عوامل عدة قد تؤدى إلى إصابة شخص أو آخر بفيروس كورونا، ومن بينها غياب قناع الوجه الواقى أو الكمامة. ولذلك، لم يكن رفض الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ارتداء الكمامة العامل الوحيد الذى تسبب فى إصابته.
ولكن ما صار يُعرف فى الولايات المتحدة بقضية الكمامة يحظى الآن بمساحة أوسع فى الجدل الذى تصاعد حول جائحة كورونا بعد إصابة ترامب. فقد استخف الرئيس الأمريكى كثيرًا وطويلاً بغطاء الوجه، وسخر أحيانًا ممن يرتدونه، وأكد أنه لا يضمن الوقاية من الفيروس. وكان فى موقفه هذا خلط معتاد فى خطابه العام بين الصواب والخطأ. الحديث عن أن ارتداء الكمامة لا يقى بالضرورة من الفيروس صحيح، ولكن ليس لأنها غير مهمة، بل لضرورة مراعاة إجراءات أخرى أهمها التباعد الاجتماعى، والحذر عند الوجود فى أماكن مغلقة خاصًة عندما تكون ضيقة أو سيئة التهوية. لم يقل ترامب إن ارتداء الكمامة لا يكفى، بل قال ما معناه إنها ليست مهمة. والفرق شاسع بين عدم الكفاية, وعدم الأهمية0
وقبل 48 ساعة فقط على إعلان إصابته، كان يحتفظ بالكمامة فى جيبه, رغم أن موضوع كورونا كان ضمن برنامج المناظرة الانتخابية الأولى التى خاضها ضد المرشح الديمقراطى جو بايدن مساء 29 سبتمبر بتوقيت الولايات المتحدة، وبعيد فجر اليوم التالى حسب التوقيت فى منطقتنا.
ربما أراد تحييد هذا الموضوع، وعدم خسارة ناخبين لا يرتدونها دائمًا وآخرين يلبسونها طوال الوقت0 ولكنه, مع ذلك, سخر من منافسه خلال المناظرة نفسها لأنه يرتديها طوال الوقت. وربما أراد من الاحتفاظ بالكمامة إضعاف قدرة بايدن على استغلال وفاة أكثر من مائتى ألف أمريكى بسبب فيروس كورونا. وهذا ما سعى إليه بايدن فعلاً، وإن فاته التذكير بأن الكمامة مكانها على الوجه وليس فى الجيب.
وليس معروفًا بعد كيف سيتعامل ترامب مع قضية الكمامة بعيد شفائه. فهل يراجع موقفه ويكف عن الاستهانة بها، وبالتالى يرتديها، أم يواصل الاستخفاف بها ويجد فى شفائه ما يدعم حديثه المتكرر عن أن خطر الفيروس أقل من الخطر المترتب على غلق الاقتصاد أو بعض قطاعاته.
لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد رابط دائم: