلى منتصف الستينيات. وعلى الرغم من أن أغلب الأفلام تعاملت بسخرية واستهزاء مع فكرة أزمة منتصف العمر، فإنها مرحلة نمر بها جميعا حتى لو لم يدرك البعض أنهم يعيشونها ويعانون من تبعاتها. فهى مرحلة عادة ما تصاحب فترة الاستقرار فى حياتنا، عندما نشعر أن أحلامنا أصبحت فقط ماضيا حققنا بعضها وتخلينا عن البعض الآخر- وكل ما ينتظرنا هو مستقبل هادئ رتيب بلا مفاجآت. وهنا يساورنا شعور قوى بالحزن، فى كثير من الأحيان هو حزن غير مبرر، فكل المعطيات تؤكد أننا لابد أن نشعر بالسعادة والرضا.. ولكن النفس البشرية معقدة ومن الصعب إخضاعها للواقع مهما يكن مرضيا.
من الخطأ أن نصف منتصف العمر بأنه أزمة، فهو مرحلة انتقالية نمر بها جميعا، مرحلة كشف الحساب. نواجه أنفسنا بما حققناه، وما كنا نسعى لتحقيقه.. نتساءل هل أصبنا الهدف وهل نحن سعداء. يؤكد الأمريكى جوناثان روش فى كتابه منحنى السعادة أن الحزن الذى يصاحب منتصف العمر، ناتج عن طموحات الشباب الجامحة التى عادة ما تفوق قدراتنا وبالتالى يصعب تحقيقها. ويرى أن الروشتة لعبور عنق الزجاجة، هى الصبر وعدم التسرع فى اتخاذ قرارات ووضع أهداف هادئة جديدة مثل الحرص على ممارسة الرياضة والتأمل..والأهم هو الاستعانة بصديق مقرب فعادة ما يكون هو شبكة النجاة فى مثل هذه الأزمات.
الشاعر الفلسطينى محمود درويش حذرنا من أن الهدف يختلف من درب إلى درب، لكن الدروب وعرة، ولكن هذا لا يعنى أن نتخلى عن الأهداف المتجددة مهما تكن صعوبة الطريق، فهى الحافز الرئيسى للحياة. ربما تكون أهدافا بسيطة وربما لا يشعر بها غيرنا وربما لا تكون مؤثرة، إلا أنها ستكون وقودنا للمستقبل والاستمرار. فـاليوم هو أول أيام ما تبقى لنا من عمرنا فلنتمسك بهذه النصيحة الشكسبيرية، ونتجاوز خريف عمرنا الحائر، فالسعادة تنتظرنا فى منطقة ما قبل النهاية.
لمزيد من مقالات مروى محمد إبراهيم رابط دائم: