رئيس مجلس الادارة

عبدالمحسن سلامة

رئيس التحرير

علاء ثابت

رئيس التحرير

علاء ثابت

الوجه الآخـر للزعيم

د.هبة عبدالعزيز

مثلما وحد الأمة من المحيط الى الخليج على حلم الوحدة العربية، امتلك خفة ظل أصيلة تنبع من تراب الأرض المصرية، وكما تحدى قوى الاستعمار العالمى، جعل من النكتة سلاحه الخفى لعبور نفق الأزمات السياسية المظلم، ومثلما تحول إلى قبلة يقصدها كل الثائرين الذين يحلمون بتحرر أوطانهم و كرامة شعوبهم، جاءت تعليقاته الساخرة بلسما يخفف من احتقان التوترات المختلفة.

اختلف مع عبدالناصر كما شئت.. كن من حوارييه أو كن من كارهيه.. تمثل فيه ايقونة الرومانسية القومية المفقودة او ضعه تحت ميكروسكوب النقد الحاد العنيف، لكنك لن تنكر ابدا انه ابن بار لهذه الأرض الطيبة التى منحته وهج الكاريزما وبريق الاصالة وشموخ الكبرياء وتلقائية السخرية وحضور الافيهات

..............................

مصوغات تعيين الوزراء

ويروى الأستاذ سامى شرف الذى شغل منصب مدير مكتب الرئيس عبدالناصر كيف انه فى أواخر شهر ابريل سنة 1970 وبعد تعيين حسن التهامى وسعد زايد وسامى شرف ومحمد حسنين هيكل أعضاء فى مجلس الوزراء، أبدى محمود الجيار نوعا من الاعتراض وعدم الرضا لاستبعاده من هذه التعيينات فما كان من ناصر الا ان استدعاه إلى مكتبه واستفسر منه عن وجهة نظره، فكان رده أن خدمته الطويلة وإخلاصه للرئيس تؤهلانه ليكون وزيرا، فقال له ناصر إن مؤهلات تعيين الوزير تشمل مسائل وضوابط ومقومات أكثر بكثير مما ترى يا محمود وعلى العموم سوف أسألك سؤالا محددا لو أجبته سوف أعينك وزيرا وابتسم محمود الجيار فى ثقة وقد تهيأ نفسيا لقرار التعيين وسأله ناصر: ما هى عاصمة جامبيا يا محمود؟!.. لو عرفت تجاوب عن هذا السؤال سأصدر قرارا بتعيينك وزيرا

وهنا شلت المفاجأة لسان الرجل ولم يعرف كيف يجيب، وخرج من مكتب الرئيس دون ان ينطق بكلمة..

«ونحن بدورنا - عزيزى القارئ - نطرح عليك نفس التساؤل فهل عرفت الاجابة؟ على اية حال جامبيا هى اصغر دولة افريقية وتقع اقصى غرب القارة السمراء اما عاصمتها فهى بانجول» فهل تصلح مثل هذه المعلومة الآن كأحد مصوغات تعيين الوزراء!

سلاح «النبابيت» المصرى

الطريف أن ناصر فى اشد اللحظات السياسية توترا كثيرا ما كان يحلو له استخدام مفردات منحوتة من عمق التراث المصرى بحيث لا يوجد لها مرادف فى اى لغة أخرى وبقدر ما كان ذلك يعبر عن مدى توحد القائد مع شعبه، بقدر ما كان يسبب حيرة فى الدوائر الدولية ويضع المترجمين فى موقف لا يحسدون عليه.

سئل ناصر ذات مرة فى المؤتمر الصحفى العالمى الذى عقده عقب العدوان الثلاثى عن احتمالات أن يلقى مصير رئيس الوزراء البريطانى انتونى إيدن الذى فقد منصبه بسبب معركة 1956فرد قائلا: «انا مش خرع» مثل ايدن، وبالطبع احتار دليل ممثلى الإعلام العالمى وغنوا ظلموه وهم يبحثون عن مرادف مناسب لكلمة «خرع» فى اللغة الإنجليزية «بس مفيش فايدة»، وفى موقف آخر استخدم ناصر تعبير «النبابيت» حين قال: إن لم نجد سلاحا فسوف نحاربهم بالنبابيت، ويبدو أن مندوبى الإعلام العالمى كانوا قد استوعبوا الدرس، فجاءت ترجمتهم.

«we will fight them by nababeet»

وهنا اشتعل الرعب فى عواصم العالم ظنا منهم أن المصريين توصلوا لسلاح سرى جديد اسمه النبانيت.

آخر نكتة

وكان رحمه الله يتمتع بحس ساخر حتى اثناء اللحظات العصيبة على مستوى الامة، ومن ذلك قوله فى خطاب شهير له بعد نكسة 67: «احنا من غير ما نعرف نسمع الاذاعات ونرددها ونقول ما فيش فايدة.. الشعب المصرى يسمع اى حاجة وينكت عليها.. تعرفوا موجة النكت اللى طلعت فى الايام اللى فاتت؟ انا عارف شعبنا، طبيعته كده وانا لم آخذ الموضوع بطريقة جدية، وعارف الشعب المصرى كويس.. ما هو انا منه واتربيت فيه، كل واحد اما يقابل واحد يقول له سمعت آخر نكتة، ويحكى.. وممكن يستخدمونا بأن تقال بعض النكت اللى تأثر على كرامتنا، كرامتنا كشعب له طلائع قاتلت وماتت».

«ولكن انا عارف الشعب المصرى.. ده شعب عمره 7 آلاف سنة، وقهر كل الغزاة وكسرهم، خلص عليهم من قمبيز الى نابليون، وقعد ينكت عليهم، شعب له فلسفة وطنية وشعب صلب، قوى، هو شعب يحب النكتة وانا باعتبر ان دى ميزة لانه بيفلسف بيها الامور، فاذا جه اعداؤنا واستغلوا فينا هذه الطبيعة عشان يحققوا اهدافهم لازم نكون ناصحين».

حملة الحكيم

كثيراً ما كان اسم عبدالناصر يتم توظيفه فى مداعبات لا تنتهى منها أنه عندما عاد من زيارته الشهيرة إلى روسيا وجد حملة عنيفة على توفيق الحكيم فى الصحف، وفى صحيفة الجمهورية بصفة خاصة. هذه الحملة خلاصتها أن توفيق الحكيم اقتبس روايته الأخيرة عن أفكار الكثير فى مصر وفى الدنيا.. يعنى توفيق الحكيم مقتبس أو سارق. ويقال إن الرئيس عبدالناصر قد تضايق.. فقد وجدهم فى روسيا ينسبون كل الاختراعات إليهم.. فهم الذين اخترعوا التليفون وليس الأمريكى «بل» وهم الذين اخترعوا الراديو وليس الإيطالى ماركونى وهم الذين أخترعوا القطار وليس الإنجليزى ستيفنسون، وهم الذين اكتشفوا الميكروبات وليس الفرنسى باستير.. فالروس يجردون العلماء الأجانب من كل اختراعاتهم وينسبونها إلى علمائهم.. بينما نحن ــ والاستنكار على لسان ناصر ــ نجرد أديبنا الكبير توفيق الحكيم من كل إبداعاته وننسبها للآخرين!. وتوقفت الحملة على توفيق الحكيم.

وكان الحكيم سعيداً بهذه النهاية لولا أن شيئاً واحداً ضايقه جداً، ولا يعرف ماذا يفعل. فهو يرى أن الذين هاجموه فى شهور قد تقاضوا أجراً على ذلك.. فلماذا لا يتقاضى تعويضاً عن هذه البهدلة وهو ما يعادل مرتبات كل الذين هاجموه.. ولما قال له كامل الشناوى: إنهم لم يتقاضوا مرتباتهم من شهور.

قال الحكيم: علشان كده بيهجمونى؟ طيب ما تقولوا للرئيس يدفع لهم أى حاجة كده.

وقال له مصطفى أمين: إن الرئيس أمر لك بمكافأة عشرة آلاف جنيه..

ـ شهرياً؟

ـ لا.. سنوياً.

ـ كل البهدلة دى بعشرة آلاف جنيه بس

ـ أحسن من مفيش.

ـ لا مفيش أحسن.. فقد كنت أستمتع بالشتيمة.. لأنهم كانوا يتناولون جوانب غريبة من مؤلفاتى. وأشياء لا تخطر على بالى.. حتى فكرت فى أن أكتب مسرحية بعنوان «مدرسة الفضائح الجديدة».. بشرط أن يقررها الرئيس على المدارس.. فإذا فعلت كسبت من ورائها عشرات الألوف.

رابط دائم: 
اضف تعليقك
البريد الالكترونى
الاسم
عنوان التعليق
التعليق