«المحاكم حبالها طويلة» واثبات الطلاق للضرر ليس أمرا سهلا ودوامة قد تتخبط فيها المرأة لسنين وعندما تغرق سفينة الزواج ويصبح الطلاق هو الحل الوحيد يصبح حلم المرأة أحيانا هو الخلاص من هذا الزواج بأى ثمن وإن كان الثمن هو التنازل عن حقوقها الشرعية سواء عن طيب خاطر أو مضطرة ذلك لأنها تتعرض لنوع من المساومات والابتزاز المعلن وغير المعلن لتبرئ زوجها من مستحقاتها الشرعية مقابل ورقة الطلاق ولذلك فالطلاق على الإبراء هو الأكثر شهرة فى مصر ونادرا ما تحصل المرأة على حقوقها المكفولة لها بنص الشريعة من مؤخر صداق ونفقة المتعة التى يحددها القانون بـ 24 شهرا على الأقل ...ونفقة المتعة ونفقة العدة وهو مبلغ من المال ليس هينا يمكن أن يعينها لتبدأ حياتها من جديد وتواجه نظرات المجتمع لها كمطلقة ورغم ذلك تتنازل النساء فقط من أجل الخلاص من زوج لا تطيقه وزواج لا تريده أن يستمر.
هذا ما حدث مع «نجوى» التى عاشت مع زوجها عشر سنوات أثمرت عن طفلين قضت خمسا منها بصحبته فى إحدى الدول العربية حيث كان يعمل، وتقول لم تكن سنوات زواجنا ناجحة بل كانت مستمرة فقط من اجل الأطفال وضغوط أمى ورفضها لطلاقى وتحملت إهاناته وحدة طبعه كى تسير المركب وبعد عودتنا من الخارج زادت حدة المشاكل بسبب غيرته الشديدة وتحكماته وتعديه على بالضرب أكثر من مرة ووصل الأمر لحد حبسه لى فى المنزل ومنعى من الخروج وفى احدى الليالى وفى أثناء تعديه على بالضرب خرجت هاربة من المنزل وقررت ألا أعود مرة أخرى مهما يكن الثمن ورغم أنه يعلم أن الحياة بيننا أصبحت مستحيلة فإنه رفض طلاقى وطلب منى التنازل عن كل حقوقى الشرعية وإبراء ذمته مقابل السماح برؤية أولادى ولاننا لم نكتب قائمة منقولات قبل الزفاف رفض حتى إعادة ملابسى وشبكتى والمصوغات الذهبية التى كانت معى قبل الزواج ولكنى وافقت فلم أكن أتحمل مجرد يوم آخر على ذمته. وحتى نفقة أولاده رفض دفعها واضطررت لرفع دعوى قضائية وإلى اليوم وبعد ثمانى سنوات حصلت على أحكام يستأنفها ويطلب تخفيضها أو تقسيطها رغم أنه مقتدر.
أما «نادية» فبعد خمسة وعشرين عاما من الزواج فوجئت بزواج شريك حياتها ورفيق رحلة كفاحها من شابة عشرينية تعمل لديه لم تتمالك نفسها من الصدمة وأفاقت لتجد نفسها على سرير أحد المستشفيات وحولها أولادها الأربعة الذين يطالبونها بالرضوخ للأمر الواقع لكنها رفضت حتى مجرد مقابلة زوجها وأصرت على الطلاق لكنه رفض وإزاء تصميمها على الطلاق وتدخل أولاد الحلال انتهى الأمر بالطلاق على الإبراء وتنازلها عن جميع مستحقاتها الشرعية كى تنال حريتها وتداوى جراح كرامتها الموجوعة. ما أوجعها أكثر هو التفاف أبنائها حول والدهم لأنه صاحب المال كما تقول وهم يخشون من توابع غضبه عليهم ورغم أنها سيدة فى أواخر الخمسينيات وليس لها مصدر دخل آخر فإنها صممت على الطلاق وتعيش حاليا على إعانات أولادها السرية.
هذا المشهد تكرر مع «عبير» وهى أم لثلاثة أبناء تركت منزل الزوجية بعد تعدى الزوج عليها بالضرب أكثر من مرة ثم منعها من العمل واستمرت اهانته لها حتى خرجت ولم تعد مرة أخرى لمنزل الزوجية ليمارس الزوج اسوأ أنواع المساومات والابتزاز كما تقول ويجبرها فى النهاية على التنازل عن كل حقوقها وتبريه من كل شىء. المؤسف بالنسبة لعبير هى أن والدتها قبل الزواج أصرت على أن يوقع العريس قائمة العفش لكنه رفض ولأنها كانت تحبه بشدة فقد أقنعته بأن يمضى مقابل ان تسلمها له بعد الزواج وهو ما حدث فعلا وتقول لو لم افعل ذلك لتمكنت من حفظ بعض من حقوقي.
إسلام عامر نقيب المأذونين يؤكد أنه من خلال سنوات خبرته الطويلة ومن واقع السجلات فان 90% من حالات الطلاق فى مصر تكون على الإبراء وقليل من الرجال من يعطون زوجاتهم حقوقهن الشرعية ويعترف بان اغلبهم يساومون المرأة على الطلاق على الإبراء لانهم يعرفون ان منحها حقوقها الشرعية سيكلفه مالا طائلا وهو ما قصدته الشريعة بضمان حقوق المرأة لكن النساء يتنازلن مكرهات وكارهات لانها تحلم وتتمنى اليوم الذى ينتهى فيه الكابوس الذى تعيشه ويقول فى الشريعة هناك عدة أنواع من الطلاق الرجعى والبائن والخلع وطلاق القاضى واذا طلق الرجل زوجته غيابيا أصبح من حقها كل النفقات الشرعية وان طلقها على الابراء فلا إثم عليه شرعا لان الطلاق فى هذه الحالة يشبه الخلع ويلقى نقيب المأذونين باللوم على النساء لأنهن يتنازلن بارادتهن فى حين انها لو رفعت دعوى قضائية لكسبتها وضمنت حقوقها لكنهن يفضلن الابراء وهو ما لا يشجعهن عليه ويقول لا تننازلى عن حقوقك مادام يمكنك الحصول عليها حتى لو بالمحاكم.
محسن السبع محام يقول إن بإمكان السيدة رفع دعوى طلاق للضرر او للشقاق والحصول على مستحقاتها الشرعية وليس صحيحا ان المحاكم حبالها طويلة ودعوى طلاق للضرر تستغرق ما بين عام وعام ونصف لكن اغلب النساء يلجأن للحل الأسهل ويخشين من الدخول فى دوامة المحاكم وان لم تستطع المرأة إثبات الطلاق للضرر المادى مثل التعدى عليها بالضرب أو عدم الإنفاق أو الهجر يمكنها رفع دعوى الطلاق للشقاق أو استحالة العشرة وغالبا ما يأتى الحكم لمصلحة السيدة لكنها تكون فى حالة نفسية صعبة وتعتبر وقتها أن الخسائر المادية هى أقل الخسائر.
انتصار السعيد رئيس مؤسسة القاهرة لدراسات التنمية والقانون توضح أن اغلب النساء لا يعرفن حقوقهن ويخشين من اللجوء إلى القضاء وذلك لوجود عدد من الثغرات فى القانون يستغلها الأزواج أحيانا لاسقاط حق الزوجة الشرعى مثل قانون الطاعة فهو يقوم برفع إنذار بالطاعة يتم تسجيله فى قلم المحضرين ولا يسجل فى المحكمة وقد يصل إلى المرأة أو لايصلها واذا لم تعترض عليه خلال ثلاثين يوما أصبحت ملزمة بتنفيذه وإلا اعتبرت ناشزا وسقطت حقوقها الشرعية وكى تثبت المراة أن الإنذار لم يصلها اوأن العنوان لم يكن عنوانها فهذا من الصعب جدا وتطالب السعيد باعادة النظر فى قانون الأحوال الشخصية فى مصر فهذا القانون عمره مائة عام ورغم التعديلات المتلاحقة التى أدخلت عليه فإننا بحاجة إلى قانون جديد متكامل وتطالب بإلغاء دعوى الطاعة وإعادة النظر فى قوانين الرؤية والثروة المشتركة وتعدد الزوجات باشتراط الموافقة الكتابية من الزوجات على اقل تقدير.
انتصار السعيد - اسلام عامر
رابط دائم: