رئيس مجلس الادارة
عبدالمحسن سلامة
رئيس التحرير
علاء ثابت
بمناسبة احتفالنا فى مصر والعالم العربى بذكرى انتصار حرب أكتوبر أتذكر يوم أن اتصل بى النجم الراحل أحمد زكى طالبا منى الحضور إلى مستشفى دار الفؤاد حيث يعالج وكان ذلك فى أيامه الأخيرة واختار لى عددا من الخطابات التى تصل إليه من محبيه وطلب منى أن أقرأ عليه واحدا منها بصوت مسموع وكانت كل كلمة منه تحمل جرعة معنوية كبيرة إليه فى أصعب فترات حياته. تقول الرسالة: «الأستاذ أحمد زكي.. إننى وجيلى لم نعاصر زعماء مصر السابقين ولم نعرف الكثير عنهم، لكن ببراعتك الشديدة جعلتنا نعرفهم بل نحبهم وأكثر من ذلك أنى شعرت وكأننى عاصرتهم «هذه الجملة طلب منى أن أرددها مرات» ويومها شعرت بأنه يريد أن يقول أنا انتصرت على الذين هاجمونى وانتصرت للأجيال التى انتصرت لي، فرغم بساطة كلمات الخطاب فإنه كان بمنزلة الجائزة التى تمناها وانتظرها،جائزة تقديمه فناً يبقى ويعيش للأجيال وهو ما تحقق فانتصر حيا وميتا. وبكل تأكيد لولا إصرار أحمد زكى على تقديم فيلم «أيام السادات» ما كانت هناك جهات سوف تدعمه بل إن كثيرا من المحسوبين على ما يسمى التيار الناصرى هاجموا الفيلم قبل أن يخرج إلى النور منذ ان كان فكرة حتى يوم العرض الخاص قال ضاحكا: «كنت أريد أن أكتب على الدعوات :ممنوع الحضور بالأفكار المسبقة وقبل عرض الفيلم سألته فى أحد الحوارات: ماذا تقول، منذ الآن، للذين يستعدون لتوجيه الانتقادات إليك، على خلفية سياسية لا على خلفية فنية؟ أجاب : أنا من حزب الخير والجمال وهو حزب الفن، هذا الحزب مع الجميع ومع الشرفاء من أبناء الوطن، فأنا قدمت فيلما عن جمال عبد الناصر والآن أقدم آخر عن أنور السادات، وأنوى فى المستقبل تقديم فيلم عن الرئيس مبارك صاحب الضربة الجوية التى فتحت باب نصر أكتوبر 1973، وهذا يعنى أننى واحد من الشعب لا أتحيز إلى مرحلة على حساب أخري، لأن هدف كل الزعماء كان سعادة المواطن البسيط والعمل على تخفيف الأعباء عنه،وأنا شخصيا قلت مائة مرة وأقول اليوم إننى ابن الثورة التى سعدت كثيرا لانتصاراتها، وتجرعت مرارة هزائمها، وعندما قدمت فيلما عن عبد الناصر تناول مرحلة مهمة من مراحل حكمه هاجمنى البعض، وبالنسبة إلى «أيام السادات»، تحمست لهذا المشروع الفنى منذ سنوات طويلة، وكان يفترض بى أن أؤديه قبل «ناصر 56»،والآن أتوقع أن أهاجم. ولا أعرف سبباً لهذا الهجوم،المهم اننى أشعر أنى أقدم «وحدة وطنية» من خلال أعمالى الفنية التى تهدف إلى تخليد إنجازات الزعماء بعيدا عن المهاترات والخلافات السياسية، لأن السينما تنحاز إلى الحق والصدق والجمال. واليوم أتذكر واحدة من الضربات التى تلقاها الفيلم فبعد الحروب الكثيرة التى تعرض لها للنيل من «أيام السادات» وتسريب نسخته قبل العرض، وغيرها من المحاولات غير الإنسانية للنيل منه،جاء موعد مسابقة المهرجان القومى للسينما، وفى سنة مشاركة الفيلم فى المسابقة كان معظم أعضاء لجنة التحكيم من أصحاب التوجه الناصرى برئاسة المخرج توفيق صالح، ويومها كتبت مقالا بعنوان: «الناصريون حرموا السادات من الجوائز»، وبعدها بفترة هاتفنى نجمنا الكبير للذهاب إلى منزله وأخذ يعدد لى كم الجوائز التى حصل عليها، وهى تزيد على 50 جائزة دولية ومحلية، ويومها علق على الجوائز وهو يضحك قائلا: «لقد خلطوا السياسة بالفن»، وأضاف: أنا مش محتاج جوائز أنا «محتاج العدل». إنجاز وطنى وفنى كبير بكل المقاييس. هذا أقل وصف لما فعله أحمد زكى على مدى مشواره الفنى فلولاه ما كانت الأجيال سوف تشاهد مشاهد من حياة الرئيس الراحل أنور السادات على الشاشة، وهنا تأتى قيمة الفن الذى ينحاز للحق والجمال وتأتى أيضا قيمة الفنان الذى حرص على إظهار بطولات الزعماء. مشوار أحمد زكى الحافل بالأعمال الفنية المشرفة يؤكد أنه كان يريد أن يحتل القلوب أو كما قال فى ختام فيلم «حليم»: يهمنى لما أموت أفضل محافظ على مكانتى فى قلوبكم».