رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

«اطمئن» ..مصر تختار «لقاح الحياة» بعناية

تحقيق ــ أحمد الزهيرى
لقاح كورونا

  • 140 مصلا للفيروس فى الطريق.. والتردد يسيطر على العالم بين قبولها أو رفضها
  • رئيس اللجنة العلمية لمكافحة كورونا بوزارة الصحة :الأمان والفاعلية أهم شروط تعاقدنا
  • على اللقاحات ونتابع كل اللقاحات التى ستظهر قريبا
  • د. عوض تاج الدين : مصر تختار اللقاح وفقا لمعايير علمية عالمية .. والهدف الأول والأخير سلامة المواطن

 

 

 

 

أسابيع قليلة وندخل فى فصل جديد من صراع البشر مع فيروس كورونا، وهو ظهور لقاحات مضادة له، حيث يشار هنا إلى أنه من بين 140 لقاحا قيد التطوير حاليا، دخلت 19 منها المرحلة الأولي، و11 المرحلة الثانية، و9 فى المرحلة الثالثة، مما سيمثل ضغوطا على الحكومات من شعوبها للشراء، خاصة فى ظل ترقب الموجة الثانية من الفيروس، التى من المتوقع أن تكون أشد ضراوة.

ويقول الدكتور أنتونى فاوتشى كبير علماء الأوبئة فى الولايات المتحدة، إن لقاح فيروس كورونا  يمكن أن ينهى الوباء..، لكن لم يغير ذلك كثيرا فى المعادلة الصعبة.. وعلى الجانب الآخر من القصة أظهر استطلاع للرأى عبر الإنترنت أجرته «أسوشيتدبيرس» أخيرا أن نصف الأمريكيين سيترددون فى أخذ اللقاح أو رفضه، كما وجدت دراسة أجرتها «كينجز كوليدج لندن «الأسبوع الماضى، نتائج مماثلة فى بريطانيا، حيث رفض 40% من البريطانيين تناول اللقاح المحتمل.

يضاف لذلك أن العديد من العلماء والمتخصصين يرفضون تناول اللقاحات، ليس فقط خوفا من عدم فاعليتها بل تأثيرها السلبى على الصحة، خاصة التى تعتمد على الجانب الجينى فى إنتاجها، كما أن اللقاحات ستخرج فى وقت قياسى وهو هاجس آخر، فالمعروف علميا أن اللقاحات تستغرق فى إنتاجها من 5 إلى 15 عاما، ورغم ذلك يشكك البعض فى نتائجها.

كيف تنظر مصر الى اللقاحات المنتظرة ؟ وكيف سيتم اختيار اللقاح المناسب من بين العديد من هذه اللقاحات؟ ولماذا يرفض الغرب التعامل مع اللقاحات الجديدة ؟ وهل الداوء أفضل أم اللقاح للخلاص من كابوس كورونا ؟ وكيف تحدد فاعلية اللقاحات؟ وما مراحل إنتاجها ؟.

بداية يشير الدكتور عوض تاج الدين مستشار رئيس الحمهورية لشئون الصحة والوقاية ووزير الصحة الأسبق، إلى أن مصر لديها مسار واضح فى إقرار اللقاحات والأدوية تشرف عليه لجنة علمية من كبار الأساتذة والمتخصصين فى العلوم والبحوث إكلينيكية والسريرية، يضمن للمواطن أنه سيحصل على لقاح آمن وفعال. هذه اللجنة تضع نصب أعينها سلامة المواطن اولا، وثانيها الآثار الجانبية للقاحات والأدوية على المدى البعيد والقريب.. أن اختبارات اللقاحات على المتطوعين قبل إقرار اللقاح أو العلاجات فى مصر تطبق بشفافية كاملة، وفقا لأربعة معايير أولها أن يكون المتطوع سليما تماما من أى أمراض حتى نضمن سلامة التجربة، وثانيا : تتم متابعة المتطوع 24 ساعة يوميا، لملاحظة اى آثار جانبية طوال فترة الاختبارات، وثالثا: تقييم نتائج اللقاحات ورصد نسب الأجسام المضادة وتزايدها فى الجسم، ورابعا : التأكد ورصد النتائج النهائية لتقييم الموقف من اللقاح بالموافقة عليه أو رفضه من قبل لجنة متخصصة.


وزيرة الصحة تتلقى مصل التجارب

وفى تصريحات صحفية أعلنت وزيرة الصحة هالة زايد، رسالة طمأنة للمواطن المصري، بقولها : إن مصر تتابع العديد من تجارب اللقاحات ضد فيروس كورونا من مختلف أنحاء العالم..، وأنها لن توقع على تعاقدات نهائية بهذا الخصوص إلا بعد التأكد التام من الفاعلية والأمان لهذه اللقاحات، وفقا للمعايير التى تقرها منظمة الصحة العالمية، وبروتوكولات العلاج المصرية المطابقة للمواصفات العلمية فى هذا الشأن.. وأضافت أن مصر الآن تضع نظرها على لقاحين من الصين، وصولا للمراحل النهائية فى التجارب السريرية، وأن مصر تشارك فى تجارب سريرية فى إحدى المراحل،ما يتطلب 46000 متطوع، كما تشارك مصر بـ6000 متطوع لتجربة اللقاح، وأضافت أن مصر لم تأخذ هذه الخطوة الا بعد أن ثبت نجاح هذا اللقاح على 36000 متطوع فى عدة دول، تشارك فى التجارب الأخيرة لهذا اللقاح الصينى حرصا على سلامة اولادها.

وقد بدأت الوزيرة تجربة اللقاح على نفسها منذ عدة أيام فى أشارة منها ودعوة للمشاركة فى اختبار اللقاح.

يقول الدكتور حسام حسنى رئيس اللجنة العلمية لمكافحة فيروس كورونا بوزارة الصحة: نعم هناك فزع كبير من اللقاحات فى أوروبا وحالة من الخوف من الإقدام عليها وتجربتها، وهذا طبيعى ومقبول فى ظل جائحة كورونا، وهذا يرجع أيضا لتراجع مؤشرات الإصابة بفيروس كورونا عالميا، فإذا كانت استطلاعات الرأى تشير الى أن 40 % من الناس ترفض اللقاحات والتطعيمات الجديدة، فهذه النسبة مردها لتراجع نسب الإصابة لكن إذا ارتفعت نسب الإصابة من جديد ستصل نسب المقبلين على التطعيمات إلى 100%، وهذا ليس مؤشرا على ضعف أو قوة اللقاح.

وحاليا هناك 9 لقاحات حول العالم قد دخلت المرحلة الأخيرة من الاختبار.

وأبرز هذه اللقاحات التى يتم العمل عليها لقاح جامعة أوكسفورد، الذى يعد من اللقاحات التى اتبعت كل الخطوات العلمية، وخاضت التجارب المطلوبة لإنتاج لقاح جيد يستند  إلى فيروس الشمبانزي، الذى يُسمى «ناقل اللقاح»، ويحتوى الناقل على الشفرة الوراثية لطفرات البروتين الموجودة على فيروس كورونا، ويؤدى إلى استجابة مناعية قوية فى جسم الإنسان.

تقوم الشركة الصينية بتطوير لقاح يعتمد على جزيئات شبه ميتة من الفيروس، وقد أظهر نتائج واعدة بخصوص السلامة فى المراحل الأولى من الاختبار، ويمر الآن بالمرحلة الثالثة من التجارب فى البرازيل. لقاح الشركة الفرنسية.. الذى يعد من أوائل اللقاحات التى ستظهر قريبا، تكلفة جرعة اللقاح المحتمل أقل من 10 يورو. اللقاح الأمريكى، الذى اوشكت الشركة أن تطرحه للتداول، حيث تعمل شركة أمريكية للتكنولوجيا الحيوية على تطويره باستخدام محفزات لخداع الجسم لإنتاج بروتينات فيروسية تشبه تلك الموجودة فى فيروس كورونا، ومن المتوقع أن يحقق نتائج جيدة جدا من حيث الاجسام المضادة وانخفاض الآثار الجانبية، ويخضع اللقاح للمرحلة الثانية من التجارب السريرية، لكن الشركة لم تقدم بعد منتجها إلى السوق وقامت بتسعير لقاحها التجريبى بـ37 دولارا للجرعة،هناك شركة أمريكية أخرى شهيرة تحدثت عن كميات كافية لتحصين 50 مليون أمريكي، ويجرى معهد أبحاث مردوخ للأطفال فى أستراليا تجربة وصلت إلى مرحلتها الثالثة على لقاح جديد استنادا إلى لقاح مرض السل الذى يبلغ عمره 100 عام تقريبا.

ويضيف الدكتور حسام حسنى: نتابع الآن كل اللقاحات سواء كان لقاح جامعة أوكسفورد، أو لقاح الشركة الامريكية واللقاح الايطالى واللقاحات الصينية واللقاح الروسي، ونتابع كل خطوات الدراسات التى تجرى على هذه اللقاحات، بصفة المتابع للتطورات العلمية، وأيضا بصفة المشارك فى التجارب السريرية فمن المعروف أن اختبارات اللقاحات الجديدة تستغرق وقتا طويلا، وتتم فى ثلاث مراحل للحصول على الموافقات اللازمة، التى تقر بفاعلية اللقاح يسبقها،المرحلة صفر وهى مرحلة ما قبل التجارب السريرية التى يتم فيها اختبار اللقاح على الحيوانات، حيث يعطى الباحثون اللقاح أولا للحيوانات، لمعرفة ما إذا كان يؤدى إلى استجابة مناعية لديها أم لا.

المرحلة الأولى من تجارب اللقاح، تتضمن أول تجربة لتقييم اللقاح المرشح على البشر مجموعة صغيرة من البالغين، ما بين 20-80 هدفا بشريا،ويرى حسنى أن أهداف المرحلة الأولى هى تقييم سلامة اللقاح المرشح وتحديد نوع ودرجة الاستجابة المناعية التى يستحثها، تجربة المرحلة 1 المبشرة  تتقدم الى المرحلة المقبلة.

أما المرحلة الثانية من تجربة اللقاح، فتشمل عدة مئات من الأفراد تشارك فى اختبار المرحلة الثانية. وتُجرى هذه التجارب وفق الانتقاء العشوائي، وبطريقة مُحكمة جيدا، حيث يتم تقسيم الاشخاص محل التجربة الى مجموعتين، الاولى مجموعة تعطى اللقاح المحتمل، والثانية تعطى ادوية وهمية Philadelphia، ليس لها أى تأثير ولا مواد فعالة، بعدها يتم قياس النتائج لهذا اللقاح، وتهدف هذه المرحلة الى تحديد سلامة اللقاح المرشح، ومناعته والجرعة المقترحة، وجدول التحصينات، وطريقة التسليم.

اما المرحلة الثالثة من تجربة اللقاح، فتنتقل اللقاحات المرشحة الناجحة من المرحلة الثانية إلى تجارب أوسع ويجب أن تشمل التجربة 60.000 من المستهدفين فى الدراسة، من مختلف الدول، ومن مختلف الاعمار وكذلك من الجنسين . وهدف هذه المرحلة «الثالثة» هو تقييم سلامة اللقاح فى مجموعة كبيرة من الناس. قد لا تظهر بعض الآثار الجانبية النادرة فى المجموعات الصغيرة من المختبَرين، فى مراحل سابقة تختبر فاعلية اللقاح أيضا. وهذا يشمل الاجابة عن الاسئلة التالية: هل اللقاح المرشح يوفر الوقاية من كورونا؟ وهل يقى من العدوى ؟ وهل يؤدى اللقاح إلى توليد الأجسام المضادة أو أنواع أخرى من الاستجابات المناعية المتعلقة بمولد المرض؟.

ويؤكد الدكتور حسام، أننا لن نتعاقد على تطعيمات بالشو الإعلامى والتسويقى لها، فنحن ندرك ذلك البعد جيدا ولكن نقوم بالدراسة والتحليل والتجربة.

وتقول الدكتورة سوزى محفوظ إبراهيم مدرب أول زمالة مكافحة فيروس كورونا فى مستشفى الزاوية، ان القلق وارد من عدم فاعلية اللقاحات الجديدة، نتيجة للاستعجال العالمى للحصول على تطعيمات تخلص العالم من الاثار الاقتصادية التى حلت بالدول، وإن كنا فى مصر ننظر إلى الآثار الجانبية للقاحات المنتظرة ونقيم خطورة كل واحدة فيها، فقد يكون اللقاح المنتظر من الشركة الأمريكية أو أوكسفورد أو اللقاح الايطالى او الصينى هو الأقرب فى الظهور للبشرية..، فيظن الناس انه طوق النجاة فيقومون بالضغط على الحكومات لسرعة الشراء، مما قد يحدث الكارثة.. وهذا ما دفع المسئولين فى مصر إلى وضع ضوابط وقواعد لاختيار اللقاح نسير عليها، مثل كيف صنع اللقاح ؟.. وما المواد المستخدمة فى تصنيعه ؟ فمن المعروف أن هناك ثلاث طرق للحصول على اللقاحات، إما الفيروس حى أو ميت أو فيروس ميت أو شبيه لهذا الفيروس، وفى كل مرة نقيس الأجسام المضادة وفاعليتها، كذلك ننظر الى المراحل التى مر بها للاعتماد لقاحاً، وهى ثلاث مراحل لإنتاج اللقاح، وتبين أن هناك بعض اللقاحات بداعى سرعة الحصول على اللقاح دمجت المرحلتين الثانية والثالثة معا، مما دفعنا لاستبعاد التفكير فى هذا اللقاح، لكنه غير مضمون النتائج على المدى البعيد. كما أن مدة فاعلية اللقاح من الضوابط التى نضعها فى الاعتبار عند اختيار اللقاح، فهناك لقاحات مدتها 3 أشهر، وهناك 6 أشهر وأخرى سنة، لأنه إذا كانت المدة المناعية التى ينتجها اللقاح صغيرة سيكون مكلفا جدا وبلا جدوى، وتؤكد الدكتورة سوزى محفوظ أننا نتابع عن كثب كل ما يحدث فى هذه اللقاحات عالميا، وقبل أن نتعاقد على أى لقاح لابد أن نراعى صحة المواطن المصرى أولا وأخيرا بغض النظر عن العوامل الأخرى المحيطة.

لكن يظل السؤال لماذا يتخوف الغرب أطباء وعلماء ومواطنين من معظم اللقاحات الجديدة ؟ وكيف نستفيد من هذه التخوفات فى اختيارنا اللقاح من بين أكثر من 140 لقاحا، ستطل علينا الشهور المقبلة، يجيب الدكتور منذر إخصائى أمراض باطنة وقلب ــ ألمانيا، إن السبب الرئيسى فى عدم قبول معظم الناس فى أوروبا لفكرة التطعيمات وتفضيل الدواء التقليدى عنها، هو أن تلك اللقاحات لم تأخذ الوقت الكافى لتصنيعها الذى عادة ما يستغرق من 10 الى 15 عاما ..وفى تجربة إنتاج لقاح كورونا تم إنتاجه فى 9 أشهر فقط، لذا هناك مخاوف من المضاعفات سواء كانت قريبة أو بعيدة الأمد، والسبب الآخر هو تقنية التصنيع المعتمدة على اللقاحات الجينية التى تجرى لأول مرة فى العالم، وهى لقاحات الحمض النووى DNA، والتى يمكن أن تحدث تغييرات فى جينات الإنسان وعلى المدى البعيد، يتخوف من حدوث سرطانات أو أمراض المناعة الذاتية، ويضيف الدكتور منذر، أن الأمان والفاعلية مهم جدا عند اختيار اللقاح، صحيح العالم مضغوط بعنصر الوقت، ولكن يجب عدم التسرع فى حرق المراحل كما حدث فى اللقاح الروسى، وعلى المسئولين فى مصر أن يضعوا ذلك نصب أعينهم، كل هذه الحقائق فى محاولتهم اختيار اللقاحات المناسبة، وهم على درجة كبيرة من الوعى والمتابعة لهذا الملف، ولا يرضخون للضغوط من الشارع أو من الترويج الإعلامى للتسويق لهذه اللقاحات.

وتواصلنا أيضا مع الدكتور فؤاد عودة المحاضر فى جامعة روما حول اللقاحات الجديدة فى العالم، وفى إيطاليا بشكل خاص فقال :إن هناك صراعا الآن بين فريقين فى العالم، أحدهما مع الدواء التقليدى والعلاجات لفيروس كورونا، والآخر مع اللقاحات وإن كان 40 % من الإيطاليين يرفضون اللقاحات لخوفهم من نتائجها على المستوى الزمنى البعيد، وهناك الآن صراع روسى أمريكى صينى على من يسجل أول لقاح، وإن كان هذا علميا غير مفيد، لأن النتيجة فى العلم ليست بالأسبقية فى التسجيل ولكن بالفاعلية..، لذلك على الدول أن تأخذ فى حساباتها ذلك عند اختيار اللقاح المناسب لشعبها، خاصة أن العالم سيشهد فى الأشهر المقبلة وربما الأسابيع سيلا من اللقاحات.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق